إيران تستعد للحرب وروحاني يطلب المزيد من الصلاحيات

الرئيس الإيراني حسن روحاني يطالب بمزيد من الصلاحيات  في هذا التوقيت معلناً أن بلاده تواجه حرباً  غير مسبوقة باتت أصعب من الحرب مع العراق ؟ ما طرح العديد من التساؤلات حول توقيت هذا الطلب ومغزاه ودلالاته ؟ وهل سيفوض المرشد خامنئي رئيس الجمهورية  مثل هذا النوع من الصلاحيات ، وهي شبيهه بالصلاحيات الواسعة  الذي كان الخميني قد أعطاه للحكومة خلال سنوات الحرب التي استمرت ثمان سنوات، ثم طالب بمزيد من الصلاحيات الخاصة في الظروف الحالية ؟.

عملياً  الذي نراه ونلمسه في مجال الاقتصاد والسياسة  وحتى في مجال الرقابة على الإعلام لا يملك الرئيس والحكومة صلاحيات كافية. وفي مجال السياسة الخارجية لطالما قال  “روحاني” مرارا أنه لا يملك صلاحية اتخاذ القرار،  وحتى ما لاحظناه في الآونة الأخيرة وأثناء الكوارث الطبيعية التي عصفت بالبلاد، لم يكن “روحاني” يملك الصلاحيات المتعارف عليها والتي كانت تتمتع بها الحكومات السابقة وهي صلاحية السحب من صندوق التطوير الوطني من أجل الإنفاق على تلافي خسائر السيول الفادحة. حتى أن  “روحاني” لا يستطيع عزل مدراء بعض الادارات  المدنية وليس العسكرية  في الدولة الإيرانية  ، ولا تنفيذ  الوعود التي قطعها على نفسه ذات الطابع الإقتصادي ، حتى أن الرئيس الإيراني السابق  “أحمدي نجاد” تحدث علناً عن سحب المرشد  لتسعين صلاحية  من حكومته في العام  2011 م، حيث  تم اقصاء  نجاد  عن الموضوع  المهمة في ايران مثل النووي  والسياسة الخارجية وملفات اقتصادية حساسة ، وأخلى الساحة للمرشد .

تتصاعد وتيرة انتقادات الرئيس  “روحاني” علناً  خلال  الأيام الأخيرة ، ولم  يبالغ في الشكوى والإعتراض، من خلال  المطالبه بإعطائه صلاحيات خاصة وإدارة فعلية  خاصة، وعلى حاشية مأدبة الإفطار مع الشباب الإيراني  طالب بضرورة إجراء إستفتاء حول ضرورة توسيع الصلاحيات الممنوحة للرئيس ، وقبلها  بأسبوع   كان قد صرح أنه لا يملك صلاحية الرد على الدعوة  الأمريكية لاجراء تفاوض دون المرور بقنوات وصفها بالمعقدة ، .

 المحسوبين على  المرشد ” خامنئي” في السلطة الإيرانية ، بدأوا بالرد تباعاً  مطالبات “روحاني”. بتوسيع صلاحياته ،  وانتقدوا ذلك  بشكل  لاذع

معتبرين ذلك هجوماً موجهاً للمرشد ” خامنئي”، الاصلاحيون بدورهم وقفوا إلى جانب  “روحاني ” متهمين ضمناً خامنئي  والحرس الثوري  بالاستحواذ على نصف إقتصاد البلاد ، حيث لا تخضع تلك الأموال لا للرقابة ولا المحاسبة ، ولا يتم أخذ الضرائب من تلك المبالغ، كما أنه يسيطر على كل شيء إبتداءً من الإذاعة والتلفزيون وانتهاءً بالجيش والقوات المسلحة وأجهزة المخابرات ، كلها تقبع  تحت هيمنته. وكذلك الأمر في المجال الثقافي ، حيث يعتبر نفسه في موقع أكبر وأعلى من  جميع السلطات في الدولة ، بل تخضع بمجموعها  لسلطاته  ، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل قام  خامنئي بانشاء الأجهزة الموازية  المنافسة لتعزيز هيمنته ، واستبعاد القيام بأية محاولة للانقلاب عليه أو على الثورة الإيرانية .

