في حديقة منزلي في حي العدل ببغداد كانت مختلف الطيور تبني اعشاشها بلا دعوة مني ولكنها كانت تألف الحديقة والمنطقة الوارفة الظلال، ومهما كثرت إعدادها كانت تجد رزقها مما تنتجه الاشجار المثمرة وما أكثرها وما اغزر إنتاجها،.
ومن اللافت أن البلابل كانت تختار أشجار التين لإقامة اعشاشها وتنسجها بإحكام وعندما ينضج التين كنت الاحظ أن البلابل كانت تنقر في الثمر ثم تعود في وقت لاحق لتاكل منه حتى تشبع، وعندما كنا نلقي إليها بشيء من الطعام كانت تشيح بوجهها عنه ظنا منها اننا نتحين الفرصة لاصطيادها.
كنا نحرص على سلامتها من عبث الأطفال ولهذا كانت ترد لنا الجميل بتغريد ساحر، على كثرة ما سافرت وعلى كثرة ما رأيت من بلدان فأنا لم ار بلبلا يشبه البلبل العراقي في شكله الجميل، ولم أسمع سمفونية أجمل من تلك التي كان يصبها في أذني مرتين فى اليوم الأولى في الفجر والثانية قبيل الغروب فيا له من طائر مؤنس رقيق.
أما الطير الثاني فهو اليمامة أو الحمامة٠ التي لها اسم محلي محبب هو (الفختاية) أو ما يطلق عليه العراقيون إسم يا كوكتي وينسجون حول نغمتها حكايات جميلة، وهي حمامة لا تجيد نسج عشها بشكل متقن وتختار عادة شجرة الزيتون لبنائه وبمجرد أن تهب نسمة ريح قوية تقتلعه أو تقتلع جزء منه فيسقط البيض فاراها حزينة ولكنها لا تصاب باليأس بل تكرر المحاولة مرة ومرتين إلى أن تربي افراخها حتى لكانها على وداعتها المفرطة أخذت من العراقيين عنادهم وإصرارهم على تحقيق أهدافهم مهما تعرقلت محاولاتهم ومهما قدموا من خسائر.
وكم حاولت أن أقدم لها المساعدة ولكنها كانت تهجر الشجرة إحساسا منها أن الفرد العراقي يضمر الشر للاشياء الجميلة.
ويبدو أنها كانت أذكى من كثير من الناس.
فما دمره العراقيون بعد الاحتلالين ولصالح جارة الشر والسوء إيران يوكد صدق حدس الفختاية العراقية صاحبة أجمل ما سمعت من هديل الحمام.
ااااه كم أحن إلى تلك الأيام الرائعة من الزمن الجميل واسأل الله العلي القدير أن يمن علي بأن اعيش فيه آخر أيام حياتي.
1٬031