الدولة الصفوية والدولة الخمينية توافق في العقيدة وفي السلوك

محمد فاروق الإمام

توافق العقيدة الضالة بين الدولة الصفوية والدولة الخمينية

نعم هناك توافق بين الدولة الصفوية والدولة الخمينية من حيث العقيدة الضالة والطموحات والأطماع والحقد الذي يملأ الأحشاء حتى الحلقوم في كل من الدولتين، وتسويغ القتل الممنهج والمبرمج لأهل السنة والجماعة دون الناس أجمعين، مهما اختلفت دياناتهم واعتقاداتهم ومللهم ونحلهم وأعراقهم، والاستعانة بأعداء الإسلام على المسلمين.

ولكن الفارق الكبير بين الدولتين، أن الدولة الصفوية كان في مواجهتها الدولة الأعظم في العالم في حينها الدولة العثمانية، التي كانت تتصدى لها وتقلّم مخالبها كلما كانت تكشر عن أنيابها طمعاً في بلاد المسلمين السنة، ولا تجد من يقف إلى جانبها إلا في حدود معينة، فقد كانت كل دول العالم في حينها تطلب ود الدولة العثمانية وتهاب سطوتها وقوتها.

الدولة الخمينية وإجادة اللعب على كل الحبال

أما الدولة الخمينية التي تجيد اللعب على كل الحبال وتتقن ألاعيب السياسة بخبث وغش وغدر وخداع، وبتقية رمادية تتقلب كتقلب الأفعى وتلون الحرباء، وتظهر أمراً وتبطن خلافه في كل ساعة وحين، بحسب ما يخدم ذلك هواها ومآربها وأجندتها، فهي تتعامل مع الشيطان لتحقيق مآربها.

وإضافة إلى كل ما تقدم فهناك حلف قوي بينها وبين الشيعة في معظم دول العالم، وقد تمكنت من غسل عقولهم وطمس بصيرتهم بفعل الخمس من الدرهم والدولار والمخدرات، حتى ساقتهم إلى أتون معاركها بالوكالة عنها، بعد أن تمكنت من عقولهم وأهوائهم وكل أحاسيسهم، تسوقهم كالأغنام إلى سكين الجزار، متوهمين أنهم سيحوزون على مفاتيح الجنة وصكوك الغفران التي وزعها عليهم الولي الفقيه، ومعممي قم والنجف.

توافقات الدولة الخمينية والدول المعادية

إضافة إلى كل هذه الصفات الخبيثة فقد وجدوا من يقف إلى جانبهم ويمدهم بالمال والسلاح، وعلى رأس هؤلاء وفي مقدمتهم أمريكا وروسيا والصين وفرنسا والكيان الصهيوني، رغم المسرحيات المفتعلة في مجلس الأمن والمشاريع التي تقدم فيه ضدها والتي تكون نتيجتها السقوط لأن هناك الفيتو الروسي والصيني، وحتى المعارك التي تدور على الأرض أو في السماء أو في البحار، هي معارك وهمية للتعمية على الحقائق التي تدور في الخفاء.

الدولة الخمينية سعت إلى تصدير ثورتها إلى خارج حدودها

ولم يمنع انشغال دولة الخميني بالحرب مع العراق (1980-1988) من محاولة تصدير الثورة، حيث نجحت في لبنان، من خلال شراء واستقطاب تيار سياسي لبناني واسع، سمح لها بتأسيس ما بات يعرف بـ “حزب اللات اللبناني”، الذي حظي بدعم ورعاية نظام حافظ الأسد في سورية، هذا النظام الذي وقف مع إيران في حربها على العراق وقدم لها كافة أشكال الدعم السياسي والاقتصادي والإعلامي وحتى المالي، ومن المفارقات أن نظام حافظ الأسد، أرسل لإيران حتى السجائر، وأكياس الدم التي كان يتبرع بها السوريون، خاصة بعد فرضه التبرع بعبوة دم على كل سوري يرغب بإنجاز معاملة حكومية مهمة.

الشاه إسماعيل مؤسس الدولة الصفوية

لقد كان الشاه إسماعيل أول ملك للدولة الصفوية؛ وجعل من تبريز عاصمة لدولته، وأول ما قام به إعلانه: أن مذهب دولته الإمامية الاثني عشرية وأنه سيعممه في جميع بلاد إيران، وعندما نُصح أن مذهب أهل إيران هو المذهب الشافعي، قال: “إنني لا أخاف من أحد، فإن تنطق الرعية بحرف واحد فسوف امتشق الحسام ولن أترك أحداً على قيد الحياة”.

ثم صك عملة للبلاد كاتباً عليها: “لا إله إلا الله، محمد رسول الله، علي ولي الله”، ثم كتب اسمه.

وأمر الخطباء في المساجد بسب الخلفاء الراشدين الثلاثة، مع المبالغة في تقديس الأئمة الاثني ‏عشر.

وكان لا يتوجه لمنطقة في إيران إلا فعل أشياء يندى لها الجبين من قتل ونهب حتى قتل أعاظم ‏علماء العجم “السنة” وحرّق كتبهم وفر كثير من العلماء إلى خارج البلاد خوفاً من بطشه.

وتطاول الشاه إسماعيل على الذات الإلهية، فأمر الجنود بالسجود له، وكان من دمويته أنه كان ينبش قبور العلماء والمشايخ “السنة” ‏ويحرق عظامهم، وكان إذا قتل أميراً من الأمراء أباح زوجته وأمواله لشخص ما من أتباعه.

وقد عانى أهل السنة في إيران معاناة هائلة وأُجبروا على اعتناق المذهب الأمامي بعد أن قتل الشاه ‏إسماعيل مليون إنسان سني في بضع سنين.

الخميني يفعل ما فعله الشاه إسماعيل بعد نجاح ثورته

وهذا ما فعله الخميني عند إعلان دولته، وكانت إيران في حينها يغلب السنة على الشيعة الإمامية، أغلق المساجد ودور العلم الإسلامية وحولها إلى حسينيات للطم والشتم والنيل من الخلفاء الراشدين والصحابة وزوجات النبي صلى الله عليه وسلم، وروج لزواج المتعة لإفساد الناس وتبديل عقائدهم، ولاحق علماء أهل السنة والجماعة وتتبعهم قتلاً وتشريداً، وأجبر الناس على اتباع مذهب الرفض، مستخدماً القوة المفرطة بحق كل من يعارض أفعاله الشنيعة، وكانت ضحاياه يقتلون بصمت للتعتيم الذي كان يغلف مجازره بعيداً عن أعين المراقبين، وكان جلُّ المراقبين بين مشجع أو متواطئ أو شيطان أخرس، والدول الإسلامية تعيش في غيبوبة الحلم الوردي الذي كانت تذيعه إيران في العلن بأنها ستقف في وجه الشيطان الأكبر أمريكا، وستلقي بإسرائيل في البحر، وتعلن الموت لليهود، وكانت بنفس الوقت تدعم أمريكا في دخولها إلى أفغانستان والعراق، وكانت تدفع بعملائها إلى العراق لبسط نفوذهم بالوكالة عن الدولة الخمينية، وتوعز لعميلها في لبنان حسن نصر اللات لتشكيل ميليشيا عسكرية تحت شعار المقاومة وتحرير جنوب لبنان، ولعبت هذه الميليشيات أسوأ الأدوار في مناصرة نمرود الشام بشار الأسد وقتل السوريين، واستباحة أعراضهم ومساجدهم وأضرحة الصحابة والعلماء الأجلاء في المدن السورية من شمالها حتى جنوبها.

وحرض الحوثيين في اليمن لينقلبوا على الحكومة الشرعية ومدهم بالمدربين من حزب اللات والحرس الثوري وجهزهم بالأسلحة الحديثة والمتطورة ليبسطوا نفوذ الروافض في اليمن الآمن المستقر، وكان لهم ذلك فدخلوا صنعاء وعدن وكل المدن اليمنية وارتكبوا في حملاتهم أبشع المجازر بحق أهل اليمن من المسلمين السنة وقتلوا النخب من علمائهم وشيوخهم.

الخميني أول من أنشأ التطرف والعنصرية

كان يمكن لإيران أن تكون دولة مدنية تهتم بالتنمية والشراكة مع جيرانها، لكن وصول المتطرفين الشيعة الى الحكم بقيادة الخميني، جعل من إيران مركزا لنشر الفتن والحروب وتدمير المجتمعات واستقرار المنطقة، فهي ومنذ وصول الخميني الى سدة الحكم، دشنت مرحلة تصدير ثورتها ونشر مذهبها الشيعي في المنطقة والعالم، فمن ماليزيا الى جزر القمر، قامت إيران بتسخير عائداتها المالية التي تنهبها من نفط الأحواز العربية، لزرع خلايا نائمة، وأذرع مسلحة في كافة دول المنطقة، واستقطبت الشيعة أينما وجدوا وربطت مصيرهم بها، ثم وفي مقابل ذلك، عاد نظام الخميني ومن بعده الخامنئي، الى ممارسة سياسة الاجتثاث “الصفوية” بحق السنة في إيران (15 مليوناً)، حيث تم التضييق عليهم ومنعهم من بناء المساجد وممارسة شعائرهم وواجباتهم الدينية، وهي تنفذ وبشكل ممنهج سياسة إعدامات يومية بحق النخب الدينية والسياسية السنية، وبتهم كاذبة يتم تلفيقها لهؤلاء.

الشاه إسماعيل يستأصل السنة في إيران ويعتمد الحق الإلهي لنفسه

لقد كان للشاه الصفوي جيشاً فاتكاً، فتك بأهل السنة الشافعية في بلاد إيران، وكان للصفويين تأثير روحي على أتباعهم؛ وتذكر بعض المصادر الشيعية الفارسية إنه بينما كان الشاه إسماعيل مع أتباعه في الصيد في منطقة “تبريز” إذ مر بنهر فعبره لوحده ودخل كهفاً ثم خرج متقلداً بسيف وأخبر جنوده أنه شاهد في الكهف “المهدي” صاحب الزمان، وأنه قال له: “لقد حان وقت الخروج”، وأنه أمسك ظهره ورفعه ثلاث مرات ووضعه على الأرض وشد حزامه بيده ووضع خنجراً في حزامه وقال له: اذهب فقد رخصتك، وصدق المغفلون ما قاله الشاه.

واعتمد الصفويون على فكرة الحق الإلهي للملوك الإيرانيين قبل الإسلام منذ سبعة آلاف سنة، وذلك بوراثة هذا الحق، وعندما تزوج الحسين بن علي رضي الله عنه بنت ملك الفرس “يزدجرد” بعد معركة القادسية وأولدها الإمام زين العابدين “علي” اجتمع حقان: حق أهل البيت في الخلافة (حسب نظرية الإمامية)، وحق ملوك إيران، بالإضافة إلى نيابة المهدي. هذا من جانب التشيع.

وتصور هؤلاء السذج أن ملك الصفويين سيستمر حتى ظهور المهدي، ولكن اهتزت هذه النظرة بعد موقعة “جالديران” بين الشاه إسماعيل والسلطان العثماني سليم سنة (920هـ/1512م)، وهزيمة الشاه إسماعيل المنكرة في معركة جالديران.

الشاه إسماعيل يدخل بغداد كما دخلها هولاكو

وطمع الشاه إسماعيل باحتلال العراق فدخل بغداد وزار كربلاء والنجف وعمرها بالذهب والفرش والسجاد الثمين، ثم أمر الشاه إسماعيل قائده حسين لاله بتهديم مدينة بغداد وقتل أهل السنة والصلحاء، وتوجه إلى مقابر أهل السنة ونبش قبور الموتى وأحرق عظامهم. وبدأ يعذب أهل السنة سوء العذاب ثم يقتلهم، وهدم قبر أبي حنيفة وعبد القادر الكيلاني، ونكل بقبر أبي حنيفة ونبش قبره. وقتل كل من ينتسب لذرية خالد بن الوليد رضي الله عنه في بغداد لمجرد أنهم من نسبه وقتلهم قتلة فظيعة.

وقد أرخ الشيعة في ذلك الزمان لهذه الحادثة حتى قال ابن شدقم “الشيعي” في كتابه “تحفة الأزهار وزلال الأنهار”: “فتح بغداد وفعل بأهلها النواصب ذوي العناد ما لم يسمع بمثله قط في سائر الدهور بأشد أنواع العذاب حتى نبش موتاهم من القبور”.

وقد فر كثير من سنة بغداد، وممن هرب الأسرة الكيلانية بعد أن خرّب الشاه إسماعيل قبر عبد القادر، فر هؤلاء إلى الشام ومصر وحكوا للعالم الإسلامي ما فعل الصفويون الشيعة ببغداد وأهلها.

وصلت أخبار المذبحة العظيمة لأهل السنة إلى بلاد الدولة العثمانية في تركيا، إضافة على أخباره السابقة عن تشييع أهل السنة بإيران وقتل الآلاف المؤلفة، وراح أبعد من ذلك، فقد تجرأ هذا القاتل على إرسال دعاته إلى داخل الدولة العثمانية.

الدولة العثمانية تتصدى للشاه إسماعيل وتوقف مجازره ضد أهل السنة في العراق

وأمام هذا التطاول البغيض اجتمع السلطان العثماني سليم الأول في عام (920هـ/1514م)، برجال الدولة وقضاتها وعلمائها ورجال السياسة، وقرروا أن الدولة الصفوية تمثل خطراً على العالم الإسلامي بالعموم وعلى الدولة العثمانية بالخصوص، لذا قرر السلطان إعلان الجهاد المقدس ضد هذه الدولة والزحف عليها.

أحس إسماعيل بالخطر فطلب الهدنة ولكن السلطان استمر في زحفه إلى صحراء جالديران شمال تبريز حتى وصلها سنة (920هـ/1514م)، وسحق الجيش الصفوي الشيعي على أرضه، وفر الشاه إسماعيل تاركاً كل أمواله، وأسرت زوجته، وهكذا أُخرج الصفوين من العراق بعد احتلال دام ست سنوات منذ (914هـ – 920م).

الشاه إسماعيل يتحالف مع البرتغاليين في مواجهة الدولة العثمانية

شعر الشاه إسماعيل بالضعف وشرع بالبحث عن صديق ليتعاون معه ضد العثمانيين، وكانت للبرتغاليين الصولة العظمى في بحار العرب وخاصة طموحهم بواسطة اسطولهم في بحر العرب والخليج العربي واستيلاء قائدهم “البو كريك” على مضيق هرمز.

كل هذه الأمور أغرت الشاه إسماعيل لإجراء اتفاقيات وأحلاف مع البرتغاليين، وقد كان تأثير أمه “مارتا” وجدته لأمه “تيودورا” اليونانية تأثيراً واضحاً في ذلك الحلف.

ابتهج البرتغاليون بتلميحات الشاه إسماعيل على نيته الاتفاق معهم ضد العرب والدولة العثمانية، فأرسل كبيرهم “البوكيرك” إلى الشاه إسماعيل الصفوي رسالة جاء فيها:

“إني أقدر لك احترامك للمسيحيين في بلادك، وأعرض عليك الأسطول والجند والأسلحة لاستخدامها ضد قلاع الترك في الهند، وإذا أردت أن تنقض على بلاد العرب أو تهاجم مكة فستجدني بجانبك في البحر الأحمر، أمام جدة أو في عدن أو في البحرين أو القطيف أو البصرة، وسيجدني الشاه بجانبه على امتداد الساحل الفارسي وسأنفذ له كل ما يريد”.

وفعلاً تم التحالف مع البرتغاليين وأقرهم الشاه إسماعيل باستيلائهم على هرمز مقابل مساعدة الشاه على احتلال البحرين والقطيف. كما اتفق على مشروع لتقسيم المشرق العربي بأن يحتل الصفويون مصر والبرتغاليون فلسطين.

ولكن هذا الحلم لم يتحقق – ولله الحمد – والفضل بعد الله في ذلك للعثمانيين، لأن الدولة العثمانية كشفت المراسلات بين الدولة الصفوية والمماليك للتآمر لاحتلال مصر، فسارعت باحتلال مصر وقضت على المماليك رغم أن هذا الفتح لمصر هو أحد أسباب تأخير السلطان سليم عن القضاء على الشاه إسماعيل ودولته، كما أن البرتغاليين سيطروا على البحر العربي والخليج العربي.

عاش الشاه إسماعيل في همدان ثم عاد إلى تبريز بعد خروج السلطان العثماني وهلك سنة (930هـ/1524م).

مستحدثات العصر الصفوي والتي تبنته الدولة الخمينية من بعدها

استحدث الشاه إسماعيل بدعاً أصبحت من المسلمات عند الشيعة من بعده؛ منها:

1-السب المقترن بالاضطهاد الطائفي، فقد اتخذ من سب الخلفاء الراشدين الثلاثة وسيلة لامتحان الإيرانيين، وأمر بأن يعلن السب في الشوارع والأسواق وعلى المنابر. والسب موجود عند الشيعة قديماً وفي مؤلفاتهم، ولكنه لم يعلن بصورته البشعة وعلى المنابر إلا في العهد الصفوي.

2-تنظيم الاحتفال بذكرى مقتل الحسين رضي الله عنه سنوياً، وإظهار التطبير (ضرب الرؤوس حتى التدمية بآلة حادة وسكين كبير تسمى الطبر)، وضروب الظهور بالزناجيل (وهو الجنزير) حتى الاحمرار، واللطم على الوجوه والصدور، ولبس الأسود منذ بداية شهر محرم، وتبدأ هذه الفعاليات منذ الأول من محرم إلى اليوم العاشر منه يوم (عاشوراء)، وهو يوم مقتل الحسين، ويمنع الزواج شهر المحرم، وهذا الأمر كان قد استحدث بشكل خفيف في الفترة البويهية، ولكن الشاه إسماعيل طوره بهذا الشكل مع الأشعار البكائية التي تؤثر في النفوس كدعاية للتشيّع. ومنذ سنة (907-930هـ) ليومنا هذا والشيعة في إيران والعراق ولبنان وباكستان يعتبرون هذا من صلب دينهم، وإذا ما أراد حاكم أو مسؤول منعه قالوا: هذا يعادي التشييع. وهم يعلمون أولاً أن الشاه إسماعيل هو أول من أوجد هذه البدع لنشر التشيع. ويذكر الدكتور علي الوردي الشيعي: “أن الشاه إسماعيل اقتبس هذه المراسيل من النصارى حيث كانوا يقومون بطقوس دينية عن مصاب المسيح والحواريين، لذلك كان يدعو النصارى لحضور مواكب التعزية”.

3-وضع الشهادة الثالثة في الأذان: (أشهد أن علياً ولي الله)، وهذه البدعة وضعتها فرقة شيعية في القرن الرابع للهجرة، ذكرهم عالم شيعي هو ابن بابويه القمي ولعنهم، وكذا حاربها أشهر علمائهم وهو الشيخ الصدوق في كتابه “من لا يحضره الفقيه”. ولكن الشاه إسماعيل الصفوي أمر به ورفضه في وقته علماء الشيعة. ولم تدخل هذه البدعة في العراق حتى سنة (1870م)، أدخلها ناصر الدين شاه عندما زار النجف في زمن الوالي العثماني مدحت باشا، ومنذ ذلك اليوم وإلى يومنا هذا أصبح هذا الأذان من مسلمات الشيعة في إيران والعراق ولبنان وجميع تواجد الشيعة في العالم، وسكت علماءهم وهم يعلمون حق العلم أن الأوائل لعنوا فاعليه وإنما فعله المفوضة الغلاة، وهكذا أصبحت أفكار الشيعة الغلاة المرفوضة هي شعائر مسلم بها في عهد الشاه إسماعيل وأصبحت من مسلمات المذهب، وسكت على ذلك جميع المراجع الدينية، وجاءت الثورة الخمينية في إيران فأحيت كل ما فعله الصفوييون.

4-السجود على التربة الحسينية وهي قطعة من الطين يسجد عليها الشيعة بدل الأرض تسمى “التربة الحسينية”، وأصبحت يومنا هذا جزءاً من دين الشيعة وما هي إلا طريقة لتميز الشيعة عن غيرهم، وأوجدها الشاه إسماعيل فأصبحت من المسلمات الدينية.

5-ضرورة الدفن في النجف، فقد كان يؤتى بالجثث متعفنة من إيران لبعد الطريق وصعوبة التنقل من أجل الدفن في النجف، واشتغل لذلك تجار إيرانيين لنقل الجثث بعد تجفيفها ومثل بالإنسان الشيعي ميتاً كي يوصل إلى مقبرة النجف بعد استحداث هذه البدعة، وإلى يومنا هذا سرت هذه البدعة حتى أصبحت من بدهيات شيعة العراق الدفن بالنجف.

6-تغيير اتجاه القبلة في مساجد إيران باعتبار أن قبلة أهل السنة خاطئة، ومن ثم أصبح الشيعة وإلى يومنا هذا يصلون منحرفين عن القبلة الأصلية لأهل السنة.

7-أجاز علماءه السجود للإنسان وهذه ابتدعها الشاه إسماعيل، فقد كان يسجد له، واليوم يكرم السادة والعلماء بشكل مغال فيه، ولكن كل الشيعة يسجدون للقبور ولو بخلاف القبلة.

8-إجراء مرتبات ضخمة لعلماء الدين الشيعة ومنحهم إقطاعات وقرى زراعية وأوقاف خاصة، كي يستطيعوا أن يفتوا للسلطان ما يشاء.

وهكذا برزت فكرة جمع المال للعلماء وعلماء الحوزة كلهم من أغنى الناس، فمؤسسة الخوئي في لندن تملك الملايين من الدولارات وقيل أكثر، وهذا الخميني عندما كان بالعراق كانت ثروته هائلة جداً، حتى إنه عندما رحل من العراق إلى فرنسا للإقامة حول مبالغ طائلة، واليوم يمتلك الحكيم “عبد العزيز” ومقتدى وغيرهم الملايين، وهذه بدعة فارسية.

وهكذا استطاع الشاه إسماعيل جعل إثراء العلماء ديناً بعد أن كنا نقرأ عن زهد علي رضي الله عنه وآل البيت، فاليوم أصبح أغنى الناس المعممون.

الدولة الخمينية تشترط في دستورها أن يكون رئيس دولتها فارسياً

وعندما جاءت الثورة الخمينية في إيران، وهي الدولة الإمامية الوحيدة في الأرض أعلنت في ‏دستورها المادة (12): إن الدين الرسمي هو الإسلام، والمذهب الجعفري هو الاثنا عشري، وهذه ‏المادة غير قابلة للتغيير إلى الأبد.‏

هذا هو التعصب الطائفي، أما التعصب الفارسي فظهر في الدستور عندما اشترطوا أن يكون رئيس ‏الجمهورية “فارسياً”.‏

إن سلوكية الشيعة في كل وقت وزمان سلوك واحد، لأنه ينبثق من مصادر واحدة، فمؤلفاتهم كلها ‏دعوة لتعذيب وتقتيل أهل السنة (النواصب)، فإذا استضعفوا استعملوا (التقية)، وإذا تمكنوا استعملوا ‏اشد أنواع القتل والتكفير لأهل السنة، منطلقين من عقدة الاضطهاد التي تولدت وولدت عند ‏أتباعهم، مثلما ولّد اليهود عندهم عقدة المظلومية والاضطهاد، والتي تولد الحقد الدفين.‏

