تخوف ايراني من تحريك السعودية والامارات للورقة الافغانية

في مؤشر يعكس مخاوف ايران من عودة طالبان للحكم؛ اجمعت صحف ايرانية محسوبة على استخبارات الحرس الثوري من تداعيات ذلك امنيا واستراتيجيا على ايران من خلال عدم التباطؤ وممارسة سياسة الانتظار والصبر الاستراتيجي، خاصة ان مجريات وتطورات الاحداث اصبحت مريبة ، مقترحة تبني مقاربة استراتيجية عنوانها أهمية تجنب أي حالة مواجهة او تصعيد مع حركة ‎طالبان، لأن طهران تدرك أن الأمور قد حسمت تماما نحو سيطرة الحركة على افعانستان ،بعد تمهيد اميركي يعكس نوايا ومخطط خطير، سيستهدف ايران ودول المنطقة واشغالها لاعوام قادمة ، خاصة مع احتمالية أن تواجه إيران مستقبلاً سيناريو دولة مذهبية “سنية”متطرفة ، قد تشغل حربا دينية في المنطقة .

من هنا تعتقد طهران ان عليها اولا محاولة ايجاد قواسم مشتركة مع حركة طالبان ،وأن تؤسس لفكرة ايجاد قواسم مشتركة مفادها ان توجه الحركة لا يختلف كثيراً عن توجه إيران في اهمية إنهاء الوجود الأمريكي في المنطقة، و محاولة إستمالة الحركة عبر هذا الاستراتيجية ، كما ان على ايران أن تبذل جهودا لدى قادة طالبان وتغيير فكرة أنها دولة تدعم الحركات الشيعية فقط، وإنما هي داعم لكل حركات التحرر في العالم الاسلامي ؛ ومن اهمها الجارة افغانستان التي تشترك معها في الدين والثقافة واللغة والتحديات.

مقالات ذات صلة

‏ بموازاة ذلك ترى وسائل الاعلام المحسوبة على استخبارات الحرس الثوري اهمية التنسيق مع حلفائها في افغانستان (ميليشيا فاطميون) ،وضرورة ايلاء ذلك اهمية قصوى لتوظيف المقاتلين العائدين من سوريا،واللذين استقروا في بلدهم افغانستان ،واتخاذهم كورقة مهمة وحيوية لتحقيق التوازن في العلاقات مع طالبان ،اضافة الى الحرص على عدم افتعال اية مواجهة بين اصدقاء ايران وطالبان بهدف عدم استنزاف قدراتهم في هذا التوقيت بالذات ،والتركيز على دعمهم بكافة الوسائل والطرق المتاحة .

المرجح ان يتجه الحرس الثوري واستخباراته الى محاولة اعادة تنظيم صفوف ميليشيا فاطميون مع تنظيمات قام الحرس نفسه بتشكيلها ضمن تنظيم موحد على غرار الحشد الشعبي العراقي ودعمهم ماليا وتسليحيا وبشريا وتنظيمهم استخباريا عبر تجنيد مقاتلين جدد من الشيعة الهزارة الافغان ، وربما إعادة بعض المقاتلين من الشيعة الافغان ممن تبقى في سوريا، و تعزيزها من خلال ادخال المزيد من قوات حزب الله اللبناني في الازمة السورية لتعويض الفاقد هناك .

‏كذلك قد تسعى إيران إلى محاولة إنتاج قيادة “كاريزما” على غرار عبدالملك الحوثي وحسن نصرالله وفالح الفياض لتعزيز قبضتها على الجناح العسكري الشيعي في افغانستان ،هذا الى جانب تفجير الورقة المذهبية من اغتيالات وتفجيرات على غرار ما تقوم به في العراق لاسباب واهداف كثيرة من ابرزها رص صفوف الشيعة في افغانستان، واشغال طالبان عن التاثير على الوضع الداخلي الايراني ، لكن هذا له محاذيره من خلال احتمالية عودة الهجرات الافغانية واللجوء الانساني الى ايران مجددا في حال تفجر الوضع الامني هناك ، لكنها تبقى احتمالية واردة على اسوا تقدير .

‏بموازاة ذلك قد تلجا إيران إلى جانب خيارها العسكري والاستخباري الى اعادة بناء تحالف قبائل الشمال في أفغانستان المستقبلية بعد سيطرة طالبان، هذا التحالف الذي يضم مجموعة من القبائل المتحالفة ضد حركة طالبان، والتي تحظى بدعم قائد فيلق القدس إسماعيل قآني الذي كان في فترة من الفترات مسؤلا عن هذا الملف.

لكن ما تتحسب له ايران هو لجوء دول الخليج لاسيما؛ السعودية والامارات وبالتنسيق مع اسرائيل ودون علم طالبان الى نسج علاقات مع هذه الحركة ، ودفعها الى تحريش الحركات البلوشية المسلحة في جنوب شرق إيران، والتي ترتبط طالبان معها بعلاقات استراتيجية مهمه ؛ وأبرزها جيش العدل الذي لديه علاقات قوية مع طالبان بهدف إثارة الصراع الداخلي في اقليم بلوشستان في ايران ذوي الاغلبية السنية ،في محاولة لاضعاف ايران، واشغالها عن التعاطي مع الازمات الاقليمية؛ لاسيما اليمنية والسعودية .

كذلك تخشى إيران من إن معاداة طالبان معناه وقوع الحركة في حضن باكستان وتركيا، وهذا يعني إستراتيجياً تشكيل خطر عليها ، وقد يتم استثناء إيران من مبادرة (الحزام والطريق) ، مقابل صعود محور سني تركي باكستاني من جهة الشرق، ومحور عربي_ إسرائيلي من جهة الغرب والخليج ،وربما قد تتجه الامارات او السعودية او كليهما معا -حسب الزعم الايراني – للتوجه الى باكستان وتقديم الاغراءات لها ، بهدف دفع حكومتها واجهزتها الامنية للتقارب مع طالبان، وربما قد تستثمر الرياض في تقاربها مع الدوحة التي ترتبط بعلاقات ممتازة مع طالبان لتحقيق هذا الهدف .
السيناريو المتوقع ان التصعيد مع ايران عبر البوابة الافغانية قد يدفع طهران للتصعيد مع الاعداء والمنافسين لاسيما السعودية والامارات واسرائيل وحتى الغرب عبر الازمات الاقليمية العربية ،لاسيما في العراق وسوريا واليمن ولبنان لتبادل الرسائل مع الغرماء في محاولة لابتزاز هذه الدول ومساومتها لمنع توظيف المتغير الافغاني الذي سيكون ذا فعالية كبيرة لضرب الامن الداخلي الايراني واستنزافه .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى