طوفان الأقصى .. فشل استخباري وسقوط نظرية الأمن الاسرائيلي

صباح نوري العجيلي

تدخل معركة (طوفان الأقصى) الدائرة في غزة وفي فلسطين المحتلة منذ السابع من شهر تشرين الجاري  في نطاق مايسمى بالحروب اللامتماثلة او اللا متكافئة والتي تجري بين جيش معتدي  متفوق مادياً وقوة غاشمة مسندة من قوى عالمية وبين حركة مقاومة شعبية ضعيفة الامكانات ولكنها تؤمن بقضية عادلة ومشروعة و يمتاز مقاتلوها بمعنويات وارادة قتال عالية .  وهذه الحروب خليط ومزيج بين الأساليب المادية والمعنوية والعقائدية وتشتمل على حروب العصابات والعمليات الخاصة والتمرد والعصيان والحرب الالكترونية و الحرب النفسية.

لقد نجحت المقاومة الفلسطينية في مباغتة قوات الاحتلال وتضليل وخداع أجهزتها الاستخبارية والأمنية ووكالات ومصادر الاستخبارات بضمنها المحلية داخل غزة وبالتالي  تمكنت من نقل المعركة الى العمق الاسرائيلي والاخلال بتوازن العدو وقياداته و ايقاع الخسائر به ومسك الرهائن والأسرى وبأعداد غير متوقعة.

مقالات ذات صلة

 

أنهيار ثان لنظرية الأمن الاسرائيلي

وضعت اسرائيل منذ عام 1948  مسألة الامن القومي في قمة اولوياتها وبلورت استراتيجية متكاملة لمفهوم الامن وسبل تحقيقه ووظفت إمكانات مالية واقتصادية  وتعليمية وثقافية كبيرة لخدمة استراتيجيتها الامنية . وبقيت قضية الامن الاسرائيلي هي القضية المركزية .

لقد حققت طوفان الاقصى أنهيار ثان لنظرية الأمن الاسرائيلي  واسطورة الجيش الذي لايقهر على يد رجال المقاومة  بعد خمسين عاما بعد ما انهارت لأول مرة في حرب تشرين المجيدة عام 73 على يد الجيوش العربية وتمكنت المقاومة الفلسطينية في طوفان الاقصى من تحطيم غرور القوة والصلف الاسرائيلي وكسر صورة الالة العسكرية الصهيونية المتفوقة والتي لا تقهر وكان اختراق الجدران الحصينة خط بارليف وسياج غزة الذكي عاملا مشتركا بعمليات الأنهيار وأصبح شهر تشرين / اكتوبر تاريخ جامع للحدثيين الذي يسجل لصالح العرب كما كانت الاعياد الدينية اليهودية عيد الغفران عام  73 وعيد العرش اليهودي في 7  تشرين الحالي هما  المناسبتين التي نجح العرب في أستغلالهما لمفاجأة ومباغتة قيادات وعناصر العدو .

 

أجراءات التضليل والمخادعة

تراكمت الخبرات القتالية والتجارب  لدى رجال وقيادات المقاومة الفلسطينية عبر صراعها الطويل الذي يمتد منذ عام النكسة 1948 والتعرض والمباغتة والعزم على هزيمة العدو المغتصب كان سر نجاح المقاومة الباسلة في بلوغ اهدافها في الميدان  ومن أجراءات التضليل والمخادعة :

  • انتخاب توقيت الهجوم بدقة والذي يصادف عطلة يوم السبت وعيد العرش اليهودي وكان عيد الغفران موعدا لحرب تشرين
  • أستحدثت المقاومة شبكة اتصالات سرية ثانية غير تلك المخترقة من قبل العدو
  • نفذت المقاومة معركة هاتفية تحاكي العملية ومراحلها قبل يوم من التنفيذ ولكن الجانب الاسرائيلي اهملها لتكرار الفعاليات والتي اصبحت من وجهة نظر العدو عمل روتيني.
  • جمعت المقاومة معلومات استخبارية دقيقة عن المستوطنات والمواقع الاسرائيلية بوقت مسبق ووضعت الخطط لطريقة التعامل عند السيطرة عليها
  • تفجير جدار غزة المسمى بالذكي و أستهداف كاميرات المراقبة وعمل الفتحات لدخول المقاتلين الى الارض المحتلة
  • الاختراق والتشويش على شبكة الاتصالات المعادية .
  • تطوير التقنيات والاسلحة والتنوع باساليب القتال واستخدام الطائرات الشراعية والدراجات البخارية في التنقل والهجوم رغم الحصار الشامل على غزة منذ قرابة عشرين سنة
  • التعرض من البر والبحر والجو بالتزامن مع الضربات الصاروخية التي طالت حتى تل أبيب عاصمة اسرائيل ، والتي تذكر العالم والعرب بالضربات الصاروخية العراقية عام 1991

 

 

الخلاصة:

 

أمتازت المعركة من الناحية العسكرية  بالتخطيط المسبق والقيادة الشجاعة و الاستحضارات الجيدة والنجاح في مباغتة العدو بالتوقيت والاساليب والادوات والاسلحة المستخدمة والجرأة والاندفاع والتضحية في التنفيذ الذي يعكس ارادة قتال عالية دافعها الإيمان بالله وعدالة القضية الفلسطينية  الى جانب أعداد وتاهيل المقاتلين عسكريا ومعنويا ونفسيا .

لقد نجحت المقاومة في تحقيق اهدافها من الناحية العسكرية ومازالت قيادات العدو السياسية والعسكرية في حالة تخبط وذهول وارتباك وكما هو متوقع ومعروف كان رد فعل العدو هو استهداف غزة عن بعد باستخدام الطيران الاسرائيلي لقتل وتهجير المدنيين وتفجير الابراج والاحياء وتحشيد قواته البرية للتهديد باجتياح المدينة بعد ما عجز عن السيطرة على محيط غزة الا بعد 72 من بداية المعركة .

وكما هو متوقع أيضا وقوف الولايات المتحدة الى جانب اسرائيل وبدورها فتحت الأبواب لتقديم الاموال والاسلحة والذخائر الضرورية لاسيما المتعلقة بمنظومة القبة الحديدية التي تقاطع وتتصدى لصواريخ المقاومة ، وحركت حاملة الطائرات (جيرالد فورد) الى شرق المتوسط لردع ايران وحزب الله ومنعها من الاشتراك بالحرب.

مهما بلغ العدوان مداه فان ارادة الشعوب سوف تنتصر بالنهاية على الرغم من قوة وتعسف العدو وحلفائه.

 

( يا ايها الذين آمنو إن تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم )

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى