القوى الكبرى وسيادة الدول الصغرى!

بعد منتصف ليلة الاحد 4 على الاثنين 5 حزيران 1967 طلب سفير ا”لاتحاد السوفيتي السابق” ديمتري بوجدانييف اللقاء على عجل مع الرئيس المصري جمال عبد الناصر رحمه الله، وأبلغه بطلب الزعامة السوفيتية بعدم البدء بالحرب، وإلا فإن السوفييت لم يتمكنوا من الوقوف مع مصر، وأبلغه أن الولايات المتحدة ستعتبر نفسها في حل من التعهدات التي قطعتها للسوفييت بضبط النفس.
وهذه العبارة يمكن أن تشير إلى ضبط النفس أمريكيا بعدم التدخل إلى جانب إسرائيل ، أو أنها أخذت تعهدا من إسرائيل بضبط النفس بعدم البدء بإطلاق النار، المهم تبين أن السوفيت كانوا واحدا من أمرين، إما أنهم مستغفلون أو مغفلون بكل معنى الكلمة، وإما أنهم شركاء في صنع هزيمة مصر التي هزت الوجدان العربي بقوة وتركت آثارا نفسية مدمرة على الشعب العربي في كل أقطاره.
ويبدو أن العرب متعودون على أخذ النصائح من الدول الكبرى، والتي تتخطى معنى النصيحة إلى التهديد السافر أو المبطن. بعد هجوم الحوثيين على مطار أبها في المملكة العربية السعودية بطائرتين من دون طيار، ووقوع خسائر مادية فادحة ولم يُذكر شيء عن خسائر في أوساط العاملين في المطار، قال بيان سعودي رسمي إن المملكة سترد استنادا إلى القانون الدولي، ومع أنني لم أفهم لماذا حُشر “القانون الدولي” في هذا التحذير، فقد جاء اجتماع وزير الخارجية الأمريكية انتوني بلينكن بالسفير السعودي في واشنطن، وقال البيان الرسمي إن الوزير ابلغ السفير بوقوف الولايات المتحدة مع السعودية من دون أن تتضح معالم هذا الوقوف.
ولكن هل هذا هو واقع ما دار في الاجتماع الغامض حتى الآن؟ أم أن الولايات المتحدة طلبت من السعودية “ضبط النفس” وعدم الرد وفقا للقانون الدولي ولا استنادا إلى أي قانون؟ لاسيما وأن الولايات المتحدة عيّنت ممثلا لها إلى اليمن وأن الرئيس جو بايدن على وشك إلغاء قرار سلفه ترامب باعتبار الحوثيين حركة إرهابية؟
أذرع إيران محصنة من أية مسائلة قانونية أو أخلاقية عما ترتكب من جرائم، لأنها تنوب عن الدول الكبرى في إشعال الحرائق حيثما أشرّت أمريكا أو بريطانيا أو الاتحاد الأوربي، وتلعب روسيا والصين دور الطرف الأعمى الأصم الأبكم، ولا تنطق إلا عند التهديد “بالفيتو” في مجلس الأمن.
هل نسيت السعودية أن غريفث ممثل أكبر منظمة نصب دولية عرفها التاريخ، أنه هو الذي تدخل لمنعها من تحرير مدينة الحديدة؟ وأن الإمارات العربية ما تزال تقف حائلا دون تحرير مدينة تعز؟ لو تحررت المدينتان لتغيرّت خارطة أحداث الحرب والسلام في المنطقة ولتم قطع يد إيران من جنوب جزيرة العرب.
ولكن يد الولي الفقيه “اليسرى” تركها له ثوار إيران كي تقبّلها شفاه رخيصة لا تريد لشمس إيران أن تغيب عن العبث، كي يأتي الأمريكان والأوربيون ليحملوا للعرب المستضعفين قارب النجاة المثقوب.
سيقى حال العرب هكذا إلى أن ينهض العراق من تحت الركام والرماد.

د. نزار السامرائي

عميد الاسرى العراقيين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى