عادة تكون البحوث الطبيعية اسهل واكثر دقة من البحوث والعلوم الانسانية ففي البحوث الانسانية تعترضك صعوبات جمة أثناء طريقك للوصول لاستنتاجات تحليلية وحلول و تصويب باتجاه الطرق التي توصل لهدف البحث الرئيسي .. غالبا يعتمد الباحث على التجربة فيأخذها كعامل مساعد لانها ستلقي ضوء أكثر من الاقناع باعتبارها حدث قد حصل ومعروفة نتائجه ,اذن اذا ما اردنا تصميم الانتفاضة القادمة يتوجب علينا الاخذ بعين الاعتبار ضبط العوامل الخارجية والداخلية وتوقع مدى تأثيرها عليها كما ان تحديد وحصر و ايجاد العنصر الدخيل الذي قد يغير اتجاه الانتفاضة وقدرتها بالاستمرار فيكون ضروريا لايجاد طرق تحقيق الاهداف و استعمال البدائل الجانبية للتصميم .ان استعمال الاسلوب الاحصائي وان كان بسيطا فانه سيكون عاملا مساعدا لفهم المشكلة وتصوير الحدث فيمكننا من خلاله ان نفهم لماذا مثلا تم ازدياد عدد القتلى في ايام محددة بينما اختفت عمليات القتل في ايام أخرى وهذا سيساعدنا لتلافي فقدان ارواح عزيزة وتلافي تسرب المشاركين او خروجهم من الاتفاضة وتأثير ذلك على زخمها ايضا..وهناك عوامل اخرى تؤثر على الانتفاضة قد تكون ايجابية او سلبية فالتجربة قد يتخللها نوع من نضج هذه العينة أي المجموعات المشاركة بالانتفاضة واسباب اصرارها على الاستمرار رغم انها ترى السقوط المتكرر لعشرات القتلى والجرحى ,فنمى نوع من التفاعل الداخلي بين هذه العينة و دخول مجموعة دخيلة قد تكون ايجابية وهو ما يفسره ازدياد اعداد المتضاهرين او دخيلا سلبيا وهو ما يميز دخول عناصر دخيلة سعت لاختطاف التظاهرة و تغيير نطاق مسيرتها .
يعتبر وجود قيادة ميدانية أمرا ضروريا لتلافي النكسات والتسرب الذي قد يصاحب المسيرات و لا يفضل أن تكون معروفة وبارزة أو تصنع لها مقرا فتكون عرضة و هدفا سهلا للهجمات والانتقام المعاكس .. كما يمكن ان تكون هناك عدة تصميمات لعينات معينة للانتفاضة توكل لها مهام معينة قد تنفرد بها أو تتشارك مع بقية العينات او المجموعات .
ومن خلال رصدنا لحالات القتل التي مورست ضد المتظاهرين وتحليلها بالاعتماد على الاحصاءات ننصح اذا ما كانت الاحتجاجات سلمية ان يتلافى المتظاهرين التحرش بالقوات الامنية أو رميهم بالحجارة وخلافه لكن اذا كان تصميم التظاهرة عنيفا هدفه الاقتحام و احتلال اماكن تؤدي لاحتلال اماكن اخرى متقدمة في طريقها للقضاء على الهدف النهائي عندها سيكون واردا و مشروعا استعمال كل انواع العنف, وعليه فعلى المتظاهرين ان لا يتحمسوا اكثر من المطلوب اذا ما كانت انتفاضتهم ستستمر سلمية (لانها لا يمكن ان تكون نصف سلمية ونصف عنيفة ) فالجانب الخاسر لا بد وان يكون الشعب لا الحكومة فلا تضحوا بانفسكم من أجل هدف بسيط لن يغير من الحالة ولا اثر له ,نشير هنا الى مئات القتلى الشهداء والاف الجرحى الذين سقطوا دون تحقيق ورضوخ حكومات الاحتلال و لا المجتمع الدولي لطلبات المنتفضين الكاملة.
وبالحالة هذه يظهر التصميم الجيد للانتفاضة جليا ليستعمل التصاميم الجانبية من أجل تكسير يد القتل و العنف التي وقفت ضد الانتفاضة وزيادة الضغط من أجل تحقيق الاهداف , فكيف يتم ذلك ؟ :
لما كانت أهداف الانتفاضة هي أهداف كبيرة متعددة تهدف الى تغيير جذري يلامس كل شرائح الشعب وكل النخب السياسية الفاسدة من اعضاء حكومة و برلمان فان خطر زوال كل هؤلاء جعلهم رافضين ومقاومين باصرار لهذه الطلبات لأنها ستقلعهم من الوجود . وهذا رد فعل انساني طبيعي لذا فان من العقلنة أن يصبح المنتفضين أكثر ذكاءا من الة القمع الحكومية من خلال كما قلنا تقطيع اجزاء من ايادي الظلم واستثمار كل مرحلة… وهذا ما جعلنا أن نكتب عدة مقالات سابقة طلبنا فيها بالحاح التوقف عن ممارسة اللعبة الخاسرة كل ما يتم ترشيح رئيس وزراء نرفضه والقبول بالكاظمي كي نستثمر انجاز الانتفاضة باسقاط الحكومة الفاسدة .. علينا أن نفهم أن وضع الفساد اخذ لا محالة بالزوال لكن اللعبة الان هي بكل بساطة تتمثل بهذه الجملة ( أطالة عمر بقاء سلطات الفساد يقابلها تقصير عمرها ) هذا هو التحدي وهذا هو ما يجب أن تركز عليه الانتفاضة بذكاء يفوق ويتغلب على سلطة المحتل الفارسي والامريكي الفاسدة . وللحديث بقية
844