سألني أحد الصحفيين عن الاقتصاد العراقي… فأجبته لا يوجد أٌقتصاد في العراق, هنالك فوضى عارمة كون البلد تحكمه عصابات ومليشيات وناس أميين ليس لديهم اي تصور عن السياسة والاقتصاد… ولكي أثبت لك بعدم وجود اقتصاد في العراق, والذي يوجد هو تبديد للثروات وسرقة موارد البلد التي فوق الارض وتحت الارض وقتل وسجن وتهجير قوة العمل التي يعتمد عليها الاقتصاد العراقي…
عندما غزت الولايات المتحدة الأمريكية العراق ومن معها من جيوش وعملاء ومرتزقة.. تم تدمر اكثر من 85% من البنى التحتية التقنية والاجتماعية تدميراً كاملاً.. ومن أهمها مصادر الطاقة الكهربائية والتي يعتمد عليها المجتمع في صناعته وزراعته وغيرها من الفعاليات الاقتصادية… فقد تم شل الحركة الاقتصادية في المجتمع…
فقد تم تدمير القطاع الصناعي برمته وتم سرقة كل ما تبقى من المكائن والعدد والمعدات واكثر من ثلاثة عشر الف (13الف) معمل ومصنع ومؤسسة أنتاج في عموم العراق وتم أيقاف العمل في المصانع الصغيرة والصناعات التقليدية بسبب انقطاع الكهرباء وبسبب الاوضاع الامنية الخطيرة.
أما بالنسبة للقطاع الزراعي الذي وصل الى حد الاكتفاء الذاتي عام 2000, تراجع وبشكل خطير حيث بلغت مساحة الاراضي الزراعيه الحالية 12 مليون دونم بعدما كانت 48 مليون دونم… فضلاً عن غياب والعجز الذي حدث على جميع مستلزمات ما تتطلبه العملية الزراعية من مياه وبذور وعدد ومكائن ومعدات وقوى العمل الفنية المطلوبة لتنمية القطاع الزراعي.
أما بالنسبة لقطاع الخدمات فهو الاخر اصيب بنكسة كبيرة جداً فالصحة تدنى مستواها في البلاد الى درجة خطيرة وخاصة بعد تدمير الكثر من المستشفيات والمراكز الصحية وتصفية الكثير من الاطباء وهجرة الاكثر منهم خارج البلد, وتم رفع مجانية العلاج في المؤسسات الحكومية واصبح لكل الف مواطن عراقي سرير واحد. حيث انتشر 39 مرضاً في البلاد بسبب ذلك كله مثل (الكوليرا, وشلل الاطفال, الكبد الفيروسي وكثرة الاصابة بالسرطان).
وكذلك قطاع التعليم اصبح يعاني من ازمات قاتلة حيث تتوفر في البلاد 14,658 الف مدرسة ابتدائية ومتوسطة وأعدادية 9 الاف منها متضررة ونحو 800 مدرسة طينية… علماً ان حاجة البلاد الى بناء 11 الف مدرسة جديده لاستيعاب الطلاب هذا اذ علمنا ان البلاد تحتاج بحدود 3 مليون وحدة سكنية لحل أزمة السكن.
وبناء على ما تقدم يتضح وبشكل جليّ ان الاقتصاد العراقي لا وجود له وان البلاد واقتصاد البلاد يعانيان من أزمة مركبة وشديدة التعقيد وليس بالسهولة معالجتها في اطار العملية السياسية الحالية. وذلك بسبب الفساد المالي والاداري والغير مسبوق في كل العالم…
فأصبح عدد العراقيين المسجلين تحت خط الفقر بأقل من 5 دولار في اليوم اي بحدود 35% من الشعب وان 6% يتعاطون المخدرات والحشيش وان 9% نسبة عمالة الاطفال دون سن الـ 15 سنة.
أما بالنسبة للقطاع المالي فقد بلغ مجمل الديون العراقية 140 مليار دولار لصالح 29 دولة يضاف اليها ديون صندوق النقد الدولي و 6 شركات نفط غربية وديون نادي باريس.
هذا اذا علمنا ان مبيعاتنا من النفط خلال فترة حكم المالكي وفترة ارتفاع النفط بحدود ترليون دولار.. ولم تسهم بحل أي مشكله.. حيث بلغ نسبة الهدر بحدود 450 مليار دولار.
ومن الجدير بالذكر, يوجد بالعراق 371 حزباً وحركة سياسية وكذلك يوجد 11,670 الف منظمة مجتمع مدني ويوجد 980 الف جندي وعنصر أمن, ويوجد 126شركه امنية محلية واجنبية ويوجد 73مليشيا مسلحة وبواقع 117 الف عنصر مليشيا. بحيث لا يوجد مثل هذه الحالة في جميع بلدان العالم…
كما يوجد في البلاد 54 صحيفة ومجلة يومية واسبوعية و 63 محطة تلفزيون فضائية ومحلية و 29 محطة اذاعة محلية اضافة الى 4 شبكات اتصال عراقية واقليمية.
كل ذلك بسبب الاحتلال الامريكي – الايراني للعراق وماخلفه هذا الاحتلال من تدمير شامل للعراق سياسي وامني واقتصادي واجتماعي قل نظيره. وبعد خروج القوات الامريكية من العراق وذلك عام 2011 سلمت امريكا العراق الى أيران لتكمله تدمير العراق وتقسيمه ونهب ثرواته… وتمكنت ايران من التغلغل داخل المجمع العراقي وعلى وجه الخصوص التغلغل الاقتصادي وهو الاكثر خطورة, وبدأ هذا التغلغل تدريجياً وصولا الى الهيمنة على الاقتصاد العراقي برمته, واعتمدت بذلك على دور المليشيات العراقية التابعة لها, والتي تمكنت من تمويل ايران وذلك من خلال ما ياتي:
اولاً: تشكيل منظومة اقتصادية متشعبة وبالاخص بعد عام 2014 وهذه المنظومة هي التي ساعدت ايران على التغلغل في معظم مفاصل الدولة.
ثانياً: السيطرة على مكتب رئيس الوزراء بواسطة مدير مكتبه (ابو جهاد الهاشمي) وهو قيادي في منظمة بدر.
ثالثاً: تمكنت المليشيات من بناء قوة عقارية كبيرة جداً وتمكن حزب الله في لبنان من الحصول على عقود وهمية لتمويل نفسه.
رابعاً: سيطرة رجال اعمال مرتبطين بايران على اربعة بنوك خاصة تستغل مزاد بيع العملة للبنك المركزي العراقي والذي يصرف يوميا 250 مليون دولار وتقوم هذه البنوك بشرائها وتعمل على تأمين العملة الصعبة الى ايران.
خامساً: سيطرة المليشيات على عدد من حقول النفط وفي مناطق محددة مثل (الگياره ،وعلاس ،ونجمة) مما يدر عليهم واردات ضخمة من خلال بيعه وتهريبه الى ايران, كما تعمل هذه المليشيات على الاستفادة من شركات النقل والشحن في البصرة لتهريب النفط المسروق من هذه الحقول.
وبنفس الوقت تقوم هذه المليشيات على توفير غطاء لتهريب النفط الايراني الخاضع للعقوبات الامريكية عبر الحدود مع العراق.
سادساً: تمكنت المليشيات من اختراق نظام (الكي كارت) المخصص لدفع الرواتب الحكومية, عبر زج اسماء موظفين وهميين في النظام الالكتروني للحصول على اموال تبلغ عشرات الملايين شهرياً.
سابعاً: تقوم المليشيات بنهب وسرقة المساعدات الامريكية والدولية والموارد العراقية وتهريبها وتحويلها الى ايران.
أن هذه المليشيات تتدخل وبشكل مباشر أو غير مباشر في جميع النشاطات الاقتصادية التي تحدث في العراق وبالاخص بالعقود الكبيرة والصغيرة ولديها نسبة تحصل عليها… وأن كل ما تحصل عليه تحول الى ايران وتقوم ايران بتمويل اذرعها في المنطقة.
أما داعش والتي لعبت نفس الدور الذي لعبته هذه المليشيات كونهما وجهان لعملة واحدة, وواحد يكمل الاخر… فالخسائر التي تكبدها العراق جراء تصرفات داعش هي:
اولاً: ان مجمل الخسائر الاقتصادية بلغت 500 مليار دولار اي نصف ترليون دولار.
ثانياً: قامت داعش بسرقة 50 طن من الذهب من البنوك العراقية.
ثالثاً: قامت داعش بتدمير اكثر من 147 الف بيت بالكامل.
رابعاً: تم تدمير ما يقارب من 40% من زراعة العراق وذلك حسب تقرير منظمة الفاو لعام 2018.
خامساً: اكثر من 12 مليون عراقي خسروا أعمالهم واصبحوا عاطلين عن العمل.
سادساً: تم تدمير البنى التحتية من محطات انتاج الكهرباء والمستشفيات والمدارس بكلفة تقدر بـ 100 مليار دولار.
سابعاً: السيطرة على 33 بئر نفطي يدر عليهم يومياً مليون دولارً.
هذا اذا اخذنا بنظر الاعتبار الفساد المالي والاداري والذي حل العراق بالمرتبة الاولى في العالم, من سرقة اموال الشعب ونهب الثروات وبالاخص واردات العراق من النفط والتي بلغت بحدود الترليون دولار والموظفين الفضائيين (الوهمين) وتزوير الشهادات وسرقة الاثار التي لا تقدر بثمن, وتدمير الثروة الحيوانية ومشكلة المياة, وانعدام الخدمات الضرورية لحياة الانسان وتدمير وسرقة كل شيء عدا الهواء لم يتمكنوا من سرقته بل من الممكن تلويثه…
فهل يوجد اقتصاد في العراق… عن اي اقتصاد نتحدث وعن اي مستقبل نتحدث وقد رهنوا ثرواتنا الى عشرات السنين ليحرموا اجيالنا من العيش بسعادة وأمان… هذا هو وضع الاقتصاد في العراق , وبأمكاني ان أصفة بالاقتصاد المنهوب.
وبالرغم كل الذي قدمناه من حقائق والذي يقودنا الى التشاؤم… الا انني أعلم جيداً ان العراق هو من اغنى بلدان العالم ولديه من الموارد المادية والبشرية تمكنه من النهوض مجدداً ويعود افضل من قبل في حالة مجيئه بسلطة وطنية عراقية خالصة تتحرر من كل انواع الاحتلال الامريكي والايراني والصهيوني وتقوم بادارة الاقتصاد الوطني على اسس علمية, وتعبأ طاقات العراق المادية والبشرية وزجها بخلق تنمية مستدامة وتقضي على جذور التخلف في العراق, والاهتمام بالتعليم والصحة والقضاء على الامية والاهتمام بالبحث العلمي وبناء صناعة متطورة تعاضدها زراعة وطنية وقطاع خدمات مناسب لهذا التطور واعادة بناء الانسان على أسس وطنية بعيدة عن الطائفية والاثنية, وذلك بعد قيام نظام عراقي مدني وطني تعددي يساهم به كل ابناء الشعب العراقي دون استثناء او اقصاء او تهميش… وعليه سيكون مستقبل العراق مشرقاً… فثورة الشعب العراقي وشبابه المنتفضين هم يمثلون بداية شروق الشمس على العراق فلهم المستقبل.
وثورة حتى النصر

716
تعليق واحد