ايران وسياسة حافة الهاوية :احتجاز السفن نموذجا

في مؤشر لزيادة وتيرة التصعيد في مياه الخليج العربي مجددا ، وفي محاولة لابتزاز الدول الكبرى ، لاسيما اميركا ، قام الحرس الثوري الايراني
بمصادرة ناقلتي نفط يونانيتين في مضيق هرمز، واضاف الحرس الثوري في بيان مقتضب أنه يرصد أكثر من 17 سفينة لأثينا متواجدة في مياه الخليج. وعلى الرغم من أن هذه الخطوة تبدو كرد فعل على توقيف اليونان ناقلة نفط إيرانية الشهر الماضي، إلا أن تطورات الأحداث لا تنفصل عن الفشل الحاصل في مفاوضات إحياء الاتفاق النووي.

بموازاة ذلك تستمر الاستعدادات العسكرية والامنية ، ومحاولات استعراض قدرات وجاهزية الجيش والحرس الثوري على قدم وساق .
المؤكد ان هناك تعنتًا وصلابة في الموقف الايراني من المفاوضات النووية منذ اللحظات الأولى، فعلى الرغم من عرض إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بادئ ذي بدء الجلوس إلى طاولة المفاوضات وجها لوجه مع إيران، إلا أن طهران ما فتأت تؤكد على أن الادارة الاميركية هي التي يجب عليها تنفيذ الخطوة الأولى المتمثلة بالعودة لالتزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق الاتفاق النووي.

بالمقابل تصر ايران على رفع الحرس الثوري عن لائحة الارهاب،في حين تقدّم الإدارة الأميركية العديد من الحجج حول عدم رفع الحرس من قائمة الإرهاب، ومعظمها يتعلق بالأوضاع الداخلية الأميركية والانتخابات النصفية المقبلة وتزعزع موقف الديمقراطيين فيها،
ما حدا بالحرس الى افتعال حرب السفن والناقلات بهدف ابتزاز المجتمع الدولي بغية تحسين شروط التفاوض مع الغرب ، خاصة بعد مرور اشهر على الحرب الاوكرانية ، وخشية طهران من استغلال موسكو للمساومة على الملف النووي على حساب المصالح الايرانية ، وتعالي الاصوات بضرورة فتح حوار مباشر مع واشنطن خشية افلاس الاقتصاد الايراني.
ما يجري في ايران يتزامن مع رأي عام يحذر من تبعات ونتائج هيمنة الجناح المتشدد على كل مفاصل الدولة تجنبا لبروز حركة معارضة من داخل النظام، ولتمهيد عملية الانتقال الى موقع الارشاد بسهولة وييسر ، مما افقد السياسة الايرانية تبادل الادوار والمساومة خاصة على الصعيد الخارجي .
كل هذه السياسات تم التوسل بها برأي الاعلام الاصلاحي لإجبار واشنطن على إما القبول بالتفاوض معه أو خوض مواجهة شاملة مع إيران خاصة مع المخاوف النووية والتسليحية التي ستتصاعد حال الاستمرار في سياسة حافة الهاوية التي قد تتوسل بها طهران قريبا ، وربما يكون وكلاء ايران لمزيد من التصعيد عبر بوابة الازمة السورية او العراقية او كلتيهما معا ، هذا عدا عن الأسباب المحتملة لعودة المواجهات البحرية بشكل اوسع خاصة مع تسريبات اعلامية ايرانية بضرورة وقف حركة المنتهكة للقوانين البحرية .
لاشك بأن أحد خيارات إيران هو الاستمرار في سياسة حافة الهاوية لتسريع التفاوض مع واشنطن و لإضعاف فرص تل ابيب التي دخلت على خط التخريب داخل العمق الايراني وبشكل ممنهج.

تدرك طهران ان استمرار الضربات والتخريب داخل ايران هدفه إحراج النظام الإيراني، وخاصة الحرس الثوري مما يمكن أن يشجع أي حركات معارضة أو تمرد عنيفة ضد النظام، وهو ما بدا واضحا ، وقد يكون ذلك هو المرحلة الثانية من تلك الحملة خاصة مع تطور مسار الاحتجاجات في ايران خاصة الاحواز والمحافظات الحدودية ، الى جانب محاولة هذه الدول إيصال رسالة للداخل والخارج بهشاشة البنية الداخلية للدولة والجيش والحرس، ومن ثم دفعه نحو إعادة التفكير في خيار مقاومة الضغوط بالرهان على قدرات الحرس الآخذة في التآكل إقليميا وغير القادرة على حماية علماؤه و قدراته العسكرية والنووية .
المؤكد انه لاخيار امام ايران سوى التنازل عن بعض مطالبها والقبول بحدود الرغبات الأميركية ، فضلًا عن تطلعها لقيام الولايات المتحدة بكبح جماح إسرائيل وعملياتها المتصاعدة لإمكانية التوصل إلى اتفاق، خصوصاً أن ثمة ما يشي بأن سياسة “الصبر الإستراتيجي” التي اتبعتها إدارة الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني قد فقدت صلاحيتها الى غير رجعه .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى