تتجه أنظار العالم اليوم الثلاثاء الثالث من نوفمبرـ تشرين الثاني إلى الولايات المتحدة الأميركية التي يصوت ناخبوها لساكن البيت الأبيض الجديد، فالكل يترقب نتائج ما سيحصل في هذا اليوم الطويل، وعلى ضوء ذلك ستتحدد السياسة الأميركية داخليا وخارجيا، سواء فاز بايدن أم ترامب، ومرد هذا الانشغال والترقب هو ما سسيحصل اليوم إذا لم يعترف الرئيس ترامب بالخسارة إذا حصلت، الأمر الذي حذرت من تداعياته قطاعات كبيرة من الأميركيين خوفا من احتمالات أن تدخل أميركا في أجواء حرب أهلية.
وما يهمنا نحن في العالم العربي من كل ما يجري في أميركا هو مدى انعكاس نتائج الانتخابات على الأوضاع علينا؛ لأن السياسات الأميركية لها دور كبير في تقرير مسار أوضاعنا سلبا أو إيجابا. وعلى الرغم من تعهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنقل سلمي للسلطة في حال خسارته في الانتخابات، إلا أن تساؤلات تثار حول إمكانية قبول الرئيس النتائج وسيناريو ما بعد الانتخابات، وسط تحذيرات من فترة من الفوضى القانونية والسياسية، لا سيما إذا كانت النتائج المتوقعة ليلة الانتخابات ليست لصالح ترامب، قد يرفض التسليم بالخسارة وسيطعن في عملية فرز الأصوات.
ويعتقد بعض الخبراء بأن الارتفاع الهائل في عدد الأصوات المرسلة عبر البريد بسبب فيروس كورونا والأنظمة غير المختبرة مسبقا للتعامل مع هذه الأصوات، قد تكون نتائج الانتخابات المبكرة غير مكتملة وعرضة للطعن. وفي محاولة لطمأنة الناخبين أوضح زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل الذي يمكن لهيئته عزل ترامب إذا رفض التنحي، قائلا “سيتم تنصيب الفائز في انتخابات 3 تشرين الثاني ـ نوفمبر في 20 كانون الثاني 2021.
ومهما كانت نتيجة التصويت بهذه الانتخابات المثيرة للجدل فإن العالم ينتظر ما ستؤول إليه نتيجة السباق نحو البيت الأبيض لمعرفة مسار هذه النتائج وعلاقتها بأزماته في أكثر من بقعة في فضائه، لا سيما في محيطنا العربي والإقليمي وحتى الدولي، وأين تتجه البوصلة الأميركية في تعاطي الرئيس المنتخب مع تداعياتها على السلم والأمن الدوليين.
نعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب كان مثيرا للجدل خلال فترة رئاسة الأولى، سواء كان في تعاطيه مع جائحة كورونا أو مسار علاقته مع الصين وروسيا وإيران وحتى حلفائه الأوروبيين، إلا أنه اختط مسارا جديدا في مسارات الإدارات الأميركية الماضية بالتأكيد على شعار “أميركا أولا”، في محاولة لتأكيد التفوق الأميركي على الأرض والسماء، وتقرير مصير الأزمات واتجاهاتها، وهو المسار الذي قد يتقاطع معه المرشح الديمقراطي جو بايدن في حال فوزه بالانتخابات، وهنا يكمن الاختلاف وتقاطع المواقف بين المرشحين؛ لأن فوز أي منهما سينقل الولايات المتحدة إلى مشهد سياسي جديد قد يعيد رسم خريطة التعاطي مع أزمات العالم، وأيضا مستقبل التحالفات والعلاقات مع ميزان القوى والمصالح والنفوذ في عالمنا المضطرب، لذلك فإن انتخابات 2020 مفصلية، وستكون نتائجها وتداعياتها مهمة على صعيد تشكيل الرؤية الأميركية الجديدة لعالم مضطرب حولته كورونا إلى جسد عليل يحتاج إلى علاج طال انتظاره رغم تصاعد أعداد الوفيات.

733