لازالت المظاهرات اليومية والاحتجاجات متواصلة حتى اللحظة في عدد من المدن الإيرانية الهامة ، وهي تشير بوضوح تام إلى أن الشعب الإيراني هبّ لمقاومة نظام ولاية الفقية الذي أسسه الخميني، وسار عليه سلفه خامنئي الذي يحكم إيران اليوم بقبضة حديد والنار.
هذه الاحتجاجات والمظاهرات التي كانت شرارتها الأولى قد جاءت بسبب تصفية الشابه الكردية السنية المذهب “مهستا اميني ” ، ما أدى إلى انتشار جغرافية الاحتجاجات ، وسقوط المئات من القتلى ، واعتقال ما لايقل عن ثلاثة الاف من المواطنين الايرانيين .
إن الهتافات التي رافقت هذه المظاهرات والتي تنادي بالموت للدكتاتور، والمقصود به الزعيم الأعلى آية علي خامنئي، تدل دلالة واضحة على أن الشعب الإيراني أدار ظهره لنظام الملالي في إيران، خاصة ان هذا النظام قد زاد من بؤس الشعب الإيراني .
هذه الموجة الجديدة من الغضب تزيد من حجم التحديات التي تواجه السلطات التي تشن حملة دامية لإخماد الاحتجاجات؛ خاصة ان مقتل “اميني ” قد تزامن مع انهيار شبه كامل للاقتصاد الإيراني الذي تكبله العقوبات الأمريكية الصارمة.
ما زالت المظاهرات تتوالى بوتيرة مرتفعة في ٣١ محافظة ايرانية ،بعد أن خرج مئات الآلاف في مختلف المدن الإيرانية مرددين: «لاسوريا ولبنان روحي فدا ايران ،وإلى متى ستبقى أموالنا تذهب إلى حماس في غزة وإلى حزب الله في لبنان؟ وعديمي الشرف في اشارة الى خامنئي ورئيسي والحرس الثوري الايراني ».
وسائل الاعلام الايرانية من جهتها اكدت على أن القلق على مستقبل البلاد بات يسيطر على الجميع من مؤيدي ومنتقدي النظام، خاصة أنه لا يمكن ملاحظة أي اختلاف ظاهر في طريقة التعامل مع الأحداث وعلاجها عن الطريقة والعلاج في الماضي سواء كان المحافظين لوحدهم او الاصلاحين والمحافظين معا في الحكم، والاجماع تركز على النهج المعتاد نفسه يتم إعادته، مع مطالبة بعض الشخصيات الأكثر اعتدالا ووسطية مثل ناطق نوري أو علي لاريجاني أو المهندس باهنر أو الدكتور أحمد توكلي للتدخل بشكل أكبر لحل الأزمة الحالية بعد مرور تسعة ايام على تفجرها، منوهة أنه لولا موت “مهسا أميني”، لكان قد تم العثور على عذر آخر، لتشهد ايران موجات اضطرابات كهذه لكن لا احد يتوقع دمويتها واتساعها بهذا الشكل المخيف .
المرجح ان السجال السياسي قد انتقل من الشارع الى النخب السياسية بعد مرور ٤٣ عاما على انتصار الثورة ، خاصة مع وجود فرضية ان استخبارات الحرس الثوري الإيراني الجناح المحسوب على “حسين طائب” الذي تم اقالته بطريقة مهينة ، هو من تولى مهمة تصفية “اميني” في السجن ،وليس شرطة الاخلاق كما اشيع بهدف خلط الاوراق، وارباك النظام وجعله يدفع ثمن
اقالة “طائب” ، و التسبب باطلاق احتجاجات واسعة ضد النظام ، عبر توفير ذريعة لذلك ، وهو ما حققه تصفية “مهسا اميني “.اضافة لذلك فإن تصفيتها بهذا الشكل قد تزامن مع اعتلال صحة خامنئي ، وطرح فرضيات لبورصة اسماء مرشحة لخلافته ،وفي مقدمتهم نجله مجتبى ،ما يعني عمليا ان تفجر الاحتجاجات ،ووجود عوامل موضوعية تدعم ذلك من شأن عدم تعزيز فرصه خاصة مع قرب عودة ١٥ مليون طالب وطالبه الى المدارس والجامعات ، ما يعني تفجر الوضع الداخلي الايراني برمته ، والمرشح للتصاعد في قادم الأيام .
719