ايران تسرع برنامجها النووي و تشغل اجهزة طرد مركزي متطورة

أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن إيران رفعت مستوى وحجم تخصيب اليورانيوم بأجهزة طرد مركزي متطورة من طراز “آي آر-6” في منشأة فوردو

يذكر أن هذه الأجهزة المتطورة يمكنها التبديل بسهولة أكبر بين مستويات التخصيب لتصل الى مستويات عالية وخلال فترة محدودة ،حيث أعلنت، إيران انها قد بدأت بتغذية مجموعة تتألف من 166 جهاز طرد مركزي من طراز آي آر-6 بغاز سادس فلوريد اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 5 في المائه .
بالمقابل اعلنت “طهران انها كانت قد أبلغت الوكالة بأنها تعتزم استخدام الأجهزة حتى تصل بمستوى التخصيب إلى نسبة نقاء 20 في المائة، وهي أقل من نسبة الـ60 في المائة التي تنتجها في مرافق أخرى.
وتأتي هذه الخطوة بعدما اعتمد مجلس محافظي الوكالة، في 8 يونيو (حزيران) الماضي قرارا اقترحته أميركا و3 دول أوروبية بشأن “ضرورة الحصول على تفسيرات ذات مصداقية من إيران حول آثار اليورانيوم في مواقع غير معلنة”، هذا عدا عن اجراءات تصعيدية نووية اخرى .
من المفترض ان الخطوة الايرانية ان تمهد لزيادة الضغوط الدولية على إيران وتضعها في مواجهة معضلة فيما يخص قضايا اخرى كتعاملها مع عمليات التفتيش النووية على أنشطتها النووية بموجب اتفاق الضمانات الموقع بينها وبين الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في الوقت الذي طالب مجلس محافظي الوكالة إيران بالتوقف عن السياسات التصعيدية في ظل الاشتباه بوجود موقعين يشتبه في إجراء أنشطة نووية غير معلنة ذات طابع عسكري .
من المرجح ان تضع السياسات التصعيدية طهران أمام خيارين حرجين، هما ؛ مواصلة منع مفتشي الوكالة من الوصول إلى هذه المواقع مع ما صاحبه من قيامها باغلاق ٢٧ من كاميرات المراقبة ما يؤكد ضمنا وجود أنشطة تخشى إيران كشفها. ويفتح هذا الخيار المجال أمام خيارين لاثالث لهما ؛الاول : هو إعلان الوكالة عدم قدرتها على تأكيد عدم وجود أي أنشطة نووية غير معلنة في إيران وأمام اتخاذ مجلس محافظي الوكالة خلال اجتماعه المقبل أو حتى بشكل عاجل قبل هذا التاريخ إذا ارتأت الوكالة ذلك، قرار بإخطار مجلس الأمن الدولي بما سيعد انتهاكا إيرانيا لمقررات اتفاق الضمانات النووية عبر هذا التصعيد النووي الايراني ، والذي يؤكد مضيها في استراتيجية عسكرة برنامجها النووي ، مع ما يصاحب ذلك من السعي لابتزاز الدول الضامنة للاتفاق النووي ،خاصة مع فشل مفاوضات فيينا والدوحة .
اما الخيار الآخر فهو يتمثل بتغليب ايران لسياسة التهدئه عبر تجميد عمل اجهزة الطرد المركزي الجديدة ،والسماح بتفتيش الموقعين- وهو المستبعد – ما قد يكشف طبيعة الأنشطة النووية التي كانت تجري بهما، ويؤكد وجود جانب عسكري لبرنامج إيران النووي في مرحلة ما قبل عام ٢٠٠٣، ويثبت صدق المزاعم الإسرائيلية بشأن وجود أرشيف نووي إيراني يثبت سعي إيران لامتلاك سلاح نووي وتحقيقها تطورا مهما في هذا الإطار.
هذه التداعيات وغيرها من المتوقع أن يفضي إليها كلا الخيارين المجال واسعا لجوء الولايات المتحدة، أو حتى أحد الدول الأوروبية الأطراف في اتفاق ٢٠١٥ النووي للمطالبة بتفعيل آلية الزناد مرة اخرى ، وإعادة فرض العقوبات الأممية على إيران ما يعني تقويض الاتفاق النووي برمته . ويلاحظ في هذا السياق أن قرار مجلس محافظي الوكالة في ٢٧ نوفمبر٢٠٠٩ بإخطار مجلس الأمن الدولي بانتهاك إيران لالتزامتها بموجب اتفاق الضمانات وعدم إبلاغ الوكالة بإنشاء منشأة نووية في قم، تلاه في يونيو ٢٠١٠، إصدار مجلس الأمن قراره رقم ١٩٢٩ الذي تضمن أشد عقوبات أممية ضد إيران قبل اتفاق ٢٠١٥ النووي.
يمكن القول انه و في حالة لم تقبل إيران بمعادلة التهدئة ؛فإن خياراتها المحتملة ستتمثل بالاستمرار باتخاذ قرار بتقييد عمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإجراءات التفتيش الدولية على الأراضي الدولية ،هذا عدا عن الاستمرار في سياستها التصعيدية وهو المرجح فعليا ، ويتمثل الهدف الرئيسي لهذا الخيار في إثارة قضية فرعية وإطلاق جهود وساطة لتسويتها ما يتيح لإيران مجالا للمساومة والابتزاز مجددا ، لكن هذا الخيار يثير خطر استغلال واشنطن له للمطالبة بتفعيل آلية الزناد فورا ضد إيران.
ما زالت طهران تلوح القيام بشكل مباشر، أو عبر وكلائها، بإجراءات تصعيد أمني جديدة سواء ضد الملاحة الدولية في الخليج العربي ومضيق هرمز، أو ضد الوجود الأمريكي في العراق، أو ضد المملكة العربية السعودية عبر اليمن، سعيا لإزاحة التركيز الدولي نحو تهديدات دولية موازية. وتتوافر مؤشرات متزايدة خلال الأيام الماضية بشأن احتمال لجوء إيران لهذا السيناريوبشكل اوسع خاصة مع اعتبار ايران بالامس من ان تشكيل الناتو الشرق اوسطي سيشكل خطرا كبيرا على امنها القومي ،ومن منطلق البناء على الامر مقتضاه فانها ستقوم بما يلزم للدفاع عن امنها .
بينما تبدو جميع الخيارات الإيرانية محدودة الأثر في مسار التصعيد المحتمل عبر الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فضلا عما تحمله هذه الخيارات من مخاطر مواجهات عسكرية لا تبدو إيران قادرة على خوضها لنهايتها، فضلا عما سيترتب عليها من إضعاف أي دعم دولي لإيران، يبدو أن الموقف الأمريكي سيكون هو الحاسم في تحديد الخيارات القادمة للتعامل مع السياسات العبثية الايرانية ،والتي لن تتجاوز في تقديرنا سياسة العقوبات مع ايكال مهمة ابطاء البرنامج النووي الايراني لاسرائبل التي قد تطور عمليات التخريب والاستهداف مجددا .
فيما يتوقع أن تسعى واشنطن لتعزيز الزخم الأوروبي للضغط على إيران عبر الوكالة الدولية للطاقة الذرية للوصول إلى إصدار قرار بإخطار مجلس الأمن الدولي بانتهاك إيران لاتفاق الضمانات الدولية، وإجبار إيران على استئناف مسلسل التفاوض مرة اخرى .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى