لانبالغ اذا قلنا ان الاحاطات التي تقدمها بعثة الأمم المتحدة /يونامي/ الى مجلس الامن حول الأوضاع في العراق افتقدت للمصداقية ولم تلامس الحقيقة وهي عادة ما تجامل الحكومات المتعاقبة من دون ان تحدد مسؤولية الأطراف التي ساهمت في تردي الأوضاع السياسية والأمنية والصحية والاجتماعية والتربوية
وقراءة متأنية لآخر احاطة قدمتها الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق السيدة جينين هينيس الى مجلس الامن في التاسع والعشرين من الشهر الماضي تؤكد ماذهبنا اليه فغابت عن احاطتها او تناست عن ذكرها ملفات غاية في الخطورة وهي مصير المفقودين والمغيبين ومحنة المعتقلين وتحول العراق الى غابة للمخدرات وللسلاح بفعل تغول ميليشيات الحشد الشعبي في الحياة السياسية
كما غاب عن احاطة ممثلة الأمم المتحدة في العراق محنة النازحين التي تحولت خيامهم الى وطن بديل ومايجري في حزام بغداد وسامراء وصلاح الدين والانبار ونينوى وديالى من تغيير ديمغرافي واعتقالات وتهجير قسري ينذر بصراع خطير
وفي إشارة عابرة/مشددةً على الأهمية القصوى لضماناتٍ قوية بشأن الاحتجاز والإجراءات القانونية والمحاكمة العادلة/
وفي محاولة لايهام المجتمع الدولي بحقيقة الأوضاع بالعراق نقتبس من احاطتها مايلي/ “الحقيقة القاسية هي أن الحكومة تحتاج إلى الوقت لتحقيق الوعود. و لا يمكنها القيام بذلك وحدها – إنها مسؤولية مشتركة/
وهنا نسأل هل يكفي 16 عاما للحكومات المتعاقبة كي تفي بوعودها أم ان المسؤولة الأممية تحتاج الى وقت ربما يتجاوز المهلة الماضية كي يستمر الوجود الاممي في العراق ومايترتب عليه من هدر أموال العراق لتغطية مهمة بعثتها بالعراق
وهنا نستغرب اغفال المسؤولة الأممية التنبيه الى مخاطر استشراء الفساء وهدر المال العام وهو الامر الذي اشار الى مخاطرة حتى الحكومات المتعاقبة
وعندما نستعرض الإحاطة الجديدة لبعثة الأمم المتحدة التي ينبغي ان تتمتع بالمصداقية والشفافية فاننا نكتشف انها تعاملت من التحديات الخطيرة التي يواجهها العراق بعين واحدة واغفلت في تحديد مسؤولية المتسببين في استمرارها
وعندما تستذكر السيدة هينيس-بلاسخارت “الأهمية التاريخية” لزيارة وفد مجلس الأمن لبغداد في 29 حزيران/ يونيو 2019 فاننا نتساءل ماذا حققت هذه الزيارة الأممية للعراق هل زارت جرف الصخر وكشف مايجري في هذه المدينة المعزولة على العالم وايضا الرزازة والصقلاوية وحزام بغداد أو زارت نينوى التي تحولت الى ركام واثر بعد عين وهل اصطحبت بعثة مجلس الامن لزيارة المعتقلات والسجون لتطلعهم على الماسي والجرائم التي ترتكب بحق الاف المحتجزين لتنصفهم ولو بسطر في احاطتها
وفي محاولة لذر الرماد في العيون تقول المبعوثة الاممية في العراق/
إنه رغم عودة 4.3 مليون شخص إلى ديارهم، فإن وتيرة العودة قد تباطأت و لا يزال حوالي 1.6 مليون نازحٍ ينتظرون بشدّةٍ العودة إلى ديارهم بأمان وكرامة/
ونصحح ان عدد النازحين الذين عادوا الى ديارهم يتجاوز المليون بقليل اضطر بعضهم الى العودة من حيث أتوا بسبب تدمير مدنهم وخلوها من أي خدمات للعيش كما ان المتبقي من النازحين يتجاوز الثلاثة ملايين لايزال الكثير منهم ممنوعين من العودة لديارهم لاسباب أمنية أو طائفية
وامعانا بالتضليل رحّبت السيدة هينيس-بلاسخارت بجهود الحكومة لو ضع جميع المجموعات المسلحة تحت سيطرة الدولة، في حين انها تعرف ان هذه المليشيات أصبحت اكبر من الدولة ولاتأتمر بقراراتها وهي تتلقى الأوامر من خارج الحدود ومنخرطة في عملية الصراع بالوكالة في المنطقة ومع هذا تتحدث .” عن المساعي الوطنية والدولية الرامية لإعادة بناء عراق مستقر ومزدهر؟
وعندما نضع هذه الحقائق امام السؤولة الأممية فاننا نتطلع الى ان تاخذها بنظر الاعتبار في احاطته المقبلة لتضع المجتمع الدولي ممثلا بمجلس الامن امام مسؤولياته القانونية والأخلاقية بالتعاطي مع بلد احتل ودمر خارج ولايته باكاذيب كشفت فيما بعد بطلانها تعاقبت عليه حكومات فاسدة فشلت في إدارة شؤون العراق وحولته الى ضيعة للفاسدين وبلد منكوب وبابا للمخدرات ومسلوب الارادة تتحكم بمستقبله قوى وأحزاب استقوت بنظام المحاصصة الطائفية لتقصي ويهمش الالاف من خصومها زادت من معاناة العراقيين وخلفت ملايين العاطلين عن العمل والارامل والايتام والنازحين والمعتقلين والمغيبين وهدر نحو الف مليار دولار ذهبت الى جيوب اللصوص وحيتانهم من دون ان العراقيون النور في نهاية النفق
ونختم بالقول للمسؤولة الأممية..أن الشمس لاتحجب بغربان