الخوميني في فرنسا

كتاب جديد يؤكد الخميني أصله هندي

تأتي أهميةُ هذا الكتاب، الذي نسعد بتقديمه للقارئ العربي الكريم، من زاويتين، تضافان إلى أهمِّية موضوعه في نقد الثورة الخُمَينِيَّة في إيران، وما تمثِّله من مركزية في التحوُّلات السياسية والاجتماعية والثقافية:

▪الزاوية الأولى الرؤية التحليلية والمعلومات الحَدَثِيَّة المعزَّزة بالوثائق في مختلف مفاصل الحدث الإيراني، في أسلوب قويّ رَصِين، يستوعب مختلف علاقات الأحداث وسيرورتها، في صياغة تنجح في تقديم الصورة المتكاملة حدثيًّا وتحليليًّا من وجهة نظر الكاتب، مضافًا إلى ذلك كله قدرة المؤلِّف، لا على تسليط الضوء على الحدث ومتعلقاته السياسية فحسب، بل وعلى رسم بانوراما كاملة للشخصيات الأساسية ثم الثانوية المؤثّرة بدرجات متفاوتة في صناعة المشهد، مِمَّا يضع القارئ أمام حدث متصل بوقائعه وشخوصه وآثاره.
▪أما الزاوية الثانية فهي موقع المؤلِّف داخل النظام الإيراني في عهد الشاه، إذ كان المؤلف الدكتور هوشنك نهاوندي في عهد الشاه وزيرًا للإسكان، ثم وزيرًا للعلوم، ثم رئيسًا لجامعة طهران، قبل أن يغادر إيران بعد الثورة إلى فرنسا ليعمل أستاذًا في جامعة باريس لمُدّة سبعة عشر عامًا، وهو ما يعطي الكتاب قيمة نوعية مُهِمَّة بوصفه في جزء مهمّ منه شهادةً مباشِرةً ورؤية من داخل الحدث الإيراني في تلك المرحلة التي سبقت الثورة بكل ظروفها وملابساتها الداخلية والخارجية.
▪وبعدُ، فقد راعينا في ترجمتنا لهذا الكتاب عن الطبعة الفرنسية الثانية الصادرة عام 2010، المعدّلة عن الطبعة الأولى الصادرة عام 2009م، الدِّقَّةَ الكاملة في الترجمة، وكذلك استعنَّا بشروحات وتوضيحات يرجع الفضل فيها إلى داد مهر، مترجم الطبعة الفارسية، الصادرة عن دار «شركت كتاب»، ومقرّها في لوس أنجلوس، وهي ضمن التوضيحات الواردة في حواشي الكتاب، وكتبنا بعدها كلمة (المترجم) تمييزًا لها من حواشي المؤلّف، وذلك إدراكًا منَّا للفروق الناشئة بين كون الكتاب موجَّهًا إلى قارئ فرنسي، وكونه موجَّهًا إلى القارئ العربي.

▪كتاب “الخميني في فرنسا.. الأكاذيب الكبرى والحقائق الموثقة حول قصة حياته وحادثة الثورة” صادر عن مركز الخليج العربي للدراسات الإيرانية للكاتب (الدكتور هوشنك نهاوندي)، الذي تولى وزارة التعمير ووزارة العلوم ورئيساً لجامعة طهران في عصر محمد رضا شاه، وكان مقرّباً من قصر الشاه، وتولّى رئاسة مكتب الأميرة فرح. والكتاب مترجَم عن الفرنسية. 
كما يُمثّل الكتاب نقداً للثورة الخمينية في إيران، ويحمل رؤية تحليلية ووثائق.
▪ويتكون الكتاب من مقدِّمة للناشر، ومقدّمة للمؤلف، ثم عشرة فصول، ونهاية. 
▪وحسب قراءة للكتاب قدمتها صحيفة الشرق السعودية جاء فيها:
▪أن الفصل الأول  يدور حول سيرة حياة الخمينى خاصة ال50 سنة الأولى من عمره، وإشكالية نَسَبه الذي يرجّح أنه هندي، وتعدُّد بطاقات الأحوال الشخصية التي حملها منذ فتوّته حتى ثورته، ثم جانباً من حياته الاجتماعية وعائلته وظروفه المعيشية، ثم توضيحاً لسماته الشخصية من عدم الانضباط وتناقض المزاج وَفْق ما صرَّح به الخميني عن نفسه وما كُتب عنه من مصادر مطلعة. 
▪وتواصل الصحيفة قراءة الكتاب في الفصلين الثاني والثالث حيث يرصد الكاتب البدايات السياسية للخميني، ولكنه يعرضها متزامنة مع واقع التحوُّلات في المشهد السياسي والاجتماعي الإيراني، مركِّزاً في كل ذلك على أن الظروف التي كان ينتهزها الخميني لتحقيق مكان له على خريطة المشهد السياسي كانت تُخفِي دائماً عاملاً مجهولاً يُظهِره بشكل مفاجئ على مسرح الحدث السياسي، هذا العامل أو تلك العوامل هي ما سيفسره الكاتب بعد ذلك، وهو يوالي شهادته ورؤيته التحليلية التوثيقية للتحوُّلات السياسية في تلك الحِقبة.
▪وفي الفصلين الرابع والخامس يتوسَّع المؤلّف برشاقة مستوعبة في عرض المشهد المتأزم في إيران وتوالي الأحداث التي أدَّت إلى نفي الخميني إلى بغداد، والعوامل التي أدَّت إلى توافق المعسكرين الغربي والسوفيتي على التخلُّص من نظام الشاه – يعزوها أكثر إلى وطنية الشاه ورغبته في تكوين حلف إقليمىي مستقلّ – ثم يتنقل بمهارة بين المشهد السياسي بمؤثراته الخارجية والداخلية، والخميني، متتبِّعاً ظروف وقوع الخيار التوافقي الغربي السوفيتي عليه ليكون عنوان الثورة القادمة وقائد إيران بديلاً لنظام الشاه، ثم يُلقِي مزيداً من الضوء على حالة التفكك والإنهيار والضعف في بنية نظام الشاه، غير مُهمِل عرض تحليل لشخصية الشاه وأثر تردُّده في التعجيل برحيله.

▪وفي الفصول السادس والسابع والثامن يأخذنا الكاتب إلى باريس، مستقَرّ الخميني في مرحلة ما قبل الثورة، ليعزِّز رؤيته بمزيد من التصريحات الرسمية والتحقيقات الصحفية والوثائق، وهو يكشف اللثام عمَّا جرى في أثناء إقامة الخميني في نوفل لوشاتو، واتصالاته مع الغرب من جهة ومع الداخل الإيراني من جهة أخرى، وما حُشِدَ للخميني من رأي عامّ دولي اشترك فيه سياسيون وإعلاميون ومفكرون وروائيون غربيون، وروّج له فيه حزبيون يساريون في الخارج، بحيث صُوِّر في صورة المنقذ للشعب والدولة وحلفائها، ودور المرتزقة من الفصائل المختلفة – كما يسمّيهم الكاتب – في تأجيج الوضع الداخلي لصالحه.
 
▪وفي الفصلين التاسع والعاشر يقدّم الكاتب صورة مشهد بين رجلين، أحدهما يستعدّ للعودة منتصراً إلى طهران، والآخر يبحث عن خروج كريم منها تاركاً عرشه.

تعليق واحد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى