العبودية بلباس جديد

على أنقاض النظام المشاعي ، تشكل نظاما جديدا ، الا وهو نظام العبودية،
وهو نظام قاس جدا واستمر لفترة طويلة ، والذي يقضي بجواز أن يمتلك الانسان أخيه الانسان ( المالك يطلق عليه اسم السيد والمملوك اسم العبد ) ، وان يتحكم به ، ويسلب منه حريته ، وسيكون العبد يعمل لدى مالكه حتى موته أو أنعتاقه من قبل سيده ، وكان العبيد يباعون في أسواق النخاسة كأي سلعة ،
واستخدام العبيد كقوة عمل واداة للعمل بنفس الوقت ، فكان العبيد يستخدمون في البناء والزراعة ، وتم استخدامهم لأغراض عسكرية ، واستخدموا لأغراض منزلية وغيرها .. فالعبد خاضع بشكل مطلق لمالكه .. ويكون للعبد سعر إيجابي مقارنة مع تكلفة اجور العمال الأحرار ، فعندما تتجاوز تكلفة المعيشة معدل الاجور ، ففي هذه الحالة لن يكون امتلاك
العبيد مربحا مما يؤدي الى قيام مالكي العبيد إما اعادة بيعهم أو إطلاق سراحهم.

على الرغم من أن مرحلة الرّق والعبودية قد انتهى وولى ، إلا أن العبودية لازالت مستمرة في حياتنا والى يومنا هذا ، ولكنها أخذت أشكالا متنوعة وحسب التطورات التكنولوجية ، والاجتماعية والاقتصادية ، والثقافية ، وحسب تطبيقاتها العملية المختلفة بين جميع المجتمعات ، ومن أهم أشكال العبودية الحديثة وأكثرها شيوعا هي ، الاتجار بالبشر ، وعمل السخرة ، وسخرة الشخص المديون بالمال ، وعبودية الأطفال ، والزواج القسري المبكر ، والتجارة بالجنس ، وكل هذه الأمور تحدث دون أدنى شك عن طريق العنف والاكراه وإساءة المعاملة ، وكل ذلك يحدث بسبب هروب الناس من الفقر والعوز وانعدام الامن والامان ومن اجل تحسين حياتهم وإعالة اسرهم ، واصبح من قبيل العمل الجبري …
فقد بلغ إعداد العبيد العصريين في أوربا وآسيا الوسطى حوالي (٣،٥ )مليون فرد أي مايعادل ( ٩ ) بالمئة من اجمالي العدد حول العالم .. ونسبة الزواج قسرا( ٩ ) بالمئة فقط ، وتصل معدلات العمل قسرا الى نحو (٩١) بالمئة ، كما بلغ نسبة الاستغلال الجنسي في هذه الدول حوالي (١٤) بالمئة من اجمالي العددحول العالم ، علما ان اكثر من (٤٠) مليون شخص يعانون من العبودية العصرية حول العالم ومعظمهم من النساء والأطفال ، ذلك حسب تقرير منظمة الهجرة الدولية بخصوص مؤشرات الرّق لعام ( ٢٠١٨) ، وأشار التقرير الى أن (٧١) بالمئة من العبيد هم من النساء والفتيات والباقي من الذكور
حيث بلغ عدد المتزوجات بالاكراه (١٥،٤) مليون أمرأة وعدد العاملين قسرا ( ٢٤،٩) مليون شخصا بموجب العبودية الحديثة.

مقالات ذات صلة

خلال العقود الاخيرة ، تمكنت البشرية ان تحقق تطورا هائلا في مجالات علمية وتقنية متعددة ، وعلى وجه الخصوص في مجال تكنولوجيا المعلوماتية والاتصالات
بحيث تمكن من خلالها خلق عالم جديد حتى يمارس فيه حياته بمختلف تجلياتها
فهل تمكن الانسان بفعل هذا التطور ان يتحرر من قيود العبودية !! أم على العكس وقع باحضانها ..؟
إن ما تشهده البشرية من تطور تكنولوجي هائل ، مما جعلت من الانسان عبدا مطيعا لها ويطبق أوامرها ، فالتكنولوجيا وبأشكالها كافة أصبحت تفرض علينا سلطتها ، وحددت من حريتنا ، وتدخلت في طريقة حياتنا ، ونمط استهلاكنا وسلوكنا ، وأصبحت البشرية تابعة لها بشكل شبه مطلق وجعلتنا نتخلى عن الكثير من إنسانيتنا ومبادئنا ، وهكذا اعتبرنا ان التقنية قد سببت لنا نوع اخر من العبودية ، عبودية بلباس جديد ، غير الذي عرفناه سابقا ..
لذا اصبح الانسان بفعل التكنولوجيا لم يعد حرا وإنما مسيرا ومقادا نحو عبودية التكنولوجيا ومن يمتلكها ويستغلها لصالحه ، بحيث أصبحت التكنولوجيا بالنسبة للبشرية بمثابة الغذاء الروحي لها ، فهي تتدخل في شؤوننا وفِي حياتنا وتفاصيلها ، وتتدخل وتتحكم في ثقافتنا وتقاليدنا ودياناتنا ، لانها كالكائن الحي تخاطبنا ونخاطبها ولن تفارقنا أبدا ..

إن موضوع السيطرة على العالم ، هو طموح تسعى اليه كثير من القوى الى تحقيقه ، والهدف هو سيطرة سلطة سياسية واحدة على جميع سكان كوكب الارض ، فقد حاولت العديد من القوى تحقيق ذلك عبر التاريخ لكن دون جدوى ، ولأسباب عديدة أهمها عدم توفر الظروف الموضوعية والذاتية لتحقيق ذلك ..
أما اليوم بعدما اصبح التقدم التكنولوجي الهائل ، يمثل القوة الدافعة والعظيمة التي تعمل على تحقيق فكرة السيادة العالمية ، فعن طريق هذا التقدم العلمي التقني ، اصبح لدى القوى الخفية إمكانية السيطرة على العالم والى الأبد .. !!
هذا التقدم خلق الإرادة التي تساعد على التغلب على العالم واستعماره واستعباده..

إن القوى الخفية ( المتمثّلة بالاشخاص والعوائل التي تمتلك راس المال ) تعمل على تجنيد كل قواها وتخطط منذ زمن على كيفية الهيمنة على العالم ، اقتصاديا وسياسيا وعسكريا وثقافيا .. الخ بحيث تتمكن من السيطرة على كل فرد يعيش على كوكب الارض ، وتتحكم به وبسلوكه وبطريقة عيشه ، وبكل شيء ، والاهم من كل ذلك هو التحكم بدخله ( مصدر عيشه ) وطرق إنفاقه ، من خلال استخدام ما توصلت اليه التكنولوجيا من تطور كبير حلال العقود المنصرمة ، وعلى وجه الخصوص تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والنانو تكنولوجي ( والتي تساعد على زرع صفائح معدنية داخل جسم الانسان والتي من خلالها من الممكن السيطرة على جميع تصرفاته ) ، أو .. استخدام سياسات الثورة الرقمية والعمل تدريجيا على اختفاء التعامل بالنقود في كل أنحاء العالم ، واستخدام البطاقة الذكية بدلا عنها ، بحيث تتمكن القوى الخفية من التحكم والسيطرة على تصرفات الانسان ، كوّن هذه البطاقة الرقمية مرتبطة مركزيا بالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي واللذان يشرفنا على جميع البنوك المركزية والمصارف في العالم حيث بلغ عدد الممثلين في البنكين بنحو (١٩٠) عضوا من مجموع (١٩٣) دولة والمسجلين ضمن أعضاء الامم المتحدة. فجميع هذه الدول تخضع بشكل او بآخر الى قرارات الصندوق والبنك الدولي من حيث تحديد السياسات المالية والنقدية. وكلاهما تهيمن عليهما القوى الخفية ..
إذن هكذا تخطط القوى الخفية لاستعباد البشرية ، وهم يعملون جاهدين فضلا عن ذلك على اثارة الفتن والنزاعات الطائفية والإثنية بين الشعوب ، ويتعمدون إشاعة الجوع والفقر والمرض واستخدام الحروب الجرثومية ، ونشر الفايروسات الخطيرة وقتل الملايين من البشر ، وتجبرهم على الحجر القسري ، والتباعد الاجتماعي ، والهدف من ذلك كله هو تقليص عددسكان العالم. ( كما صرح وزير الدفاع الامريكي السابق في عهد ترمب ، وقال : علينا ان نمنع ان يكون عديد سكان العالم (١٠) مليار نسمة خلال السنوات القادمة ) .. كما تعمل القوى الخفية على زرع الرعب والخوف وارهاب الشعوب حتى يسهل استعبادهم. وعلى حد تعبير احد أعمدة القوى الخفية الملياردير ( بيل غيتس ) صاحب مايكروسوفت وعديد من الشركات الكبرى وبالأخص شركات الأدوية وهو يقول
( نحن نحتاج للتخلص من ثلاث مليار شخص على الأقل يجب ان يموتوا وسنقوم بالحد والقضاء على معظم الافارقة لأنهم بائسون وبلا قيمة وليسوا جزءا من هذا النظام الاقتصادي العالمي .. لذا يتم سلب حقوقهم وقمعهم
وإجراء التجارب عليهم ) !!!

إذن هذه هي شخصية المنظومة الرأسمالية ، ذات طبيعة عنصرية ، استعلائية ، استعمارية ، لا يهمها الانسان ، ولا حقوقه المشروعة في العيش بحرية ، فلا مانع عندهم من التخلص من نصف البشرية امام الحفاض على مكتسباتهم ورؤوس اموالهم واستمرار تراكمها ، فهؤلاء يسمونهم أنبياء المال والذين يسعون الى استعباد البشرية ، لذلك نحن نعيش عبودية ذات لباس جديد …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى