النفاق والازدواج في الشخصية ، يمثل اضطراب عقلي مزمن وشديد ، يؤثر في طريقة تفكير الشخص وشعوره وسلوكه ، قد
يسمع المصابون به اصواتا غير موجودة ، أو قد يعتقدون ان اشخاصا آخرين يحاولون ايذائهم ، وهذا يعني ان الشخص قد لا يكون دائما قادرا على تمييز افكاره الخاصة ، عن الافكار التي تحدث في الحقيقة ، كونه يفقد الاتصال بالواقع ، عندئذ سيكون بعيدا جدا
عن مايدور من حوله ، أو يعتمد على ما يصله
من معلوماتية تكون غير دقيقة ، وبالتالي يوقعه بالوهم ، ويوصله الى حالة التجني على الاخرين دون معرفة الحقيقة بكاملها
أو معرفة تفاصيلها ومبرراتها واسبابها ، وسيكون الشخص في هذه الحالة واقع في سياق الازدواجية النفسية ، ويجد نفسه متناقض تماما مع نفسه ، ان مثل هذه الشخصية تعاني من الثنائية الواضحة الموجودة في وعيه !!
وأنا كغيري متابع للاعلام وبكل انواعه ، وعلى وجه الخصوص ما يطرح عبر وسائل التواصل الاجتماعي .. فإن هذا الكم الهائل للفضاء الاعلامي مما يتطلب على العاملين
في الاعلام توفير المادة الكافية التي تملأ هذا
الحيز الكبير من الوقت ، وكذلك يتطلب مزيد من الاخبار والمعلومات والتحليلات ،
كل ذلك ادى الى خلق مهنة جديدة على الساحة الاعلامية وهي مهنة ( المحلل السياسي ) ، وجل هؤلاء لا يفقهون شيئا عن السياسة ، بل هم عبارة عن اناس يرتزقون
من هذه المهنة !! وينفذون ما مطلوب منهم من قبل اصحاب القنوات الاعلامية !
فنجدهم تارة يمينيون وتارة اخرى يساريون وتارة اخرى اسلاميون ، وهكذا دواليك !!
وهذا ما يجعلهم يقعون في مطب النفاق السياسي وازدواج الشخصية. وهذا ما نجده
في الاعلام العالمي والعربي وفي العراق بشكل صارخ بعد عام( ٢٠٠٣ ) ، فاكثرهم منافقون كونهم ينتحلون صفات مختلفة من اجل تحسين صورتهم فعلى سبيل المثال ( خبير امني ، محلل سياسي ، محلل استراتيجي ، خبير في شؤون المرجعية وغيرها من التسميات ) . ومن المهازل الاعلامية في العراق ان يوصف احدهم ( مدير مركز الدراسات الاستراتيجية ، او مدير معهد الابحاث الامنية والعسكرية ) علما ان هذه المراكز لا وجود لها على الاطلاق ؟؟؟ اليس من المفروض ان الاعلام السلطة الرابعة ان تمارس دور المشرف الحريص على مصالح الناس ، وان تعمل على نقل الحقائق بتجرد ؟ دون تحريف أو تزييف ودون لف ودوران ، حتى يتمكن الناس ان يتعرفوا على ما يجري من حولهم ! ولكن مع الاسف الشديد ان الاعلام اليوم وفي كل مكان من هذا العالم لم يعد اعلاما حرا كما ينبغي ، بل اصبح اعلاما توجهه جهات خفية
وصاحبة رؤوس الاموال وهي التي تشرف عليه وتخضعه من اجل اهدافها ومصالحها
الخاصة .. كما حدث في الاعلام الغربي ضد القضايا العربية وتبنيه لمواقف مسبقة ضد القضية الفلسطينية وضد العراق وحكومته الوطنية ، حيث ساق الاعلام الغربي مجموعة من الاكاذيب وقاد حملة شعواء تمهيدا لغزو
العراق .. كما ان الاعلام العربي هو في اغلبه
اعلام مضلل وكاذب ومزدوج الشخصية ..
ومع الاسف وصل الاعلام في العالم وعلى وجه الخصوص الاعلام العربي الى الدرك الاسفل ، بحيث تم تجنيد عديد من الاعلاميين الذين لديهم القدرة على ممارسة
تزييف الحقائق وقدرة على التضليل والكذب
وطمس الحقائق كما تفعل الفضائيات الموالية الى ايران في العراق !!!
ان خطوره هؤلاء تكمن ان دورهم في تضليل الرأي العام ، والكذب والتدليس وطمس الحقائق.. ويساهمون في دعم الاحزاب السياسية العميلة وحكومات الاحتلال والتطبيل لهم !! وفي الحقيقة هم يمارسون الابتزاز السياسي ، وهذا ما يفعله الكثير من المحللين الذين يتقاضون مبالغا مجزية مقابل خدماتهم .. فضلا عن كل ذلك فهؤلاء لا يمتلكون الحد الادنى من الثقافة والتعليم والخبرة والممارسة ، فبالامكان ان نطلق عليهم ( اعلاميون آخر الزمان ) ، كونهم بعيدون كل البعد عن اخلاق المهنة
التي تسعى الى توعية الجماهير من خلال نشر الحقيقة وايصال كل ما يهم الجماهير
من اخبار بحيادية وعلمية وموضوعية ..
فالمحلل السياسي المبداي وصاحب الاخلاق
الحميدة ، هو ذلك المحلل الذي يمتلك قدرات ثقافية وعلمية عالية ، ويمتلك خبرات متراكمة يجعله نموذجا للتعاطي مع الواقع بعلمية وحيادية .. وان يكون بعيد كل البعد عن الطائفية والعشائرية والمناطقية
وان يكون وطنيا حقيقيا وليس ذيلا للمحتلين وعملائهم ، حتى يتمكن من ايصال
الحقيقة الشعب العراقي …
فالاعلامي الذي يحمل هذا اللقب عليه ان يحترمه ويحترم شرف المهنة التي ينتسب اليها ، فالاعلامي الناجح والمؤثر هو الذي يمارس مهنته بطريقة حضارية وبناءة بحيث يكون مقنعا ومؤثرا على الاخرين !!!
فما يجري اليوم في العراق وغير العراق
من مهازل وفي بعض الاحيان استهتار بما يتعلق بكثير من المفاهيم والقيم والاخلاق
وحتى بالعقول ، يجعلنا نرثي السلطة الرابعة
ومن يعمل فيها ومن يوجهها ، لان اكثريتها
تبث السموم وتزرع الفتن بين ابناء الامة
كونها تستخدم لاغراض شخصية ومصالح خاصة واهداف محددة ؟؟؟
565