إيران الدولة والثورة ، وعراق الدولة والإشباح : الفرص والتحديات

الجزء الاول

تشير الأنباء الراشحة من إيران أن الصراع بين جناحي الثورة (ممثلة بالحرس الثوري) ،وجناح الدولة والذي عاد للواجهة بعد إغتيال الجنرال سليماني قد بدأ بالتصاعد أكثر خلال الأسابيع الماضية بخاصة بعد أن عاد الديمقراطيون للبيت الأبيض. فإيران الثورة مدعومة بالمرشد الأعلى لا ترى أي فائدة من عودة التفاوض مع أمريكا وهي بالفعل قد صعدت من مطالبها مؤخراً لعودة الحوار والتفاوض . ومعلوم أن الحرس الثوري كان معارضاً للتفاوض مع أمريكا والوصول إلى الإتفاق النووي ابتداءً ، إلا أن المرشد الأعلى حسم الصراع في وجهات النظر آنذاك لصالح إيران الدولة. لكن ما فعله ترامب بعد ذلك جعل المرشد يقتنع بوجهة النظر الثورية من أنه لا يمكن الوثوق بأمريكا في أي تفاوض.
ما يهمنا في العراق أن هذا الصراع الإيراني الداخلي وبخاصة بين مؤسسة الدولة ممثلة بجناحها (إطلاعات) والحرس الثوري قد وجد صداه الواضح داخل العراق. ولعل الهجوم الصاروخي الأخير على إربيل ليلة أمس والذي أعلنت إحدى الفصائل المسلحة مسؤوليتها عنه وأنها كانت تستهدف القاعدة العسكرية الأمريكية هو أحدث فصل في هذا الصراع. فمقتل متعاقد مدني مع القاعدة الأمريكية ،وجرح ستة آخرين بينهم عسكري أمريكي لا يمكن أن يمر مرور الكرام حتى مع وجود إدارة أمريكية تريد فتح صفحة جديدة مع إيران.
لذلك أعلن وزير الخارجية الأمريكي الجديد ( بلنكن ) أن أمريكا غاضبة جداً وأنه لابد من محاسبة المسؤولين عن الهجوم. هذا يعني مزيد من العقبات على طريق التفاوض بين أمريكا وإيران والذي هو غير معبد أصلاً ومليء بالمطبات. ويقيناً فإن الأيام المقبلة ستشهد مزيد من العقبات التي يضعها الحرس الثوري وأتباعه لقطع الطريق أمام أي تفاوض مع أمريكا.وستكون الساحة العراقية اهم ساحات المواجهة(للاسف) بين جناحي الصراع الايراني الداخلي.
والسؤال المهم الآن هو كيف يمكن لدولة العراق (الرسمية) التعامل مع هذا التعقيد الجديد ؟ وهل يمكنها أن تتجنب الإنحياز لأحد طرفي النزاع الإيراني الداخلي ؟ من الناحية النظرية فإن من مصلحة العراق عدم الإنجرار ليصبح جزءاً من لعبة الصراع الداخلي الإيراني. لكن من الناحية العملية ، فحتى لو أرادت دولة العراق (الرسمية) النأي بنفسها عن هذا الصراع فإن دولة العراق (الشبحية ) والتي تمتلك النفوذ والسلاح والايدلوجيا،ستجبرها على أن تكون طرفاً رئيسا في هذا الصراع. وأذا كان الحال كذلك، فلربما من الأفضل لدولة العراق (الرسمية ) البحث عن الفرص التي قد يتيحها هذا الصراع الإيراني الداخلي واستثمارها ، وتشخيص التحديات التي يمكن أن يثيرها هذا الصراع وانعكاساتها على الأمن السياسي والإقتصادي والإجتماعي في العراق ومن ثم تجنبها. فما هي هذه الفرص والتحديات التي سيثيرها الصراع الداخلي الايراني لدولة العراق(الرسمية)؟ هذا ما سيكون مدار المناقشة في الجزء الثاني من هذا المقال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى