عدت يوم ١٢/ ٣/ 2020 الى عمان ، عن طريق برلين، بعد ان ألقيت محاضرة عن الاقتصاد العراقي في لندن، وبعد سماع أخبار جائحة كورونا، قررت العودة إلى بلدي الثاني الاْردن العربي الأصيل.
ما إن وصلت البيت حتى بدأت وسائل الاعلام تنشر وتذيع مجمل قرارات تاريخية أصدرتها القيادة الأردنية لمواجهة هذا الوباء الفتاك، ابتداءً من منع التجوال، والحجر الصحي، وقرارات بمعاقبة المخالفين، وتكليف الجيش الأردني العربي الأصيل، بالسيطرة على مداخل المدن في المملكة.
كانت قيادة الأزمة متفهمة، بنحو علمي ودقيق، مخاطر هذا الوباء، منذ البداية، حيث كانت تراقب كل صغيرة وكبيرة، وتعمل على إيجاد الحلول المناسبة لها، وبالسرعة الفائقة، ومن أهم هذه المشكلات كيفية إيصال المواد الغذائية إلى الجميع، وهم في منازلهم، كما اتخذت القرارات المناسبة لحل جميع المشكلات المحتملة، حتى استقرت على فتح المحال الخاصة بالمواد الغذائية وحسب المناطق، شرط التزام الجميع بتعليمات قيادة الأزمة، وقد تم ذلك بكل سلاسة وسلامة، فضلاً عن الكثير من القرارات، التي تم تطبيقها ومتابعتها، مثل استخدام حصر المناطق الموبوءة لمدة أسبوعين أو أكثر وحسب الحالة. ونجحت المملكة وقيادة الأزمة، بتوفير جميع المستلزمات الطبية اللازمة، من دواء وأجهزة طبية واوكسجين ومستشفيات وفنادق للحجر الصحي وغيرها، مما نتجت عنه السيطرة التامة على الوباء ومنع انتشاره في البلاد (كما حدث في جميع بلدان العالم)، مجنبةً الشعب الأردني ويلات هذا الفيروس وانتشاره.
إن الكثير من الدول المتقدمة لم ترتق إلى المستوى المطلوب لمواجهة هذا الوباء وبالأخص إيطاليا وإسبانيا، وغزا الوباء شعوب أوربا، وهي المتقدمة تقنياً وصحياً واقتصادياً، وتباطأت، منذ البداية، دول كبرى في اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة الوباء، مما أدى الى وفاة عديد من مواطنيها وإصابتهم، ولا تستثن من ذلك الولايات المتحدة الامريكية، حتى بلغ عديد المصابين في العالم إلى نحو ٢٠ مليون نسمة والعديد في ازدياد، كما أن عديد الوفيات بلغ نصف مليون إنسان، ففلسفة النظام الرأسمالي في معالجة مثل هذا الوباء مبنية على أساس أن الاقتصاد يتقدم في أهميته على الإنسان، بحساب أن إيقاف النشاطات الاقتصادية سوف يؤدي الى خسارة الكثير من الشركات، وزيادة البطالة، كما يؤدي إلى انكماش اقتصادي، واختلالات هيكلية على مستوى القطاعات الاقتصادية وغيرها، لذلك فضلت هذه الدول فتح النشاط الاقتصادي ولكن على حساب الإنسان.
أما المملكة الأردنية الهاشمية، التي تمتلك اقتصاداً متواضعاً أمام اقتصاديات الدول الكبرى (أوربا، والصين، وأمريكا)، فإنها فضلت الإنسان على الاقتصاد، من دون أن تهمله، ونجحت نجاحا باهراً في ذلك، والفضل يعود الى فلسفة المملكة وقيادتها الهاشمية الحكيمة، وقيادة الأزمة، التي عدّت أن الحفاظ على الانسان وسلامته، وصحته، هو الأساس، وأن الاقتصاد لا ينشط ولا يتحرك من دون وجود إنسان صحي وسليم ومعافى.
تمكنت المملكة الاردنية الهاشمية من السيطرة على الوباء، بدعم منقطع النظير من أبناء الشعب الأردني العربي الأصيل، أبناء عمومتنا، حفظهم الله ذخرا للأمة العربية، وحفظ قائد مسيرتهم جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، وجميع المسؤولين، الذين أسهموا في إنجاح هذه التجربة النموذج، التجربة الرائدة.
871