إيران: مواقع التواصل الاجتماعي تستعد لإسقاط النظام

وأخيراً تم  تفعيل الوجبة  الثانية من العقوبات الأميركية  اعتباراً من الثلاثاء ،  حيث تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرضها  لتغيير السلوك الإيراني  جذرياً ،  ومتوعداً  الكيانات والشركات التي تتعامل مع طهران بعواقب  قاسية .

مارس ” ترامب ” حتى  اللحظة الأخيرة   دبلوماسية   “تويتر”   بهدف  تشجيع إيران لفتح خط لإجراء محادثات “بناءه ”  على غرار التعاطي مع  ” كوريا الشمالية “، إلا أنها لم تنجح بذلك  .

بالأمس صرح عدد من المسئولين الأميركيين  ؛ وفي مقدمتهم مستشار الأمن القومي ” جون بولتون”  بأن  الأمل الوحيد أمام قادة إيران للخلاص  من “مشنقة  ” العقوبات هو  التفاوض وبسرعة  للتوصل إلى حلول بناءه .

الوجبة الثانية من العقوبات تهدف  إلى وصول الصادرات الإيرانية إلى المستوى صفر، إذا تم تطبيق هذه الحزمة بالكامل ، وبشكل دقيق ، مع إعطاء إعفاءات مؤقتة لبعض الدول للحصول على النفط الإيراني ، مقابل ترتيب أوضاعها في فترة سقفها ستة أشهر فقط .

ومن المهم  لواشنطن أن الظروف  الجيوسياسية لن تؤثر بصورة كبيرة على أسعار النفط ، ولا على حصة المعروض من النفط في الأسواق العالمية في ظل الطلب المتزايد بسبب حلول فصل الشتاء .

خاصة بعد تعهد السعودية وروسيا  بتغطية  العجز في المعروض الذي قد يحدث داخل الأسواق النفطية. ولا سيما أن تلك الدول ترغب في زيادة  الحصص الإنتاجية وترغب في الاستحواذ عليها، لتحصيل مكاسب إضافية ، والبعض منها نكاية بإيران وبسياساتها الإقليمية العبثية .

تراهن طهران على إحداث بلبلة في سوق النفط  ، من خلال الرغبة في إحداث  فجوة في المعروض النفطي ، وهي تدرك أن هناك فرصة أمامها من خلال استمرار الإمدادات الإيرانية وعدم توقفها من اليوم الأول للوجبة الثانية للعقوبات ، بل إن التوقف سيكون تدريجي  ، وبالتالي بدأت تتحسب داخلياً لليوم التالي .

 

وسائل التواصل الاجتماعي والعقوبات

ضجت وسائل التواصل الاجتماعي في إيران  بالآراء  ووجهات النظر المختلفة ، وتساءلت  حول مدى تحمل الشعب الإيراني لهذه  العقوبات ، ما يؤدي إلى تعرض الإيرانيين  للخطر، وهل يمكن للحكومة  إيجاد طريقة تمكنها من إنقاذ الشعب ؛  الأغلب أجمع أن إيران باتت في دوامة  ، أملين  ألا تصل  إيران إلى مركز هذه الدوامة وتسحب الدولة والشعب  إلى الاسفل”.

آراء أخرى تم طرحها وتحدثت عن طبيعة الإجراءات التي يمكن أن تفعلها إيران لرفع  العقوبات ، مطالبة بتحرك شعبي واسع  لإنقاذ الناس من سياسات الحكومة ومن آثار  هذه العقوبات في ظل الانهيار الاقتصادي والاجتماعي وزيادة وتيرة الفساد المالي من خلال استغلال العقوبات الأميركية .  وجهات نظر أخرى  رجعت بالذاكرة  إلى الوراء محاولة تشبيه ما تعيشه إيران اليوم مع الظروف التي عاشها الشعب الإيراني أيام فترة الرئيس السابق ” أحمدي نجاد” ، من خلال ارتفاع مستوى الغلاء والتضخم،  و انخفاض معدل النمو الاقتصادي  ، مذكرين أن  هذه المرة ستزداد الأمور سوءاً وتعقيداً ، مما سيدخل إيران في نفق مظلم  .