أمين عام  مجلس صيانة الدستور  دخل على خط الانتقاد ، واصفاً الصلاحيات الممنوحة لروحاني بأنها  أكثر من تلك التي تم إعطائها لرؤساء إيران السابقين ، وأنه  يتمتع بنفس الصلاحيات التي كان قد تمتع بها في دورته الرئاسية الأولى ، وهي نفس الصلاحيات التي كانت قد أعطيت لخاتمي وأحمدي نجاد الذي كان رئيسا لمدة ثمان سنوات ، واصفاً روحاني  بأنه  من رجالات الحكم  اللذين واكبوا إيران طيلة الأربعين عاما الماضية . وكان يشغل مناصب مرموقة في الدولة الإيرانية ،  فما الذي طرأ الآن ، ولماذا يثير هذا الموضوع بهذا التوقيت الحساس التي تمر به إيران  .

بعض وسائل الاعلام المحسوبة على التيار الاصلاحي ، تحدثت عن أن  روحاني لايقول شيئا جديدا فقد سبقه إلى هذا كل من خاتمي قبل ست عشرة سنة عندما قال إن دور الرئيس هو تنفيذي صرف ،  لايعدو  عن تقديم الخدمات ، وتسيير شئون الدوله حسب توجيهات وأوامر المرشد خامنئي ،  وقد أدلى الرئيس الأسبق  أحمدي نجاد بتصريحات من هذا القبيل وادعى أنه فاقد للصلاحيات  تماماً والسؤال يجب أن يكون على هذا النحو وهو : لماذا يدلي  روحاني الآن بمثل هذه التصريحات  ؟ لماذا لم يعرض لمثل هذه الأفكار  عندما كان مرشحا لكرسي الرئاسة وكان يعطي الوعود والأماني البراقة لجمهور الناخبين .

روحاني كرئيس للجمهورية ورئيسا للسلطة التنفيذية ومنفذا للسياسات الكبرى المبينة بواسطة المرشد في مجال السياسة الخارجية ، فإلى أي حد يمكن أن تكون الصلاحيات التي يتحدث عنها روحاني تعود إلى اعطائه صلاحيات تنفيذيه على مستوى  السياسة  الخارجية لإيران  ؟  أنا أعتقد أن جزءا كبيرا منها يعود للسياسة الخارجية . ولاحظوا  على سبيل المثال المشكلات والمستجدات  التي طرأت مع أمريكا  بعد انسحابها من الاتفاق النووي ، والتي أسفرت عن تراجع أسعار النفط وانخفاض عائداته ، كما أسفرت عن مشكلات ومصاعب بنكية ومصرفية وأصبحت أسعار العملات الأجنبية في الأسواق الإيرانية مضطربة  في معظم الأحيان ، مع انهيار غير مسبوق للعملة الوطنية ، وارتفاع نسبة التضخم والسلع الأساسية إلى مستويات غير مسبوقة ، من المؤكد أن روحاني يتوقع أن تسوء الأوضاع أكثر مما هي عليه الآن في الأشهر  القليلة القادمة، وبناء على هذا أعتقد أن المشاكل الاقتصادية  المعقدة والمتراكمة من جهة ، ، والارتجال في السياسة الخارجية وضيق  الخيارات مع تصاعد وتيرة البيئة الصراعية التي باتت تعيشها إيران إقليمياً ودولياً ، مع زيادة احتمالية انفجار الوضع الداخلي في أية لحظه  ، بموازاة ذلك عدم تحمل المرشد  خامنئي أي مسؤولية في هذا الإطار  ، ومحاولة تحميله لروحاني وحكومته مسئولية ما يجري ، في الوقت الذي لايمتلك فيه  روحاني وحكومته أية قدرة على التحرك  وتقييد  صلاحياته ، مع رفض المرشد خامنئي للعرض الذي تقدم به روحاني بأن يتم تفويض صلاحيات الحكومة للمرشد خشية من تحميله مسئولية ما يجري ، في الوقت الذي  طَالبَ مدير صحيفة “صداي إصلاحات” محمد فومني، بتنحي حكومة الرئيس روحاني واستجوابه في مجلس الشورى، وتأليف حكومة “إنقاذ وطنية” تعمل على إيصال البلاد إلى بَرِّ الأمان من خلال تصويت شعبي. مبرّراً مطالبه بـ “تدهور الأوضاع على مختلف الأصعدة، وابتعاد الحكومة عن تنفيذ وعودها الانتخابية”، كما شدّد فومني على أن رحيل الحكومة أصبح مطلبا شعبيا عاماً .  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى