عقد قبل أيام معدودة في إيران وبالتحديد في في مقاطعة ”بهمئي“، التابعة لمحافظة ”كهكيلويه وبويراحمد“ جنوب البلاد، زواج طفلة تبلغ من العمر 9 سنوات مع رجل يبلغ من العمر 32 عاما، وبفارق عمري بين العروسين يزيد عن العشرين عاماً.
وفي المقطع الذي يظهر حفل الخطوبة في قرية ليكك، التابعة لمقاطعة بهمئي، تبدو الفتاة الصغيرة وهي ترتدي فستان زفاف ، بينما تتفاوض العائلتان على المهر وتبعات الزواج ، حيث يظهر أيضا رجل دين وهو يقرأ شروط عقد الزواج على العروسين، ويطلب من الفتاة أن تنطق بكلمة “نعم” إذا كانت موافقة على الزواج، والتي ترد بالموافقة بخجل ، لتتعالى بعدها الزغاريد وأهازيج الفرح ابتهاجاً بالعروسين .
ووفق استطلاعات الاعلام الإيرانية فإن زواج “المتعة” قد انتشر بشكل كبير في إيران، خاصة بين أوساط المراهقين والشباب، حيث أكدت الإحصائيات التي أجرتها ، أن 84,4% من الشباب الإيراني جربوا هذا النوع من الزواج”” المؤقت .
إلا أن تلك المعلومات الرسمية التي باتت تعكس جزءاً من الواقع الإيراني المؤلم ؛ نظراً إلى عدم تسجيل العديد من تلك الزيجات بشكل رسمي في أغلب المناطق الإيرانية ، بسبب مخاوف من عرقلة إتمام زواج الفتيات القاصرات، غير أنّ الأسباب الحقيقية لتفشي ظاهرة “زواج المتعة” يعود لدور المؤسسة الدينية والحكومية الداعمة لانتشار هذه الظاهرة .
وعن الأسباب التي تدفع اللشباب على وجه العموم لزواج المتعة، ذكرت التقارير المسحية المنشورة في الاعلام الإيراني أن أغلب من جربوا زواج المتعة كانت بدوافع جنسية، ، وأن الفتيات لجأن إلى زواج المتعة، لدوافع مادية بسبب الفقرالمدقع بين الأسر الإيرانية.
وبحسب المذهب الشيعي، بوسع الرجل أن يتزوج امرأة لأجل معلوم بعد أن ينطقا بـ“الصيغة“، وبحسب مهر” فاطمه الزهراء ” وهي الاتفاق الشفهي على مهر معلوم لمدة معلومة ، ورغم أن هذا زواج قد يستمر ساعات أو أيام ، أوحتى أشهر معدودة ، فلا حقوق فيه للمرأة يكفلها الطلاق لأنه لا ينتهي بالطلاق وإنما بانتهاء أجل، ما أدى إلى ولادة مئات الأف من الأطفال نتيجة هذا الزواج ، مما اضطر الحكومة الإيرانية إلى منح هؤلاء الأطفال أوراقاً في السجل المدني الإيراني.
يذكر أن هناك تقنين لتزويج القاصرات للمتعة في إيران، حيث تنص المادة 1041 من القانون المدني الإيراني لعقد الزواج، على موافقة ولي الأمر لتزويج الفتاة قبل بلوغها 13 عامًا، وللذكور قبل بلوغهم 15 عامًا، وأنه على الرغم وجود هذه المادة، فإن كثير من حالات زواج المتعة تمت تحت هذا السن لأسباب متعلقة بانتشار الفقر .
أعلى النموذج
وكان قانون صدر في عام 2002 بإيران حدد السن القانونية لزواج الذكور 15 عامًا وللإناث 13 عامًا، إلا أن المشرعين سمحوا لمن أعمارهم أقل من هذا بالزواج أيضًا، لكن شريطة موافقة الولي ومراعاة المصلحة وقرار محكمة صالحة بحسب القانون.
ووفقًا للإحصاءات الصادرة عن المنظمة الوطنية الإيرانية للتسجيل المدني، والتي نقلت في عام 2016 من قبل مركز حقوق الإنسان في إيران، فقد سجل زواج أكثر من 40 ألف طفلة دون سن الخامسة عشرة خلال السنة السابقة.
وجاءت مناطق أصفهان وهرمزكان على صدارة قائمة المدن في إيران التي تتفشى بها ظاهرة زواج الأطفال؛ و كانت الإشكالية في حالات ارتباط بين أزواج تتجاوز أعمارهم 50 عاماً بزوجات دون العاشرة من العمر ، دون أن يحرك ساكناً بالنسبة للمؤسسة الدينية أو التشريعية أوالحكومية لمنع هذا النوع من الزيجات .
و كان عدد من مراجع التقليد و المعتبرين ، والمسؤلين البارزين من الجناح المحافظ ، قد دعوا إلى إشاعة الزواج المؤقت “زواج المتعة” لمواجهة الكبت الجنسي لدى الشباب الإيراني، وإلى فتح باب المتعة في الفنادق الإيرانية، بأن تقيم نساءٌ في الفندق لتقديم “خدماتهن” تحت اسم “زواج المتعة ؛ لا سيما في المدن الدينية ، ما أدى إلى إزدهار ما يُسمى زواج المتعة في بعض المناطق الإيرانية التي تشتهر بالسياحة الدينية، كمدينتي قم ومشهد، ما تسبب في رواج التجارة الجنسية والدعارة تحت ستار زواج المتعة ؛ خاصة في مدينة مشهد، بحجة زيارة الإمام الثامن علي بن موسى الرضا، التي يقصدها السياح الشيعة من داخل إيران ، ومن الخارج ، لا سيما من العراق والبحرين ولبنان وباكستان وأفغانستان … و مع وجود السياح الشباب الذين يأتون إلى المدينة بهدف الترفيه الجنسي بذريعة الحج الديني، وتحت غطاء “زواج المتعة” ، ما تسبب بانتشار الأمراض الجنسية الفتاكة مثل الايدز والزهري .. في هذه المناطق ، ما جعل من المستحيل احتواء هذا الظاهرة الخطيرة التي باتت تشكل تحدياً حقيقياً للدولة الإيرانية نتيجة المشاكل والتداعيات المعقدة الناجمة عنها ، خاصة بعد الدعم غير المحدود من المؤسسة الدينية لانتشار هذه الظاهرة التي باتت تعصف باستقرار المجتمع الإيراني برمته .