أقتصاد رقمي …. وعالم افتراضي

دراسة علمية

المحتويات

أولاً: المقدمة

ثانياً: ما المقصود بالاقتصاد الرقمي

ثالثاً: الفرق بين الاقتصاد التقليدي والاقتصاد الرقمي

رابعاً: أهمية الاقتصاد الرقمي

خامساً: أهم مميزات الاقتصاد الرقمي

سادساً: فروع الاقتصاد الرقمي

سابعاً: اهم الاستنتاجات والتوصيات

اولاً: المقدمة

أن التطورات الهائلة التي حدثت في عالم تكنلوجيا المعلومات والاتصالات المختلفة، أدت الى تغيرات جوهرية في أسلوب الحياة بمختلف مجالاتها، العلمية والثقافية والسياسية والاقتصادية، وبسببها ظهرت مصطلحات جديدة غير مطروقة قبل التطورات التي حدثت مؤخراً على تكنلوجيا المعلومات والاتصالات، كالانترنيت والتلفونات النقالة وشبكات الاتصالات المعقدة والمتشابكة، ومن هذه المصطلحات، الاعلام الرقمي والاقتصاد الرقمي والطب الرقمي وغيرها من العلوم..

ومن البديهي ان تؤثر هذه التطورات على مستوى الافراد والاسر والمجتمعات بشكل عام، وعلى الاعلام والاقتصاد والبيئة، وأدت الى التغيير في أساليب ووسائل تنفيذ الكثير من الأنشطة، وعلى وجه الخصوص الاقتصادية منها، وعلى هذا الأساس ظهر مصطلح الاقتصاد الرقمي أو ما يسمى بأقتصاد الانترنت، مما له تأثير مباشر وغير مباشر على المصالح الاقتصادية للدول كافة.. أن هذه الدارسة تسعى الى تعريف القارئ بالاقتصاد الرقمي واهميته ومميزاته وفروعه، وتخلص الدارسة الى ان خلال السنوات القادمة القليلة، سيحل الاقتصاد الرقمي وبشكل تدريجي عن الاقتصاد التقليدي، وفي الأخير سنحدد أهم الاستنتاجات والتوصيات التي توصلت اليها الدارسة.

ثايناً: ما المقصود الاقتصاد الرقمي (the digital economy )

بالرغم من عدم وجود تعريف محدد وواضح للاقتصاد الرقمي، ولم يتم الاتفاق على تحديد تعريف له، لكن يمكننا أن نعرف الاقتصاد الرقمي، بأنه مجموعة الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية الناتجة عن الاتصالات اليومية عبر وسائل الاتصال الاجتماعي كالانترنيت التي مرتبطة بشبكه عنكبوتية، تسهل على الأشخاص والمؤسسات والشركات الترابط فيما بينها وتتيح لها من استكشاف العالم والحصول على معلومات دقيقة عن جميع الأنشطة الاقتصادية المتاحة وفي أي مكان في العالم، وتمكنهم من القيام بأجراء عمليات تجارية متعددة ومعقدة، وتمكنهم من شراء كل ما يريدون وبأسرع وقت ممكن.

أن الاقتصاد الرقمي يعتمد بشكل أساس على تقنيات الحاسوب الرقمي، وذلك من خلال أسواق تعتمد على الانترنيت وشبكة الويب العالمية.

ويشير هذا المفهوم الى تلك الشبكة العالمية المعقدة التي تضم كافة الأنشطة الاقتصادية والتفاعلات العملية والمهنية، والمعاملات التجارية التي يتم تقويتها وتطويرها عبر مجموعة من التقنيات الخاصة بالمعلومات والاتصالات..

اصبح مصطلح الاقتصاد الرقمي من اكثر المفاهيم استعمالاً في وقتنا الراهن وذلك بسبب التطور العلمي الذي طال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، واصبح متداولاً بشكل سريع في مجالات الاقتصاد وفي ظل التحول الرقمي الذي ينتج عنه مليارات الاتصالات اليومية عبر الانترنيت، بين الأشخاص والمؤسسات والشركات..

ومن بين اشهر الشركات العالمية العملاقة والتي تعتمد على نظام الرقمية، والتي تمتلك البنى التحتية اللازمة لإنجاز أعمالها هي شركة غوغل، وأبل، ومايكروسوفت، هواوي، وعلي بابا، وأمازون، والتي حققت أرباحاً خيالية، وهي اعلى الأرباح في العالم بسبب استخدامها التكنولوجيا الرقمية. وعلى سبيل المثال لا الحصر بلغت حجم السيولة التي يمكن أن توفرها الاقتصاد الرقمي، حيث بلغت حجم الأصول المالية لعام 2019 لكل من، على بابا 160 مليار دولار، وامازون 860 مليار دولار، ومايكروسوفت 193 مليار دولار…

لذا فان الاقتصاد الرقمي هو اقتصاد مبني على نظام يحركه وينظمه، المعرفة وانتشار المعلومة والسيطرة عليها، حيث تتنافس الشركات على استقطاب المواهب البشرية، وراس المال البشري المؤهل من أجل الوصول الى اكبر فرصة ممكنه لعملية التطوير والتغيير.

ان الاقتصاد الرقمي يعتمد على الانتشار الواسع والسريع للشبكه العنكبوتية والتي تتيح للجميع، المعلومات التي تعني بالاعمال والمنتجات والصناعات المختلفة وتمكنهم من شراء ما يرودونه ومن أي مكان في العالم.

فالاقتصاد الرقمي، هو ذلك الاقتصاد الي يقوم في مجمل عملياته على المعلومات الدقيقة والمتجددة ويعتمد بتنفيذ تلك العمليات على استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، هذه التكنولوجيا التي تمكنت من الغاء الحدود والحواجز واختصرت المسافات والزمن في آن واحد وسهلت على الافراد والمؤسسات والشركات من  الحصول على المعلومات والسلع والخدمات وحركة رؤوس الأموال من والى ابعد نقطة في العالم.

ومن وجهة نظرنا فأن مصطلح الاقتصاد الرقمي، يمثل جميع الفعاليات والنشاطات الاقتصادية والتجارية والمالية والتي تعتمد على التقنيات الرقمية من خلال استخدمها للانترنت والويب العالمي ووسائل الاتصال الأخرى.

لذلك نجد هناك اختلاف بين الاقتصاد الرقمي واقتصاد الانترنيت أن اقتصاد الانترنيت يعتمد على الاتصال بالانترنيت، أي كوسيلة يتم استخدامها، في حين أن الاقتصاد الرقمي يعتمد بشكل أوسع وادق واكثر تعقيداً عن أي من الوسائل والأدوات الرقمية العديدة والمستخدمة حالياً.

ثالثاً: الفرق بين الاقتصاد التقليدي والاقتصاد الرقمي

لا بد من وجود فرق بين الاقتصاد التقليدي والاقتصاد الرقمي.. فكلاهما يعتمدان على الاسس النظرية الاقتصادية المعروفة، وفي اعتقادنا ان الخلاف الجوهري بينهما يكمن بعملية الانتقال الى استخدام تكنولوجيا المعلومات المتطورة، بالإضافة الى ذلك وبسبب الانتقال التدريجي الى استخدام التكنولوجيا المتطورة يظهر لنا من وجود خلافات أخرى، ففي الاقتصاد التقليدي تكون الأسواق فيه مستقرة وبطيئة الحركة، على العكس فالأسواق في الاقتصاد الرقمي تتميز بالحركة والسرعة ولا يمكن التنبؤ بها.. وفي الاقتصاد التقليدي تكون حدود المنافسة فيه على مستوى الوطني والقومي، بينما في الاقتصاد الرقمي تكون المنافسة عالمية وفي اطار الاقتصاد المعولم. وفي الاقتصاد التقليدي تكون البنية الاقتصادية تصنيعية في جوهرها، بينما في الاقتصاد الرقمي تكون خدمية ومعلوماتية، وفي الاقتصاد التقليدي يكون مصدر القيمة يعتمد على المواد الخام وراس مال طبيعي، وكذلك يعتمد على الإنتاج الكبير بينما في الاقتصاد الرقمي، راس المال انساني واجتماعي والانتاج يكون مرناً… فضلاً عن أهمية توفر بنى تحتية تكنولوجية متطورة جداً من أجل تعزيز بناء اقتصاد رقمي يتمكن من تحقيق أهدافه، وهذا ليس بالضرورة توفره بالنسبة للاقتصاد التقليدي.

رابعاً: أهمية الاقتصاد الرقمي

أن العالم اليوم يتجه وبقوة نحو رقمنة الاقتصاد العالمي، حيث بدأت كثير من الدول المتقدمة، من تهيأة جميع مستلزمات البنى التحتية الخاصة بذلك. ولطالما الجميع يسعون الى استخدام الاقتصاد الرقمي، كونه اصبح ضرورة موضوعية واصبح لا خيار امام الجميع غير ذلك.

فمن هنا تكمن أهمية الاقتصاد الرقمي وبشكل خاص بالنسبة للدول النامية، والتي عليها واجب التخطيط من الان للتهيأة المطلوبة من اجل الاندماج في عالم الاقتصاد الرقمي. كون الاستثمار في الاقتصاد الرقمي سيتيح إمكانات واسعة للنمو الاقتصادي والتطور، لان التكنولوجيا الرقمية أصبحت تمثل عنصراً اساسياً في تحقيق التنمية المستدامة في جميع بلدان العالم.. وتكمن أهمية الاقتصاد الرقمي ايضاً على مساعدة الشركات والمؤسسات والافراد في دول العالم الثالث على الربط بالأسواق العالمية بمزيد من السهولة.

 كما أن الاقتصاد الرقمي يعتمد على تحويل اشكال الأداء الاقتصادية التقليدية في الاعمال والتجارة وحركة الأموال الى أنماط سريعة جداً مما يجعلها تحقق نمواً سريعاً في هذه المجالات وذلك بسبب استخدامها لتكنولوجيا المعلومات المتطورة والتي تتطور يوماً بعد يوم كالانترنيت والويب العالمي وبنفس الوقت يوفر الاقتصاد الرقمي مميزة تنافسية للأشخاص الذين يعتمدون على عقولهم في تطوير البرامج وابتكار ما هو جديد من اجل الحصول على اعلى مستوى من الأداء الاقتصادي للاعمال والتجارة وغيرها… ويفتح آفاقاً واسعة للتجارة العالمية واكتشاف وفتح اسواقاً جديدة عالمية وبالتالي يزيد من الإيرادات ويعمل على تنشيط الاقتصاد لاي دولة بشكل كبير… وهذا يصب بتحقيق التنمية الاقتصادية وزيادة دخل الفرد.

فضلاً عن سهولة الحصول على المعلومات وبالامكان الحصول على أي معلومة وفي أي وقت وبشكل سريع وعليه يمكننا القول ان أهمية الاقتصاد الرقمي تكمن في مساهمته في زيادة النمو الاقتصادي للمجتمع ويساهم في نشر المعرفة الاقتصادية كونه يعتمد على التكنولوجيا، لذا اصبح من المهم الاهتمام بتطبيق التقنيات الحديثه المتطورة والعمل على تطويرها بشكل مستمر.

خامساً: اهم مميزات الاقتصاد الرقمي

للاقتصاد الرقمي مميزات كثيرة، تجعله متميزاً عن الاقتصاد التقليدي وسيكون اكثر انتشاراً في المستقبل كون الاقتصاد الرقمي اصبح مرتبطاً بتكنولوجيا الاتصالات ومدى تطور هذه التكنولوجيا في المستقبل ومن اهم ما يميز الاقتصاد الرقمي هو الانتشار الكبير والواسع لحجم البيانات وأمن هذه المعلومات، بحيث اصبح لدى الافراد والمؤسسات والشركات كم هائل من المعلومات والترابط فيما بينها واصبح الامن الخاص بالمعلومات مهم جداً في الحفاظ على هذه البيانات التي لها قيمة كبيرة.. وللاقتصاد الرقمي بنى تحتية متطورة خاصة بها، وبدون هذه البنى التحتية يجعلها عاجزة عن أداء وظيفتها المطلوبه. بحيث وصلت قيمتها بنحو 9 ترليون دولار في عام 2020، وشكلت تكلفة الهواتف المحمولة وأجهزة الكومبيوتر المحمولة فائقة السرعة اكثر من 80% من انفاق الويب العالمي.

وان الاستثمار في الاقتصاد الرقمي يوفر لجميع الدول والشركات والمؤسسات والأشخاص إمكانية واسعة للنمو وتعزيز المنافسة بحيث أصبحت التكنولوجيا الرقمية تمثل عنصراً اساسياً في مسيرة التنمية المستدامة حول العالم خياراً استراتيجياً لاقتصاديات الدول التي تسعى لتطوير قطاعاتها الاقتصادية المختلفة..

وهي تعمل على تسهيل مهمة البيع والشراء والتصدير والاستيراد والدفع من خلال أجهزة الانترنت او غيرها وسائل الكتنولوجيا الحديثة.. فضلاً عن عملها على مساعدة المؤسسات في الدول النامية على الربط بالأسواق العالمية بمزيد من السهولة، وبالأخص في الجانب المالي الى جانب المساهمة في تسويق المنتجات والخدمات في جميع انحاء العالم، بما يؤثر على تنامي المنافسة والإنتاجية والابتكار.

ومن مميزات الاقتصاد الرقمي الاسهام في تداول العقود الالكترونية مما يوفر ضمانات وبيئة آمنة للافراد من اجل انجاز معاملاتهم وسيؤثر ذلك القيام بتغيير القوانين والتشريعات الحالية، وكل ذلك ينتج عنه تشغيل النشاطات والمشاريع الاقتصادية من خلال الانترنت دون الحاجة الى التحريك الفعلي للافراد والمؤسسات..

والاقتصاد الرقمي سيدفع بالجميع الى تعزيز القدرة للاستفادة القصوى من التقنيات الموجودة والعمل على تطويرها لتنفيذ المهام الاقتصادية والتجارية المختلفة.. ومن خلال التجارة الالكترونية أي استخدام الشبكات الالكترونية وقنوات الاتصال الرقمية في بيع المنتجات.

كل ذلك سيؤدي الى نشر مجتمع المعلومات والمعرفة وتشجيع بناء الحكومة الالكترونية والشركات الالكترونية والتجارة والمصارف والإدارة الكترونية وبناء على ما تقدم فان أهمية الاقتصاد الرقمي تزداد سنوياً بسبب ارتباطه بالتطور التكنولوجي والابتكار والابداع الذي يحدث يومياً حيث قدرت قيمة الاقتصاد الرقمي عالمياً بما يقارب (3) ترليون دولار في عام 2010 كما ارتفعت هذه القيمة لتصل الى (11,5) ترليون عام 2016 وهو ما يعادل في ذلك الوقت (15,5%) من اجمالي الناتج العالمي..

وبهذا تكون قد اشرنا الى أهمية الاقتصاد الرقمي هذا الاقتصاد الجديد والمتطور وعلى الجميع أن يبحثون عن أفكار جديدة لمشاريعهم وبالذات ارباب الاعمال والشركات الكبيرة بأن يبذلوا للتعلم والتعرف على مزيد من المعلومات حول الاقتصاد الرقمي واهميته كونه يمثل الوجه الجديد للاقتصاد العالمي ويمثل جزءا كبيراً من حياتنا في المستقبل.

سادساً: فروع الاقتصاد الرقمي

آن الاقتصاد الرقمي يتكون من فرعين أساسيين الفرع الأول هو الاعمال الالكترونية والثاني التجارة الالكترونية، ومنها تتفرع بقية المكونات الفرعية للاقتصاد الرقمي، فالاعمال الالكترونية تعني التحول في الأداء من التقليدية الى الالكترونية فهنالك الإدارة الداخلية والإدارة الخارجية فالاولى تتعلق بتنفيذ الاعمال الإدارة الأنشطة الإدارية داخل المؤسسة، والثانية تتعلق بتنفيذ وإدارة الخدمات الخارجية للمؤسسة. وكذلك تعتبر الارشفة الالكترونية جزء مهم من الاعمال الالكترونية.

اما الفرع الثاني من الاقتصاد الرقمي هو التجارة الالكترونية، وهي جزء مهم  من النشاط الاقتصادي من يبع وشراء وتبادل السلع والخدمات والمعلومات وتوفير السلع والخدمات من خلال استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وكذلك التسوق والاعلان الالكتروني يلعب دوراً اساسياً في تلك العمليات، وهنا يبرز ايضاً دور المحاسبة والرقابة الالكترونية.

ومن اجل توضيح الصورة نعطي مثلاً، وهو عبارة عن خطوت عملية لشراء قميص رجالي، في البداية ندخل على الشبكة العنكبوتية (الويب العالمي)، ونبحث عن قميص رجالي محدد المواصفات في محرك البحث (غوغل)، الذي بدوره سوف يعرض علينا الكثير من النتائج لمتاجر مختلفة تعرض بضاعتها على الشبكه، ومن ثم نقوم باختيار ما يناسبنا ونقرر عملية الشراء، الخطوة التالية ستكون الدفع الرقمي الذي تقوم الكثير من الشركات بتقديم هذه الخدمة الرقمية.

وبعد إتمام عملية الدفع يأتي دور شركات النقل التي بدورها أيضا تعرض خدماتها على الشبكة حيث نتمكن من اختيار الطريقة الأسرع والانسب سعراً لطلبنا… حتى تصلنا البضاعة الى محل سكننا..

ومن هذا المثال يتضح لنا الفوائد الجمه التي تقدمها إلينا التجارة الالكتروينة التي هي احد فروع الاقتصاد الرقمي ومن اهم هذه الفوائد، بساطة وسهولة العملية، دون أن تكلف المشترين أي عناء، كالذهاب الى السوق والبحث عن ما نريد ان نشتريه، كذلك سرعة القيام بالشراء وهذا يعني الاقتصاد بالزمن واستغلاله استغلاً امثلاً وهذا ما يؤدي الى زيادة إنتاجية العمل وبالامكان استغلال الزمن المدخر لانجاز اعمال إضافية… فضلاً عن تحفيز الشركات على المنافسة فيما بينها وهذا سيؤدي الى تحسين انتاجاتهم وتطويرها وبما ينسجم مع اذواق المستهلكين…

مما يؤدي الى قيام الشركات بالبحوث العملية والدارسات التي تساهم في تطوير تكتنولوجيا المعلومات وزيادة عرض منتجاتهم  وتعزيز معلوماتهم بحيث تصبح تكنولوجيا المعلومات كمستودع لكم هائل من المعلومات الخاصة بجميع المنتجات التي تنتجها هذه الشركات والمؤسسات في العالم.. يحدث كل ذلك بسبب التطورات التي حدثت في وسائل الاتصال وعلى وجه التحديد أجهزة الانترنت وبقية أجهزة الاتصال والتي أدت الى ظهور أنماط عديدة وغير مطروقة من التعاملات الاقتصادية والتي أصبحت اكثرها تتم عن بعد أي طريق الاتصالات الافتراضية بوسائل الكترونية ورقمية ومن هذه التعاملات البيع والشراء الالكتروني أي التجارة الالكترونية عن طريق الانترنيت.

وكل ذلك سيؤدي الى العزوف عن مفهوم الاقتصاد التقليدي وظهور ما يسمى بالاقتصاد الرقمي الذي سيسود العالم في المستقبل القريب.

سابعاً: اهم الاستنتاجات والتوصيات

بعد ان اعطينا صورة عن مفهوم الاقتصاد الرقمي والفرق بينه وبين الاقتصاد التقليدي وحددنا أهميته واهم مميزاته وفروعه، تمخضت عن هذه الدارسة ما يأتي:

اولاً: نتيجة للتطور الهائل الذي حصل على تكنولوجيا المعلومات فأن الاقتصاد التقليدي سيتحول تدريجياً الى الاقتصاد الرقمي وسيكون مستقبل العالم مرهون بالاقتصاد الرقمي وهذا مما يؤدي الى حدوث تغيير جذري في جميع النشاطات الاقتصادية والتجارية والمالية وبما ينسجم والتطورات التكنولوجية الحديثة.

ثانياً: ان الانتقال الى الاقتصاد الرقمي سيؤدي الى زيادة نسبة الطبالة في العالم وسيتم الاعتماد على العمالة ذات التأهيل العلمي والمتخصص بتكنولوجيا المعلومات، وسيؤدي ذلك الى تعزيز ظاهرة التضخم الركودي والتي تعاني منها اكثر الدول الرأسمالية وغيرها.

ثالثاً: أن الانتقال الى الاقتصاد الرقمي سيضطر العالم الى إعادة النظر بالكثير من القوانين التي لم تعد تتماشى مع التطورات التكنولوجية ووضع قوانين جديدة حتى تسهل عملية استيعاب الاقتصاد الرقمي وحل جميع العقبات التي تحول دون تطبيقه كما ينبغي، وستكون مشكلة الضرائب وكيفية التعامل مع الشركات العملاقة والتي تحقق ارباحاً طائله من خلال المعاملات الافتراضية التي تحدث الان دون محاسبتها ضريبياً؟؟

رابعاً: يتطلب من جميع دول العالم والتي تسعى الى الانتقال من الاقتصاد التقليدي الى الاقتصاد الرقمي، تهيأة البنى التحتية اللازمة لتحقيق الانتقال والتي تتطلب رصد مبالغ كبيرة جداً لذلك.

خامساً: لطالما العالم متجهاً الى الانتقال الى الاقتصاد الرقمي فيصبح من الضروري جداً على بلدان العالم الثالث التهيئا لبناء الأسس المادية التي تحتاجها لمواكبة هذه التطورات والا ستبقى معزولة تماماً عن العالم المتحضر وستبقى معزولة عن أكثرية النشاطات الاقتصادية المطلوبة والضرورية للتنمية الاقتصادية لبلدانها..

سادساً: أن عملية الانتقال الى الاقتصاد الرقمي تتطلب رصد مبالغ عالية جداً للبحث العلمي وتشجيع الابتكارات واحتضان العلماء والمتخصصين من اجل تطوير تكنولوجيا المعلومات وغيرها من العلوم التي تؤدي الى الوصول الى الأهداف المرسومة لتحقيق ذلك.

سابعاً: أن جميع عمليات الاقتصاد الرقمي والمتمثلة بالاعمال الالكترونية والتجارة الالكترونية وانشطتها الفرعية هي عبارة عن عمليات افتراضية، أي لا دور للافراد والمؤسسات والشركات بشكل مباشر فيها.. وتتم جميعها عبر وسائل الاتصال المعروفة كالانترنيت والتلفونات النقالة أو عبر شبكة الويب العالمية.

ثامناً: تعتبر شركة مايكروسوفت من الشركات متعددة الجنسيات تعمل في مجال تقنيات الحاسوب بلغت أرباحها لعام 2021 (168) مليار دولار ويعمل فيها (114) الف موظف وهي اكبر منصع للبرمجيات في العالم وهي تصنع وترخص كما هائلاً من البرامجيات للأجهزة الحاسوبية، وان هذه الشركة تخصص مبالغ للبحث العلمي وتطوير البرامجيات وهي التي يعتمد عليها في تطوير البرامجيات الخاصة بالإدارة والتجارة الالكترونية من اجل تحقيق الانتقال الى الاقتصاد الرقمي والتي ستلعب دوراً مهماً في إدارة الاقتصاد الرقمي في المستقبل.

تاسعاً: في حالة تم تطبيق الاقتصاد الرقمي فهذا يعني رقمنة الحياة كلها كون الاقتصاد يدخل في جميع مناحي الحياة السياسية والاجتماعية والنفسية، وهذا يقودنا الى أن يكون العالم رقمياً، وبأمكاننا أن نتخيل الاثار الاجتماعية والنفسية الخطيرة التي من الممكن ان تحدث على حياة البشرية، وستكون جل الحياة أفتراضية عن طريق الانترنيت أو التلفونات النقالة وغيرها، وستكون حياة كبار السن ونسبه عالية جداً من الذين لا يستوعبون استخدام التكنولوجيا المتطورة صعبة جداً، فسينعزلون تماماً عن هذا العالم الرقمي الجديد وفي هذه الحالة ستكون النخبة هي التي تهيمن على العالم وتتمكن من العيش في ظل هذا العالم الرقمي والاقتصاد الرقمي وسيكون مستقبل العالم رقمياً بامتياز، حيث امامنا تجربة جائحة كورونا والتي أدت الى التباعد الاجتماعي وادت الى انهيار الوضع النفسي لكثير من شعوب العالم وزادت من نسب البطالة والتي اضافت عبئاً اجتماعياً ونفسياً آخر. وأكدت دراسة المانية أن جائحة كورونا أدت الى زيادة الغني غناً وبنفس النسبة زادت الفقراء فقراً، وهذا من الممكن ان يحدث نفس الشيء في حالة الانتقال من الاقتصاد التقليدي الى الاقتصاد الرقمي.

عاشراً: وبسبب التطور العالمي التقني الهائل الذي تحقق أخيراً والذي يعتبر جزءً مهماً من قوى الإنتاج، مما حدى بقوى الإنتاج ان تتطور بالشكل والكيفية التي عمقت من التناقض بينها وعلاقات الإنتاج القائمة والتي سوف لن تتمكن من استيعاب هذا التطور، وهنا لا بد من ان يتم تغيير جذري للبناء الفوقي الذي هو من مخلفات الحرب العالمية الثانية.. أن التطور العلمي والتقني الذي يحدث يومياً في العالم يتطلب تغييراً كبيراً في علاقات الإنتاج ولا بد من تغيرها وبما ينسجم ويستوعب تطور قوى الإنتاج، ولهذا السبب فالعالم مقدم على تغيرات دراماتيكية هائلة بسبب الاقتصاد الرقمي والعالم الرقمي الافتراضي مما يتطلب إعادة النظر بجميع القوانين الحالية وبجميع العلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية وآثار كل ذلك على الجانب السياسي والاجتماعي..

وهذا كله لن يحدث بسهولة كما يتصورها البعض وانما قد تؤدي بالنهاية الى حرب كونية، لان هذا التغيير قد يؤدي الى ضرب كثير من المصالح الموجودة والتي تتمتع بها الدول العظمى والكبرى ولكن عملية التغيير أصبحت ضرورة موضوعية وحتمية تاريخية.

تعليق واحد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى