الله سبحانه وتعالى ، خلق البشرية ، وخلق معها كل متطلبات حياتها وسر ديمومتها … وللبشرية
سلوكياتها ، ومشاعر وأحاسيس مختلفة ، ومنذ البداية بدأ الصراع بين الخير والشر .. بين الحب والكراهية .. وإنقسمت النفوس بين هذا وذاك .. فمنهم من تبنى الحب بمعناه الشمولي ، حب الخالق ، والطبيعة ، والنَّاس بدون تفرقة ، وحب الاوطان ، الخ…
والحب يوجد في نفوس الناس بنِسَب متفاوتة ، كما هو الشر ، المليء بالكراهية والحقد والدجل والكذب والسرقة والقتل ، وكل ما موجود من موبقات على وجه الارض .. هذا الصراع بدء منذ قابيل وهابيل والى يومنا هذا ، وسيستمر الى الأبد .. وهو يمثل أحد أهم أسباب التطور …
فالحب هو مجموعة من المشاعر الانسانية والعواطف ذات التأثير الإيجابي والاخلاقي ، وهو تعبير حقيقي عن الفضائل الانسانية ، ويعمل على سعادة الآخرين مما
يؤدي الى رفع مستوى الحياة الروحية. .. والحب ينمو عند الانسان حسب البيئة التي نشأ فيها
وحسب وعيه وثقافته وروحه ونفسيته…
فمر على بلدنا العراق وامتنا العربية فترات مليئة بالأحزان والمشاكل ، وأخرى مليئة بأيام مفرحة وجميلة … والحياة هي
هكذا ، متلونة وجميلة وفيها من الاحداث ماهو مفرح وما هو محزن .. وينعكس كل ذلك على نفوسنا وعلى سلوكنا وتصرفاتنا ، فهل نميل الى الحب أم الى الكراهية. .؟

ومن المعلوم إن بعض جوانب الحياة تفرض على الانسان ولا يمكن له أن يتحكم بها وهي خارج إرادته ، فهي مفروضة عليه فرضا ولا يستطيع على الاطلاق تجاوزها … كأن يفرض عليك أبويك ، وديانة وقومية أبويك ، ووطنك ومدينتك التي ولدت فيها ، وعادات وتقاليد المجتمع الذي ترعرعت فيه وكثير من تفاصيل الأمور والاحوال ، تفرض علينا ونحن عاجزون أن نتحرر منها ومن قيودها الجبارة التي تلاحقنا حتى مماتنا .. هذه هي أقدارنا جميعا .. فقدرنا أن نكون عراقيون وعرب ومسلمون ، وهنا يتوجب علينا أن ندافع عن هذه التسميات الكبيرة بمعانيها ، ونضحي من أجل القيم التي تربينا عليها ، وانتمينا اليها وأحببناها حد العشق ، حتى أصبحت جزء من كياننا وروحنا وجسدنا … فهذا هو قدرنا المكتوب .. ولكننا بنفس الوقت قادرين على أن نمارس دورنا كجزء من هذا المجتمع أن نجتهد على تغييره نحو الأفضل ، مع الحفاض على أساسياته التي نؤمن بها ونعتبرها قيم عليا لا يجوز المساس بها.
فالانتماء للوطن حاجة ملحة وضرورية كأهمية الغذاء والماء والهواء بالنسبة لحياة الانسان، والدفاع عنه عندما يتعرض للغزو واجب وطني مقدس ، فحب الوطن يجب ان يكون مطلق لا نقاش عليه ولا اجتهاد فيه ، وعندما يصل الوعي الجمعي في وطننا الى هذا المستوى من الوعي سنتمكن عندئذ من طرد المحتل الأجنبي شر طردة.
وعلى هذا الأساس أن الحب لا يتجزأ ، فالذي لايحب مسقط رأسه
لا يمكن له أن يحب الزقاق الذي يقع فيه دار ابيه ، والذي لا يحب منطقة سكناه لا يستطيع ان يحب مدينته
وكذا الذي لا يحب مدينته لا يستطيع أن يحب العراق ولا أمته ووطنه العربي الكبير .. ألا ترون كيف أن الحب لا يتجزأ


فهؤلاء الغرباء الذي جاءت بهم قوات الاحتلال ونصبتهم على حكم العراق لا ينتمون الى العراق ولا يعرفون معنى الحب له … فالمحتل أعتمد على حثالات المجتمع ، كون الشرفاء والوطنيون والمخلصون لا يمدون يد العون للقوات المحتلة على الاطلاق .. بل هؤلاء يعدون العدة لمقاومته ومهما طال الزمن .. فالصراع بين الخير والشر وبين الحب والكراهية لازال مستمرا .. وسيأتي اليوم الذي ينتصر فيه الخير والحب على الشر والكراهية والحقد .. والحب يبقى لا يتحزأ أبدا …