 في الوقت نفسه، تقول إيران إنها جاهزة للدخول في المحادثات مع الولايات المتحدة، فقط إذا غيرت واشنطن موقفها تجاه طهران ، حيث لقي ذلك تجاوباً كبيراً لدى شرائح واسعة من قطاعات التواصل الاجتماعي ، مطالبين الرئيس روحاني بالمضي قدماً في هذا المسار قبل فوات الآوان .

بموازاة ذلك استهزأت قطاعات واسعة من رواد التواصل الاجتماعي الإيراني من  رسالة تم بثها  بالفارسية  على شكل فيديو من جانب وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف ” وهو أعلى  شخصية دبلوماسية في إيران  ”   ،  وقد  ذكر فيها ” أن حكومة الولايات المتحدة أصبحت وحيدة ومعزولة، دون أي دعم من الدول الأخرى فيما يتعلق بالعقوبات،  وأضاف السيد “ظريف”: الغرض من العقوبات الأمريكية هو فصل الشعب عن الحكومة وأكد على جهود الحكومة للحد من آثار العقوبات على حياة الناس “

 وقد  أثار هذا الفيديو “التندر” لدى شرائح واسعة  من المجتمع الإيراني، واللذين علقوا بكثافة موجهين كلامهم “لوزير الخارجية  ” أن ظريف نسي أن إيران هي التي باتت معزولة عن العالم  ، وليست الولايات المتحدة الأميركية ، وتسألوا عما إذا ما كان الكلام الذي يقوله دقيقاً بما فيه الكفاية ، أو انه  لمجرد الاستهلاك المحلي ، وعبروا عن حالة  الأسف  والقلق الذي بات يساورهم  نتيجة  العواقب التي سوف تترتب على الاقتصاد  وعلى الشعب الإيراني جراء هذه العقوبات . مطالبين  المسئولين الإيرانيين بضرورة التحدث  بصراحة ووضوح حول ما باتت تعيشه إيران، وتعاني منه  .

النقطة المثيرة التي لقيت تعليقاً واسعاً على وسائل التواصل الإجتماعي الإيرانية هو تناول  جانب آخر من تصريحات الوزير  “ظريف” حول العقوبات،والتي  قال فيها : “إن هدف أمريكا من العقوبات هو إيجاد شرخ بين الشعب والقيادة”  ، وتسألوا فهل كان معنى كلامه أن ظريف  والقيادة الإيرانية قلقين من أن تشديد العقوبات سيؤدي إلى إشعال موجة من الاعتراضات والاحتجاجات الشعبية، أم أنه يقصد شيئا آخر؟. وأضافوا أن “السيد ظريف”  محق في هذا. وأنه و في الواقع، فإن جزء من العقوبات سيؤدي إلى اتساع الشرخ السياسي في المجتمع الإيراني، وسوف تتسع نتيجة ذلك الفجوة بين المواطنين والحكومة من جانب، وبين أجنحة النظام نفسه من جانب آخر، وعندما تتداخل هذه العوامل مع بعضها، فإن النظام الإيراني سيواجه خطرًا جديًا للغاية ، وقد يؤدي إلى اندلاع   احتجاجات واسعة ستؤثر على النظام برمته  . وأضاف المغردون الإيرانيين : ” لسوء الحظ، نحن في حالة نعيش فيها أزمة منذ أربعين عامًا، وفي النهاية نجد أن الحكومة الإيرانية تُحمل  الحكومات الأجنبية، أو إسرائيل أو أمريكا، على سبيل المثال، بأنها  تحاول فصل الناس عن القيادة ، وهذا يؤشر على وجود خلل أساسي وجدي في السياسة الإيرانية الخارجية. وهذا الخلل يتمركز في مفاصل حساسة  في الدولة ، ويترك الباب مفتوحا لحدوث احتجاجات   كبيرة وواسعة النطاق ، وتنبئوا أن اندلاعها هو مجرد مسألة وقت  ليس إلا ،  بعدها سوف تدخل إيران بعدها في المجهول .

 

حجب وسائل الداخلي في إيران قبل الانفجار هو الحل

 أثار حديث مسئولين إيرانيين في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا الاتصالات فضول وسائل التواصل الاجتماعي ، حيث  لوحظ   في الأيام القليلة الماضية  عملية التسويق التي يقودها مسئولي الدولة في إيران للترويج  إلى عملية واسعة مفترضة لهجوم الكتروني على المؤسسات  الإيرانية ، حيث ذهب  المسئولون الإيرانيون يتحدثون عن ذلك  بصورة معلنة ،  و التفصيل بدقة  حول “تهكير”   العدو ” المفترض “لنظام إشارات المرور على سبيل المثال  ، وتداعيات ذلك الكارثية على  النظام المروري  بالكامل،  و ما  سيؤدي إلى حوادث وخسائر في الأرواح. كما تحدثوا عن مخاطر   تهكير محطات الطاقة الكهربائية ، حيث يمكن للقراصنة  تعطيل كل تلك المحطات، وبالتالي إلحاق  الضرر البليغ  بالمستشفيات والمرضى الذين يخضعون لعمليات جراحية أو الذين هم يقيمون في غرف العناية المركزة ، والحديث عن هجوم الكتروني  ضد المؤسسات المالية والعسكرية الإيرانية ،  و أبدوا خشيتهم من استغلال الدولة لفرض  أميركا للوجبة الثانية من العقوبات لفرض حصار  واسع على وسائل التواصل الاجتماعي ، استباقا لتفجر الاحتجاجات على نطاق واسع ،  حيث  ذكر   “غلام رضا جلالي”، رئيس منظمة التكنولوجيا، أن   إيران ستواجه العقوبات  بشجاعة ورحابة صدر ، وأضاف  إن تطور التكنولوجيا وعلوم الفضاء أدى إلى تناقص قدرة الدولة  للسيطرة على الأمور، كما أدى إلى مضاعفة التهديدات والمخاطر. وأضاف  قائلا أن العدو يستطيع أن  ينفذ إلى الأنظمة الذكية والتحكم عن بعد،  وأن يتحكم بالإدارة المدنية، وأضاف “غلام رضا” عن ثقل مسؤوليات وزارة الاتصالات والتقنية قائلا: إن المؤسسات المختلفة أصبحت مهددة بالأخطار. في حين   طالب وزير الاتصالات  الإيراني بضرورة   التصدي لهجمات إليكترونية إسرائيلية استهدفت البنية التحتية للاتصالات الإيرانية، حيث نفذت الهجمات شركة إسرائيلية تسمى “Golden Line” على عهدة وزير الاتصالات الإيراني .

من هنا تساءل رواد التواصل الاجتماعي على الشبكة  العنكبوتية الإيرانية  عن مغزى ودلالات وأهداف تصريح  المسئولين الإيرانيين  بهذه المعلومات ، وبشكل علني  وفي هذا التوقيت بالذات ؟  هذه التصريحات لا تعدو عن كونها تندرج في إطار بث معلومات  غامضة ؛  تتحدث فيها عن حدوث هجمات  الكترونية تمت ، لكن ما مدى  صدق هذه المعلومات الغامضة ، ومحاولة الترويج لها  في الآونة الأخيرة  ، في الوقت الذي كان هذا الموضوع يندرج في إطار الأمن القومي الإيراني  ولا يمكن الإفصاح عنها بأي حال . وقد يكون هناك سببا آخر من وراء  ذلك ، وهو ما يرجحه رواد التواصل الاجتماعي في إيران ،  وهو أن الدولة العميقة في إيران  تريد تهيئة الأجواء في المستقبل القريب جداً ليكون لديهم مبررات معقولة فيما لو اضطروا لأي سبب كان لفصل شبكة النت المحلية عن الشبكة العالمية، كما حدث في شهر يناير من العام 2017 ، إبان المظاهرات الشاملة التي اجتاحت البلاد، وذريعة الفصل تحاشيا للهجمات المعادية،  سوف تبعد الشبهة عن الدولة الإيرانية  بأنها فصلت الانترنت خوفا من امتداد المظاهرات واتساع نطاقها ، وهو المتوقع  بدرجة كبيرة جداً. والحكومة يمكن لها أن تدعي أنها فصلت شبكة الانترنت للحيلولة دون اختراقها من جانب أمريكا وإسرائيل أو أية دولة أخرى حفاظاً على مؤسسات الدولة ، لا سيما الحساسة منها .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى