في حياتنا اليومية نطلق صفة الاناني على بعض الأشخاص والاصدقاء وحتى الاقارب جزافا ، دون أن نعرف بالضبط معنى هذه الكلمة وما هي صفات الشخصية الانانية وتأثيرها على حياتنا وعلى مجتمعنا .. ووجدنا من الضروري أن نتعرف على الشخصية الانانية وما هي مواصفاتها .. حتى نتجنب أطلاق هذه الصفة على أناس لا تنطبق عليهم هذه المواصفات ..
والحديث هنا عن الشخصية الانانية السلبية وليس الإيجابية التي لا تظر المجتمع ، على العكس من الانانية السلبية ..
فالشخص الاناني هو الشخص الذي يحب نفسه ولا يهمه من حوله ، ويعمل على تحقيق رغباته وبكل الوسائل حتى لو كانت على حساب غيره.
فهو شخصية تتمحور حول نفسها ، ولا تقدم أي تضحية من أجل الآخرين ، وهو يهمل أحتياجات الآخرين والتلاعب بهم حتى يحصل على ما يريد ، سواء في العمل أو في الحياة الشخصية دون أن يشعر بأي ذنب ..
وهذه الشخصية من طبيعتها لا تقبل النقد البناء وعندما يتم مخالفته بالرأي يبدي امتعاضه وانزعاجه ، ولا تتفاجأ قد يترك المكان دون إستئذان ..وهذه الشخصية تبالغ بما قامت به خلال حياتها ، حتى لو كانت غير صحيحة .. ويعتقد نفسه دائما أنه يصلح بالموقع الذي هو فيه ، وأنه لا يوجد بديل عنه ، لانه كما يعتقد هو الأفضل ، وعند وصول الشخص الاناني السلبي الى منصب قيادي فإنه يحاول أن يصل الى مكاسبه الشخصية وطموحاته بغض النظر عن العاملين معه حتى لو عرضهم الى الخطر .. ومن صفات هذه الشخصية ايضا ، تعمل على الاستفادةمن أي وضع يمر به فيستغله ويخضعه الى مصالحه الشخصية ، وهي شخصية تعتمد على مبدأ المعاملة بالمثل الى أبعد حد ، أي انها شخصية حاقدة بعيدة كل البعد عن مبدأ التسامح والنسيان.
وهي شخصية تتميز بالبخل وتعتمد مبدأ الحد الأدنى من التكلفة في جميع تعاملاتها .. وتتصف بالجبن.
الانانية السلبية ، هي من أسوأ الصفات التي يمكن أن يمتلكها شخص ما .. فالإنانية كما قلنا هي تمحور حول الذات ، وهو يتصرف من أجل مصلحته ، وكل افعاله يتم توجيهها لصالح نفسه .. فالانانية هي تركيز على الذات ، وهي عكس الإيثار أو نكران الذات ، والأناني لديه شعور بالقلق بشكل كبير على مصلحته ورفاهيته ، ولديه القدرة أن يخبأ جانبه السيء بشكل جيد كونه مراوغ ومتلاعب ويكذب عند الضرورة ، ويسعى للسيطرة على الآخرين ويعمل على ابتزازهم عاطفيا من أجل أن يلوي ذراع الأفضل والأكفأ منه ..
والاناني يعتقد أنه فوق الجميع ، ويريد منهم التقدير والشكر والثناء .. فإذا واجهت بحياتك مثل هذا الشخص لا تدعه يحصل على مراده.
فالاناني يكون شخص مهزوم في داخله ، لايوجد لديه القدرة على مواجهة الآخرين بالكلام والنقاش كونه شخص فارغ علميا وثقافيا .. ويتصور واهما أنه يستحق كل شيء وعلى الآخرين أن يقدموا له الولاء والطاعة ، وأن يؤدون له التحية في الأماكن العامة ، من أجل أشباع عقده وضعفه. ..فالانانية هي حب الانسان لنفسه وعشقه للسيطرة ، والتملك ، وهي الانا التي تجعل الانسان لا يرى إلا نفسه ولايهتم إلا بشخصه ، فالانانية هي وهم الضعفاء ..
فعند وصول الشخص الاناني الى منصب قيادي فإنه يحاول التمسك بموقعه ويقاتل من أجل البقاء فيه لان الموقع القيادي يعطيه موقعا اجتماعيا ، لولاه لما كان يمتلكه ، أي إذا تخلى عنه سوف يفقد مكانته الاجتماعية.
فهو شخص لا يتمكن على الاطلاق أن يتجاوز ذاته وأن ينتقل الى الموضوعي في تصرفاته ، كونه شخص متخلف لا يمتلك الثقافة الكافية التي تمكنه أن يكون موضوعيا ..
وبهذه المواصفات يمكننا أعتباره شخصا شريرا لا يفيد إلا نفسه .
فالانانية تعد واحدة من أسوأ العادات التي يمكن أن يتمتع بها المرء. الانانيون لا ينظرون الى أبعد من أنوفهم ، كونهم لا يفكرون في المستقبل ، ويعتبرونه بعيد جدا عن نيل الفائدة الحالية ، والمستقبل لا يثير أهتمامهم ..
( كما أكدت الكثير من الدراسات العلمية ، من أن تصوير النشاط العصبي ، أظهر أن الأشخاص الذين يعتبرون من الأنانيين لا يستخدمون منطقة من الدماغ تتيح للإنسان النظر للمستقبل البعيد ، أو حتى وضع تصورات حول ذلك المستقبل ) ..
وعلى هذا الأساس ، الانانيون لا مستقبل لهم ولا يمتلكون العقلية الكافية للنظر الى المستقبل فهم يعيشون واقعهم اليومي .. لذلك هم يعانون من عدم المبالات.فالشخص الاناني يبدو في كثير من الأحيان ، شخصا ودودا ولطيفا ، ويخدع الآخرين بكلامه المعسول ، ولكنه دائما ما يحاول أشباع رغباته الخاصة به ، ويستخدم الذين خدعوا به ويجعلهم يقومون بالعديد من الأشياء المهمة له .. ونادرا مايقول شكرا .. ويبدو أن الشخص الاناني له شخصية مزيفة ، وخصوصا عند التحدث مع الآخرين في البداية يبدو ودودا معك ولكن عندما تتعرف عليه عن كثب ، سوف تجد بأنه لاينال إعجابك ، وتكتشف أن سلوكه معك غير صادق ، وتقربه منك ليس سوى محاولة لاستخدامك.
الشخصيات الانانية السلبية ، لها مخاطر كثيرة على المجتمع ..
كونهم يعيشون يومهم ولا ينظرون الى المستقبل ، فهم بدراية أم بدون دراية يساهمون ببقاء المجتمع متخلفا ، حتى يحققون رغباتهم الشخصية .. فالانانيون يحاربون الأشخاص الأكثر كفاءة وقدرة على البناء والتطور والذين يمتلكون كفاءات علمية عالية وهم يفتقدونها ، ويحاربون كل الذين يؤمنون بالعمل الجماعي ، متجاوزين ذاتهم من أجل المصلحة العامة وتطور المجتمع .. فالانانيون يحاولون إفشال الأشخاص الذين لديهم الإمكانية على بناء المجتمع وتطويره والأكثر كفاءة وخبرة ، ويمنعوهم من تبوء المواقع القيادية في المجتمع وبكل الوسائل ، وهذا مما عطل كل سبل التجديد الفكري والتطور الحضاري المطلوب . ويساهمون في قتل المبادرات والخلق والابداع والابتكار.
فالانانيون هم أعداء التنمية والتطور والرقي ، وهم السبب في خلق النزاع بين أفراد المجتمع وجعل المجتمع متخلفا.
وهم بذلك يساهمون في تفكيك المنظومة القيمية والاجتماعية ،
( فعلينا العمل وبكل جد ) ، اذا أردنا أن نبني مجتمعا حضاريا ،
إزاحة هؤلاء الانانيون والمتخلفون من كل مواقعهم في المجتمع سواء ، المواقع السياسية والحزبية والاجتماعية .. وغيرها ، كونهم حجر عثرة خطيرة أمام التقدم والرقي .. وعلى المثقفين والعلماء والأساتذة ، والذين يمثلون النخبة الواعية في المجتمع ، أن تختار بوعي ، من أجل خلق نموذجا أجتماعيا إيجابيا ، يعمل على ترسيخ القيم الصحيحة في الأجيال القادمة، وإنشاء منظومة أجتماعية قيمية تحقق قفزة نوعية
من أجل قلع تلك النفوس الضعيفة من مواقعها ، وتخليص المجتمع من الأنانيين السلبيين والمتخلفين الذين يقفون بالضد أمام التطور والتقدم ، فنحن في هذه المرحلة التاريخية ، بأمس الحاجة الى العقل البارع والقدرة على الأداء المتميز …

993