أهي لعبة أمريكية جديدة؟

رصدت الولايات المتحدة مبلغا قدره عشرة ملايين دولار لمن يدلي بأية معلومات عن تنظيمات مرتبطة بحزب الله اللبناني في العراق وفي اليمن.
مسكينة هي أمريكا ومخابراتها المركزية بعدما وصلت إلى هذا الحد من الهوان ومن شحة الموارد الاستخبارية، في حين أن معلوماتها التي كانت تتدفق عليها بلا انقطاع كانت تحصي على شعوب الأرض أنفاسها، ومسكينة لما آلت إليه من فقر في المصادر لعناصر مكشوفة حد الوجع، بحيث أن الطفل العراقي بات يعرف أبسط حركاتهم وسكناتهم.
أم أن الولايات المتحدة تريد القول إنها ما زالت القوة الدولية الأقوى في العالم وأنها لا تشغلها أزماتها الداخلية عما يجري في مختلف الساحات الدولية وخاصة الساحة العربية؟
فإذا كان هذا الإعلان طلبا جادا للمعلومات فهو يؤشر بؤس وكالة المخابرات المركزية التي ارعبت شعوب الأرض منذ تأسيسها وحتى وقت قريب وما زال اسمها يثير الرعب في بعض القلوب الضعيفة، ويؤكد أنها فقدت قدرتها على تأشير مواطن الخطر الذي يهدد أمريكا ويوشك أن يطبق عليها على حين غفلة، وكذلك فساد الرأي والخطل الذي بات ينخر في كوادرها الفنية وعقولها الاستراتيجية التي عاشت مجدها في عقد الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، لا سيما في عهد آلان دالس أول مدير لها، في تحليل مسارات السياسة الدولية، وهذا طبعا لا يحزننا ولا يزعجنا بقدر ما نؤشره كحقيقة ماثلة، كما أننا لا نحسب أن هذه الحقائق غائبة عن أنظار الإدارة الأمريكية أو الوكالة نفسها ولكنها سنة الحياة حتى بالنسبة للدول والمؤسسات كما هي بالنسبة للأفراد.
أما إذا كان الإعلان لمجرد إثارة الهلع والرعب في قلوب ساسة الصدفة وقادة مليشيا القتل والإرهاب في العراق ومقترباته، فربما تكون قد حققت لنفسها هدفا صغيرا قياسا بهيبة أمريكا التي كانت قد حققتها بالعمل الاستباقي والذي يتبعه التهديد والوعيد ثم التبرير.
حزب الله اللبناني الإرهابي الدولي وعناصره وكل المليشيات التي نامت تحت ابطه، مع كل الهالة التي صنعتها له أمريكا وإسرائيل وبعض النظام الرسمي العربي ليس أكثر من بيادق رخيصة مسلوبة الإرادة والقرار من دون وجود إلههم الخرف السابق او اللاحق في طهران، تحركهم كيف تشاء وفي أي اتجاه لتبتز العالم بلغة المافيات وعصابات الجريمة المنظمة، فقوة الدول الحقيقية في قدرة عسكرية وسياسية واقتصادية، وإرادة وقرار مستقل وقلب ميت قادر على اللعب بكل الخيوط والوصول بالملفات حتى حافة الهاوية، ثم تنظيم الانسحاب المدروس من دون تفريط أو مجازفة.
فهل تعي أمريكا هذه الحقيقة ولو متأخرة أم أن سياستها تقلبت بين الطيش في استخدام القوة ثم القفز لدرجة تقديم التنازلات المذلة لمن يستحق أو لا يستحق؟
وهل تعي جيدا أن قيمة من رصدت هذا المبلغ من اجل الحصول على معلومات عنهم هم تافهون ولا يساوون سنتا أمريكيا واحدا؟ أم أن الولايات المتحدة تريد إرسال رسائل مطمئنة لطرف ثالث كي تشعره بأنها ما زالت جادة بملاحقة هذه العصابات التي ما كان لها أن تعيش يوما إضافيا واحدا لولا التعامل المزدوج من حكومة واشنطن تجاه ما يحصل في المنطقة؟
نبقى نرصد من وراء الكواليس ولا ندري ماذا يحصل من صراعات بين المؤسسات العليا في الولايات المتحدة بسبب التنافس الأحمق بين الجمهوريين الديمقراطيين.

مقالات ذات صلة

د. نزار السامرائي

عميد الاسرى العراقيين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى