يلاحظ المراقبون أن مخططي التحوّل نحو التشيّع سواء كانوا في إيران أو في العراق، لم يضعوا في برامجهم أو اهتماماتهم التحرك على غير المسلمين سواء من المسيحيين أو من أتباع الديانات الأخرى وخاصة الديانات المنتشرة في آسيا وأفريقيا، ولو لمرة واحدة، وهذا نابع عن شعور بالعجز عن تأدية هذه المهمة لأنها تتطلب انفاقا ماليا وطرحا علميا يستدعي تقديم حجج عقلية مقنعة عن قيم الإسلام، وهم لا يمتلكون الحد الأدنى من المعارف الإسلامية الصحيحة المستندة إلى القران الكريم أو السنة النبوية الشريفة، باستثناء الخرافات والأساطير التي ظلوا يروجون لها منذ عدة قرون فظلوا نتيجة ذلك ديناً ضئيل الأتباع وسط محيط واسع من المسلمين الحقيقيين، وهذا هو الذي أثار تساؤلات في أوساط عموم الشيعة عن صواب معتقداتهم، فوضع المعممون الخطط لتخطّي هذه الحقيقة المرة، فتحولوا إلى لص يسطو على قوافل التجار فيسرق جهدهم وأموالهم.
هذا من جهة ومن جهة أخرى هم يسعون إلى الظهور أمام القوى الدولية الكبرى وهي مسيحية أو بوذية كما هو حال الصين أو هندوسية كما حال الهند بأنهم متسامحون ويرفضون التبشير لدينهم في أوساط الديانات الأخرى في العالم، ولأن إيران لا تريد إرباك علاقاتها الدولية في قضايا ثانوية، فقد وجهت كل طاقتها للتحرك على أتباع المذاهب الإسلامية الأربعة طارحة حديثا زائفا عن حب آل البيت.
إن المراجع الشيعة في إيران والعراق على اختلاف توجهاتهم الموالية للولي الفقيه أو التي تزعم رفض ولاية الفقيه تقية، كانت تجمع على أمر واحد وهو تحويل العراق إلى ولاية إيرانية سياسياً ومذهبياً وإدارياً كي تسخّر موارده في دعم الانتشار الشيعي في آسيا وأفريقيا وتخفيف الأعباء المالية والسياسية عن إيران وتوزيع المسؤولية في الجهد البشري.
هل يمكن تفسير السلوك الإيراني في العراق وسوريا واليمن بأنه جرائم ضد الإنسانية كونها اضطهاد متعدد الوجوه ومتعمد للمدنيين على أساس عدد من العوامل مثل العامل الديني أو المعتقد المذهبي؟
يعدّ من الجرائم ضد الإنسانية كل فعل يرتكب من قبل المسؤولين الحكوميين أو بموجب أوامر تصدر عنهم أو بعلمهم، وتشمل أعمال العنف والضغط والإبادة والتغييب والسجن واستعباد البشر.
والجرائم ضد الانسانية ترتكب بسبب الدعم الرسمي لسلوك مجموعات مسلحة تتطابق مع الحكومة في المعتقد لفرض رؤيتها بقوة السلاح على السكان بهدف تغيير معتقداتها، فإذا شجعت سلطة ما على مهاجمة مكون ديني أو مذهبي، فإنها تكون قد ارتكبت جرائم ضد الإنسانية لأنها ستصدر بعض القوانين التي تحظر ممارسة أفعال معينة تخص الدين أو المذهب الآخر، كما يمكنها أن تحرّض المواطنين الآخرين ضد أتباع الدين المستهدف، وغالبا ما يكون كبار المسؤولين متهمين بجرائم ضد الانسانية عندما تتم عمليات تغيير التركيبة السكانية استنادا إلى العرق أو الدين أو المذهب.
وما حصل وما زال يحصل في العراق منذ الاحتلال، وخاصة أنشطة المليشيات المسلحة التي عادة ما توصف بأنها جزء من القوات المسلحة ومرتبطة بالقائد العام يقع ضمن توصيف جرائم ضد الإنسانية تتحمل تبعاتها الحكومات المتعاقبة، فما حصل في العراق من قتل وتهجير واعتقال خارج القانون وتغييب في معتقلات سرية، كلها جرائم ضد الانسانية لا تسقط بالتقادم.
ولكن المسؤولية الأخلاقية لا بد أن تطال الولايات المتحدة التي ارتكبت جرائم حرب أثناء غزوها واحتلالها للعراق بحجج أكد أكثر من مسؤول أمريكي بمن فيهم رؤساء أنها كانت حربا خاطئة واستندت إلى أكاذيب، ثم جاءت واشنطن بهذه القوى التي جاءت من وراء الحدود وسلمتها الحكم بعد أن جعلت العراق ساحة لعبث إيران.
ومع ذلك هناك سؤال حائر عن أسباب التلاقي الأمريكي الإيراني حد التطابق رغم كل ما يطرح عن تصادمات هنا وهناك؟
تبقى إيران خارج كل معادلات الدول، لأنها عصابة خارجة على كل القوانين الدولية وتحرك أدواتها لابتزاز المجتمع الدولي، وفي نفس الوقت تحظى بحماية الاتحاد الأوربي وروسيا والصين وحتى الولايات المتحدة.
799