انتكس اكبر مشروع اقتصادي عراقي اردني يتمثل في الانبوب النفطي العراقي المار بالاردن ، بعد المبالغة في التكلفة بسبب عمولات الفساد وتدخل حيتان الفساد الكبار ، المسيطرون على العملية السياسية في العراق ، وبحسب مصدر في النزاهة فإن من المستحيل مكافحة الفساد في العراق مع وجود الحيتان الوسخين طليقة تمص دم الشعب . ورغم الغليان الشعبي في البلاد الذي أنتج احتجاجات مطلبية مناهضة للفساد أودت بأكثر من مئة شخص، لم ترتق الإجراءات الحكومية في العراق إلى مستوى الأزمة، إذ أنها تطال صغار الفاسدين ولم تقترب حتى الآن من حيتان المال، في أحد أكثر البلدان فساداً في العالم.
ويرى مراقبون أن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، المستقل غير المدعوم حزبياً أو شعبياً، لا يزال رهينة زعماء الأحزاب التي أتت به إلى السلطة، التي يدينها المحتجون بعدم توفير وظائف وخدمات، وبملء جيوب المسؤولين بأموال الفساد الذي كان سبب تبخّر أكثر من 450 مليارات دولار في 16 عاماً، بحسب أرقام رسمية.
اتخذت الحكومة مجموعة قرارات لمكافحة الفساد، أبرزها إحالة ألف موظف إلى القضاء، وحل مكاتب المفتشين العموميين.
يقول مصدر في هيئة النزاهة الحكومية لمكافحة الفساد إن «قضية الفساد لا يمكن أن تحل دون جدية ونية صادقة».
– «الكل مشترك بالفساد» –
ويضيف المصدر الذي طلب عدم كشف هويته لحساسية الملف أن «رئيس الوزراء غير قادر على ذلك، لأنه يعرف أن الكل مشترك بالفساد، وحتى قبل أن يعمل معهم» حين استلم منصبه قبل عام.
ويرى المصدر، في العراق الذي يحتل المرتبة 12 في لائحة البلدان الأكثر فساداً في العالم بحسب منظمة الشفافية الدولية، أن الفساد يكمن في ثلاثة ملفات.
ويشير إلى أن تلك الملفات هي «المنافذ الحدودية، وتهريب النفط، وعقارات الدولة. إذا قضي عليها ينخفض حجم الفساد كثيراً».
ويلفت مسؤول في لجنة للمفتشين العموميين في وزارة النفط لفرانس برس إلى أن اللجنة التي جمدت أعمالها، أوقفت الكثير من عمليات الفساد.
ويقول طالباً عدم ذكر اسمه إن «لجنة المفتشين في وزارة النفط أوقفت مد أنبوب النفط العراقي إلى الأردن الذي كاد أن يكلف مليون ونصف مليون دولار لكل كيلومتر (وهو رقم ضخم)، كما ضربت مصالح مهربي النفط والناقلات العملاقة وعقوداً أخرى كانت تشرف عليها مافيات الأحزاب الفاسدة».
وتلك اللجان التي تتواجد في كل وزارات الدولة وإداراتها العامة، منوطة بالمراقبة باسم الوزارة التابعة لها.
وتجميد عملها «لم يضف رغيف خبز للفقراء من المتظاهرين، إنما أثلج صدور الفاسدين»، بحسب المسؤول العاطل عن العمل تقنياً في الوقت الحالي.
وبحسب المصدر في هيئة النزاهة، فإن هذا القرار، مثل غيره من التدابير التي اتخذتها الحكومة مؤخراً، «عزل الموظفين الصغار، فيما مافيات الأحزاب هي التي تسيطر».
وقبل أكثر من أسبوع، أعلن عبد المهدي في خطاب وجهه إلى الشعب العراقي أنه سلم إلى القضاء «لائحة بأسماء ألف موظف» متهمين بالفساد، متعهداً بتقديم لائحة أولية بأسماء مسؤولين كبار «خلال ساعات».
– موعد مقبل مع الشارع –
وأكد مكتب عبد المهدي في بيان حينها، أن بين هؤلاء وزراء سابقين، ومسؤولين لا يزالون في مناصبهم. ولكن، لم يتم الإعلان رسمياً عن أي اسم حتى الآن، رغم صدور أحكام بالسجن خلال السنوات الأخيرة بحق وزيري تجارة على الأقل، بتهم فساد. ولكن حين صدور الأحكام، كانا قد غادرا البلاد.
وصارت التظاهرات ضد الفساد، عادة في العراق. لكن خلال ستة أيام من الاحتجاجات التي بدأت في الأول من تشرين الأول/أكتوبر، وشابتها أعمال عنف دامية، لقي مئة وعشرة أشخاص حتفهم، غالبيتهم من المتظاهرين الذين سقطوا بالرصاص الحي، في مستوى غير مسبوق زاد من ضغط الشارع.
وترى هدى سجاد، النائبة في ائتلاف «النصر» الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، المعارض حالياً، أن «كل إجراءات مكافحة الفساد ليست بالمستوى المطلوب».
واعتبرت أن «المشكلة الأساسية أن الفساد هو تكريس المحاصصة الحزبية».
ويبدو أن توجه الشارع في الأيام المقبلة، واضح الآن، مع دعوة الزعيم الشيعي النافذ مقتدى الصدر إلى تحويل زيارة أربعينية الإمام الحسين في كربلاء، إلى تظاهرة ضد الفساد.
وعلى مقلب آخر، يلوح المحتجون بالعودة إلى الشارع في الخامس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر الحالي، الذي يصادف مع مرور عام على تولي عبد المهدي منصبه