لفتني قبل أيام ما أوردته صحيفة “إيران” القريبة من الجناح المحافظ ، عندما أفردت على مساحة واسعة من صدر صفحاتها لمناقشة بيان جبهة الصمود القريبة من رجل الدين الأصولي آية الله محمد تقي مصباح يزدي” الأب الروحي لأحمدي نجاد ولتيار الحجتية تحت عنوان “سيناريو مكرر لصناعة يلتسن”، والتي حذّر من انهيار إيران على أيدي حسن روحاني والإصلاحيين، متخذة من سيناريو انهيار الاتحاد السوفيتي خلال حكم بوريس يلتسن أنموذجا لها، وذكرت “أن كتابة الإصلاحيين لرسائل للتفاوض مباشرة وبدون قيد أو شرط مع دونالد ترمب من طرح استجواب ، وعدم كفاءة روحاني وجميع هذه الاستراتيجيات السياسية والاقتصادية التي يتبناها هو وحكومته يشير إلى أنهم أعدوا بديلًا عن حسن روحاني، كي يسرع هذا الطريق-تدمير النظام والثورة معاً ”.
بالفعل تعيش إيران فترة تخبط غير مسبوقة على كافة الصعد من رحلة انهيار التومان ، وتبني سياسة الازدواجية في الصرف للعملة الوطنية بسعرين مختلفين، الأولى للسلع الخاصة والمواد الخام والسلع الضرورية التي يحتاجها الشعب الإيراني بشكل يومي ، والسعر الثاني للبضائع الأخرى التي باتت تعتبر شبه كمالية رغم ضرورتها الملحة ، المثير أن سعر العملتين يختلف عن سعر العملة في السوق الحرة. هنا يظل الاقتصاد الإيراني يعاني بالفعل من تدهور وسط تراجع حاد في قيمة التومان الذي بات يناهز في أول عيد نيروز بعد فرض العقوبات أكثر من 11 الف تومان ، مع تزايد التسريبات بأن الدولة الإيرانية على أعتاب نفاذ احتياطاتها من العملات الصعبة ، مع تسارع الخطى لتبادل الاتهامات حول “التسونامي القادم” بينما بات المرشد وزبانيته اللذين كانوا يراهنون على كسب الوقت على أمل عدم انتخاب ترمب لفترة رئاسية قادمة ، يجزمون أن الانفجار قادم لا محالة في إيران إذا لم ترضخ للمطالب الأميركية وتذعن لها .
بين هذا وذاك تتخبط إيران ، من خلال دبلوماسية التصريحات المتضاربة التي تتحدث عن حرب إقتصادية تقودها واشنطن بلا هواده ، وبين تصريحات الحرس الثوري بالقدرة على الصمود والمواجهة إلى جانب الاستفادة القصوى من الطاقات المحلية، لزيادة الإنتاج وتنمية الصادرات، لمواجهة العقوبات الأميركية. واعتبار أن الولايات المتحدة لم تنجح في ضغوطها وفشلت في محاولاتها لزعزعة الوضع في إيران، وأنها لن تنجح في وتصفير مبيعاتها من النفط ، لأن هذا معناه اعلان حرب على الدولة الإيرانية .
فيما مسلسل انهيار
التومان مقابل الدولار مستمر ، و ارتفاع
لهيب الأسعار والتضخم بشكل غير مسبوق ،
وبات يؤشر إلى انفجار زلزال من الاحتجاجات
على غرار الجيولوجيا الإيرانية في مختلف أنحاء إيران.
وسائل التواصل الاجتماعي الإيراني تحذر من أن ثورات الخبز على الأبواب، مع تزايد التسريبات أن المرشد الإيراني علي خامنئي، قد أعطى الضوء الأخضر لإعادة التفاوض مع واشنطن على غرار مفاوضاتها في ملفي أفغانستان والعراق مع المطالبة بـضمانات جدية، والمعلومات القادمة من طهران تتحدث أن الحل في واشنطن فقط وليس غيرها، ولم تعد هناك فائدة ترجى من التفاوض مع دول الاتحاد الأوروبي ولا روسيا، وأن متعة الانتظار لنرى ما الذي ستفعله الدول الضامنة للاتفاق النووي هي مضيعة للوقت .
الصراع مع واشنطن في طريقه إلى التصعيد، على التوازي مع صراع الخبز والبقاء، يقيناً يمكن التكهن بالمسارات التي سوف يتخذها رد الفعل الإيراني الداخلي حول انهيار التومان، وتُحفّزها عوامل داخلية ضاغطة وإقليمية ودولية عدة، وهنا لا بد أن تأتي الثورة ليس طلباً للخبز والدجاج فقطكما يقول رواد التواصل الاجتماعي الإيراني، ولكن لاجتثاث كل من تسبب في إعادة إيران عقوداً إلى الوراء، وتسبب في تبذير ثروات إيران على مغامراتها المدمرة في المنطقة، ليحصد الشعب كل هذه الكلفة الباهظة، ويُتوج الأمر بفشل اقتصادي وسياسي ذريع، ما جعل أكثر من 60 مليون إيراني يعانون الفاقة والجوع والعوز .
يبدو ان ايران تنتهج لعبة الحظ لاطعام الناس و لتحسين اوضاع بلدهم ،
يعني سياسة دولة قائمة على يا تصيب يا تخيب شيء مضحك.
سلمت دكتور.
تم