لقد تربى الشيعة على هذه العقد أكثر من (13) قرن، وكلهم وإن بنسب مختلفة يحمل هذه العقد، ‏لذلك إذا تمكن الشيعي فعل ما يندى له الجبين، والسنة لا يصدقون كل ذلك لأنهم أحياناً لا يفهمون ‏الدوافع الحقيقية للشيعة.‏

ما أريد قوله، إن حقد الدولة الصفوية لم يأت على الدولة العثمانية ولا على قومية معينة، بل هي ‏وزعت حقدها على أهل السنة، سواء كانوا إيرانيين أو عراقيين أو أفغان أو أوزبك أو أتراك، كلهم ‏مشتركون بالسنّية وهذا جرم يكفي لقتلهم وتعذيبهم: (وما نقموا منهم إلا أن يومنوا بالله العزيز ‏الحميد)( البروج :8)، وصدق الله إذ يقول: {إِنَّهُمْ إِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ ‏وَلَن تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا} [الكهف:20].‏

نعم، هذا ما فُعل سابقاً، واليوم يفعل في العراق مع أهل السنة، يقتل المرء لكونه سنياً، ولا يضحك ‏عالم أو مثقف أو سياسي على أهل العراق بقوله: إنها فتنة طائفية، فإن قيادات اليوم للعراق أخرجوا ‏معتقدهم الحقيقي الذي وضعته الدولة الصفوية ونفذته، فحذار حذار، وسيفعل حزب اللات في لبنان ‏ما فعل في العراق وسورية واليمن، وسيفعلون في البحرين والكويت والسعودية ما فعلته القيادات الدينية الشيعية في ‏العراق واليمن وما فعلته الميليشيات الشيعية التي جندتها إيران في سورية.‏

الأحزاب الإيرانية في العراق تمسك بحكم العراق

فهذا “حزب الدعوة الإسلامي” في العراق، ماذا فعل قادته عندما تمكنوا من حكم العراق، (إبراهيم الجعفري ونوري المالكي)، وكلاهما تتلمذ ‏على محمد باقر الصدر، فماذا فعلوا عندما حكموا العراق؟؟

إن الناطق باسم (نوري المالكي) علي الدباغ وهو من حزب الدعوة يكرر عشرات المرات في ‏الفضائيات: إن الشيعة ظُلموا عشرة قرون، وآن لهم أن يأخذوا حقهم.‏

وعندما ذهب وفد جماعة الإخوان لتهنئة الخميني بنجاح ثورته الإسلامية، أخبرهم نائبه أنهم – أي ‏السنة – حكموا (14) قرناً، وآن للشيعة أن يحكموا العالم الإسلامي.‏

نصيحة لجميع السنة في العالم:‏

إن الجهل بعقيدة الشيعة وبدولتهم الصفوية ومن بعدها بالدولة الخمينية، وما فعلت في العالم الإسلامي قديماً وحديثاً، يشمل أغلب ‏علماء الأمة ودعاتها ومثقفيها وساستها، ولكي تصدق اسأل من شئت: ماذا تعرف عن الدولة ‏الصفوية؟ ماذا تعرف عن الدولة الخمينية؟ فلن تجد جواباً.

لقد ‏أصبح غالب الأجيال الإسلامية اليوم لا يعرفون حقيقة خطر التشيع عليهم، بدعاوى مختلفة؛ مرة بدعوى ‏شيعة اليوم غير شيعة الأمس، ومرة بأن خطر العدو الصهيوني داهم ولا وقت للبحث عن ‏الشيعة وعقائدهم وتاريخهم، ونسوا التحالف الصفوي مع أوروبا لحرب العثمانيين ‏السنة. واليوم رأينا كيف تحالفت إيران الخمينية مع أمريكا، وهي تدعي في شعاراتها أن أمريكا هي الشيطان الأكبر، فتحالفت مع هذا الشيطان الأكبر من منطلق عدائها لكل ما هو عربي ومسلم سني، تحالفت مع الولايات المتحدة في حربها على أفغانستان والعراق، فقدمت كافة أشكال الدعم العسكري والاستخباراتي، وأوعزت الى عملائها وخلاياها السرية بضرورة التعاون مع القوات الغازية خاصة في العراق، الأمر الذي ضمن للولايات المتحدة احتلال هاتان الدولتان، وقد صرح أكثر من مسؤول إيراني بأن الولايات المتحدة ما كانت لتستطيع احتلال أفغانستان والعراق لولا الدعم الإيراني.

الولايات المتحدة بقيادة بوش الإبن قدمت العراق هدية لإيران، فقد قام الحاكم العسكري بول بريمر بحل مؤسسات الدولة العراقية العسكرية منها والأمنية، ما سبب حالة من الفوضى، سمحت لإيران بإعادة تشكيل الدولة العراقية على اساس ميليشياوي، يجعل من العراق دولة فاشلة وتابعة لها، فسلمت حكم العراق لعملائها من الطائفيين الشيعة، الذين أكملوا مع الأمريكان نهب مقدرات وخيرات الدولة العراقية مقابل تنفيذهم لسياسة فرسنة العراق.

لقد تكرر على ألسنة عامة الشيعة من جيش المهدي وغيرهم: أن اليهود أحسن من السنة، فمن أين ‏لهؤلاء العوام هذه الأفكار!‏

اذهبوا إلى حوزات قم والنجف، اذهبوا إلى جنوب لبنان والبحرين والقطيف لتروا ماذا يدرّس الشيعة ‏أتباعهم من الحقد ومكر الليل والنهار، وكيف يدربون أتباعهم على “التقية” في وسائل الإعلام على دعوى ‏‏”الوحدة الوطنية” و”الوحدة الدينية” و”التقريب” و”نصرة فلسطين”.‏

‏ إيران وحزب اللات والحوثيين يرددون ليل نهار أنهم أعداء الشيطان الأكبر “أمريكا”؟! وتحالفوا معهم في إسقاط ‏أفغانستان والعراق. ويزعمون أنهم مؤيدون لأهل فلسطين؟! ولكنهم يقتلونهم في العراق وسورية ويغتصبون ‏نساءهم!‏

يا سبحان الله! هذا كله نتيجة الخلل المنهجي في التربية العقدية للجيل الإسلامي المعاصر. ‏وتاريخياً جرى تزوير وتحريف آخر من قبل المثقفين العلمانيين والليبراليين، الذين روجوا أن الدولة الصفوية كان لها خلاف سياسي مع العثمانيين، وكلاهما كان محتل للبلدان ‏العربية! والقضية ليست دينية ولا مذهبية، بل هي متاجرة باسم الدين، وكل هذه الأفكار المنحرفة ربيت عليها الأجيال المعاصرة وغيبت عنهم الحقيقة.

خاتمة مهمة

لقد حكمت الدولة الصفوية قرابة 250 سنة (907هـ-1148هـ)، وكانت الدولة الشيعية الإمامية الأولى في التاريخ، إذ أن الدولة العبيدية (الفاطمية) دولة شيعية إسماعيلية، والدولة البويهية هي دولة زيدية. فكان أول دولة شيعية إمامية، شيعت إيران بالقوة فقد كان الشيعة نسبتهم في بلاد إيران تقدر (10%)، وأصبحت اليوم (65%)، والسنة على كونهم (35%)، فلا قيمة لهم في إيران، بل إن النصارى والأرمن واليهود والزرادشت والبهائيين والذين مجموع نسبتهم (2%) لهم من الحرية في العبادة والعمل داخل إيران ما لا يتوفر لأهل السنة فيها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى