إحصائية مفجعة تعكس حال “العراق الجديد”

لم يمر العراق منذ تأسيسه عام 1921 بمثل ما يشهده الآن من تراجع وانهيار وكوارث وضعته في صدارة الدول الفاشلة التي تعاني من الفساد وهدر المال العام، وانهيارات في التعليم والصحة والخدمات جراء فشل المشروع الأميركي في العراق وطبقته السياسية التي حولته إلى بلد يعاني من البطالة والفقر والتخلف والمخدرات وهجرة نخبة وكفاءاته ومنقوص السيادة وعسكرة المجتمع بمخالب ميليشيات أخضعت المجتمع برمته إلى رؤيتها للحياة، ما أدخل العراق في خانق ربما لا يمكن الفكاك منه جراء الاستقواء بالسلاح وفرض إرادتها في المشهد السياسي.
وعندما نتحدث عن العراق الذي يعاني من هذه الأمراض المزمنة والكوارث فإننا نتوقف عن إحصائية مفجعة وكارثية عن حال العراق رصدتها منظمة هيومن رايتس ووتش عن الأربعة عشر من الأعوام الماضية فيها من الإحصائيات التي تعكس حال العراق بعد السنوات العجاف التي مر بها.
وما يقلق الحريصين على مستقبل العراق وأبنائه هجرة نحو أربعة ملايين عراقي موزعين على 64 دولة في بقاع الأرض، وأربعة ملايين و١٠٠ ألف نازح داخل العراق، ومليون و٧٠٠ ألف منهم يعيشون في مخيمات مختلفة.
وطبقا للإحصائية فإن أوضاع العراق خلفت 5 ملايين و٦٠٠ ألف يتيم (أعمارهم بين شهر – ١٧ عاما) ومليوني أرملة (أعمارهن بين ١٥- ٥٢عاما) وفيما كان العراق خاليا من الأمية والتخلف التعليمي بشهادة اليونسكو في سبعينيات القرن الماضي فإن 6 ملايين عراقي لا يجيدون القراءة والكتابة، وتصدرت البصرة وبغداد والنجف وواسط والأنبار هذه النسبة، فيما بلغت نسبة البطالة نحو 31 بالمئة لا سيما محافظات الأنبار والمثنى وديالى وبابل في الصدارة تليها بغداد وكربلاء ونينوى.
وعلى الرغم من أن العراق يتصدر الدول المنتجة للنفط إلا أن نسبة أبنائه تحت خط الفقر بلغت 35 بالمائة، فيما تصدرت بغداد وبعدها البصرة والنجف وديالى وبابل وواسط المحافظات بالتعاطي بالحشيش والمواد المخدرة، وقدرت نسبتها بنحو 6 بالمائة من مجموع السكان. وقدرت منظمة هيومن رايتس ووتش عدد الأمراض التي تفتك بالعراقيين بنحو 39 مرضا ووباء أبرزها الكوليرا وشلل الأطفال والكبد الفيروسي وارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان والتشوهات الخلقية.
كما سلطت المنظمة الضوء على توقف ١٣ ألفا و٣٢٨ معملا ومصنعا ومؤسسة إنتاجية، قابلها تراجع مساحة الأراضي المزروعة من ٤٨ مليون دونم إلى ١٢ مليون دونم واستيراد ٧٥ بالمائة من حاجات العراقيين من الخارج.
وبينت المنظمة حاجة العراق إلى 11 ألف مدرسة جديدة لاستيعاب أعداد التلاميذ بعد تضرر وقدم آلاف المدارس، وقدرت الديون المترتبة على العراق جراء هدر المال العام وسطو الفاسدين على الثروة الوطنية بنحو 124 مليار دولار لـ39 دولة، فيما أجملت ما حصل عليه العراق من عوائده النفطية منذ الاحتلال ولغاية عام 2016 بحو ألف مليار دولار.
وعلى الرغم من الخطر المحدق بمستقبل العراق وثروته وأبنائه جراء الكوارث والفشل في إدارة الدولة وحماية المال العام، إلا أن بعض المسؤولين ليسوا في وارد الالتفات إلى هذه المعضلات والكوارث، مفضلين مصالحهم الشخصية على أي اعتبار بعد أن تحولوا إلى تجار للسياسة همهم الأول كسب المال الحرام والاستقواء بنظام المحاصصة الطائفية التي تحولت إلى مظلة لحمايتهم من المساءلة القانونية.
ونختم بالقول: هذا هو (العراق الجديد) الذي بشرت بقدومه إدارة بوش كنموذج للديمقراطية والرخاء الذي تحول كابوسا وبلدا مستباحا تنخر جسده فيروسات الطائفية والفقر والتخلف ومنقوص السيادة، تتربع على سدته طبقة سياسية فشلت وأخفقت في شتى الميادين وتتحمل مسؤولية الأزمات والكوارث التي يمر بها العراق.

احمد صبري

a_ahmed213@yahoo.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى