أقال الحرس الثوري الإيراني رئيس استخباراته حسين طائب بعد نحو 12 عاما من توليه المنصب، يأتي هذا في وقت نجح فيه الموساد الاسرائيلي في تحقيق اكبر عمليات اختراق وتخريب واغتيالات لشخصيات ايرانية عسكرية وعلمية ،وتزامنت فيه مع تنفيذ السلطات التركية عملية أمنية في مدينة إسطنبول، اعتقلت من خلالها 5 إيرانيين مشتبها بهم بالتخطيط لتنفيذ عمليات ضد مواطنين إسرائيلييني ،كما تأتي بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، إلى تركيا والتي قال فيها إن العلاقات التركية الإسرائيلية قد شهدت تقدما كبيرا خلال العام الماضي، في السياق نقسه يجري وزير الخارجية الروسي زيارة إلى طهران يبحث خلالها من ضمن الملفات الملف النووي الإيراني، وأمن الخليج العربي.
ركزت غالبية الصحف الإيرانية في أعدادها الصادرة بالامس على تغطية خبر تعيين العميد محمد كاظمي رئيسًا لجهاز استخبارات الحرس الثوري بدلًا من حسين طائب الذي عين في منصب اعتباري اقل كمستشار لقائد الحرس الثوري ،حيث انصبت التغطية الإعلامية على عدم شرح الدوافع وراء اتخاذ هذا القرار والاسباب الكامنة وراءه .
اعتبرت بعض الصحف الأصولية أن استمرار حسين طائب في منصبه رئيسًا لـ13 عام لجهاز استخبارات الحرس الثوري يكشف مدى ثقة النظام به وفي قدراته ، ولهذا فالتغيير والتجديد بعد هذه الفترة يعتبر أمرا طبيعيا بعد هذه الخدمة الطويلة ، وعكس ذلك يعتبر استثناءا.
بالمقابل اشادت بخليفة حسين طائب، العميد محمد كاظمي”صائد الجواسيس”، والذي كان على مدار هذه الـ13 عامًا مراقبًا ومتابعا لنشاطات استخبارات الحرس الثوري ومنخرطا في بعض مهامه ومنسقا بين احهزة استخبارات عديدة، وكان لديه مهمات امنية محددة تم ايكالها له، وبرع بها ، وهو ما غفل عنه العدو الذي ظل على مدار الأيام الماضية يعلق على هذا التغيير؛ واختلاق الاسباب الواهية وراء ذلك؛ إذ أن تيار واسع من العناصر المناهضة للثورة، وأجهزة الاستخبارات، والتيارات الداعية لإسقاط النظام، والعملاء والمرتزقة والمندسين الساعين للخراب والهدم من الاقتصاديين والسياسيين والجواسيس، وخلال هذه السنوات كانت قد استهدفتهم استخبارات الحرس بقيادة حسين طائب ، والآن يرون أن هذا النهج سينتهي برحيل حسين طائب، لذلك فهم يحتفلون برحيله ، ويعتبرون نهج استخبارات الحرس قد انتهى ..وهم واهمون .
إلا أن القائد الجديد محمد كاظمي، وبحسب اعلام الحرس الثوري ، كان موافقًا على هذا النهج والسياسة في هذا الجهاز “ لمكافحة المفسدين والداعين لإسقاط النظام، والجواسيس ومحاولي اختراق أجهزة الاستخبارات، وإذا ما كان عكس ذلك، فلم تكن لتطول مسؤولية طائب على مدار الـ13 عام الماضية ،والتي حقق فيها انجازات كبيرة .
واضافة الصحافة “الحرسية” أيضًا أن “ما يدركه العدو عن استخبارات الحرس ووزارة الاستخبارات وكافة عناصرها قليل جدًا،وشحيح بلا حدود ،فرحيل طائب ومجيء كاظمي خطوة نحو تعديل استراتيجية استخبارات الحرس وتقوية لمسار محور المقاومة الإسلامية على مسامع العدو، ضمن استراتيجية كبرى والتي ستلهب العدو قريبًا وتحد من قدراته.
فحسب ما عرضه الاعلام الايرانية كذلك فان هذا التغيير وراء تعيين محمد كاظمي على راس جهاز استخبارات الحرس يعكس رسائل تحذير للداخل والخارج
و مؤشر لرفع الاستعدادات العسكرية والامنية والاستخبارية واللوجستية ، وتعزيز قدراته وجاهزية الحرس لدعم اذرع ايران ووكلائه للتصعيدإقليميا، والوقوف ضد تبعات تطبيع العلاقات مع دول المنطقة،خاصة مع حديث الاعلام الحرس عن متابعته ورصده لتحركات إسرائيل في المنطقة بدقةوبوعي مدركين مخاطر ذلك ، والثمن الذي سيدفعه الأعداء..
بمعزل عن رسائل الصحافة الايرانية ،فان هذه التغييرات كما توقعنا سابقا تعكس نمط الاستجابة المتوقعة من قبل الاجهزة الامنية الايرانية لمواجهة التحديات التي باتت تواجهها ايران داخليا وخارجيا. ويقع في القلب من هذا التساؤل هل سيضطر النظام لإجراء المزيد من سلسلة التغييرات الجوهرية الجديدة غير اقالة حسين طائب ،واجراء المزيد من التغيير في القيادات العسكرية والامنية بعد هذا الفشل و الاختراق الواضح لبنية الدولة العميقة الايرانية ، وكيف سيسعى الحرس للتصعيد إقليميا عبر وكلائه ،خاصة ان هذا الخيار يواجه حقيقة الوضع المتراجع لأغلب هؤلاء الوكلاء. مع سهولة استهداف العمق الايراني ما حدا بالحرس الى افتعال التحرش مجددا بالسفن الامريكية ، بهدف تحسين شروط التفاوض مع واشنطن تحديدا .
تدرك طهران ان استمرار الضربات والتخريب داخل ايران هدفه إحراج النظام الإيراني واضعافه ، وخاصة الحرس الثوري مما يمكن أن يشجع أي حركات معارضة أو تمرد عنيفة واسعة ضد النظام، من هنا استوجب التغيير خاصة ما عرف عن محمد كاظمي ولقبه “كصائد الجواسيس “لارسال رسائل الى الخصوم مفادها ان عهد الاختراقات قد ولى ، وهو ما لا يتوقع تحقيقه في ظل عدم حرفية اختراق اجهزة الاستخبارات الايرانية ،وسهولة اختراقها ،و التي اصبحت فعليا وكرا فعليا للجواسيس اكثر من اي وقت مضى .