السياسة الأمريكية بين الأمس واليوم

د. عامر الدليمي

في إستقراء هاديء للسياسة الامريكية و ماعملته في العراق قبل وبعد عام 2003م من تدمير شامل حين جيشت اكثر من ثلاثين دولة بجنودها واسلحتها وآلياتها من شتى بقاع العالم واجهزت عليه منطلقة من اراضي ومياه وأجواء عربية تحكمها انظمة ذليلة ضعيفة حتى تمكنت من غزوه واحتلاله بأدعاءات وأكاذيب ثبت بطلانها وكان للإعلام الأمريكي والصهيوني دورا فاعلا في التهيئة لحرب عسكرية ونفسية شنت آن ذاك.
أما حاليا فالسياسة الأمريكية تجاه ايران ومليشياتها في العراق سياسة ضبابية ولربما تكون مائلة للسواد ولم يعرف مدى مصداقيتها، فمن خلال تصريحات مسؤولين سياسيين وعسكريين امريكان عن نية امريكا توجيه ضربات استباقية انتقائية للمليشيات الأيرانية و قادتها في العراق و أن هناك خطة شاملة تؤكد وجوب الحرب ثم تقابل هذه التصريحات بتوجيه ضربات للمصالح والمواقع الأمريكية في العراق كالتظاهر أمام السفارة الأمريكية و إشعال النار وإحداث حرائق امام ابوابها ثم استهداف قاعدة عين الاسد في ناحية البغدادي بالصواريخ التي يتواجد فيها جنود امريكان ثم معسكر التاجي ومواقع اخرى من قبل المليشيات…. فألأعمال الاستفزازية هذه كان لابد أن تقابل بفعل عسكري أمريكي مؤثر و هي من اقوى دول العالم.
إلا ما نراه واقعا انسحاب القوات الأمريكية من بعض مواقعها التي استهدفت. فهل يفسر هذا إنها خدعة امريكية تكتيكية لجعل المليشيات الايرانية تستمر بفعالياتها الهجومية؟؟ وعلى انها تحدي وانتصار مزعوم لها؟ لتجعل السياسة الامريكية و على رأسها ترامب مبرر لأستهداف المليشيات وقادتها بأعلان ساعة الصفر وتصفية مسؤوليها كأهداف للقوات الأمريكية، ام ان هناك رسالة امريكية تمويهية تعبر فيها عن حالة ضعف في امكانياتها الردعية ام ان لها مصلحة في ذلك و ما السبب في تصرفها هذا؟؟ ام انها خطة جديدة لأنتشار وتموضع القوات الأمريكية وانسحابها مع استدعاء قوات اضافية الى دول مجاورة وقريبة من العراق وسحب موظفي سفارتها من بغداد وقنصليتها من اربيل كتعبير عن اشارة اعلان حرب دبلوماسية، و عندما تريد امريكا توجيه ضربة قوية للمليشيات الايرانية في العراق لماذا تعلن عنها كزيارة (بومبينو) وزير خارجيتها الى قاعدة العديد في قطر و هي من اكبر القواعد العسكرية في المنطقة او الاعلان عن مناورات عسكرية امريكية اماراتية في الامارات او اعلان هيئة الاركان بأن عملياتها مستمرة في العالم بالرغم من انتشار فايروس كورونا، و اعطاء فرصة لايران ومليشياتها لرفع جاهزيتها العسكرية واخذ تدابير الحيطة والحذر التي هي من اهم اسباب النجاح في الحروب اضافة الى السرية والمباغته ام ان امريكا تجاهلت هذه المباديء الحربية متقصدة و مازالت ايران تهدد مصالحها بصواريخها البالستية ومليشياتها المتواجدة في العراق وسوريا ولبنان واليمن وغيرها و اعلانها صراحة عن استمرار برنامجها النووي واستعراضاتها البحرية في الخليج العربي تحديا للأسطول الخامس والسادس المتواجد في المنطقة… و في كل يوم نسمع ان سياسيي و عسكريي امريكا جادين لوضع خطة لتحديد اهداف وتكليف وزير الدفاع والقيادات العسكرية الامريكية لأنهاء الوضع الحالي في العراق و طرد النفوذ الايراني منه و هنا نقول هل انها جادة فعلا كما كانت جادة ضد النظام الوطني العراقي قبل 2003م… ام يبقى الوضع ضبابي والموقف فيه غموض ام هي حرب نفسية ضد النظام الايراني و مليشياته؟ ام حرب فعلية؟ و مستقبل الايام سينبؤنا بالحقيقة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى