ان الزوبعة التي اثارها الرئيس الاميركي دونالد ترامب في 6 كانون الثاني 2021 و ما سبقها من تصرفات و سلوكيات لا مثيل لها في التاريخ الاميركي سواء اثناء الحملة الانتخابية و ما افرزت من نتائج تصب لصالح منافسه الديمقراطي جو بايدن و تفوقه في التصويت الشعبي بما يقارب 81 مليون صوت او ما حصل عليه في المجمع الانتخابي و بالذات في الولايات المتأرجحة التي حسمت الموقف لصالح بايدن.
و ما اعقب ذلك من قرع ابواب القضاء الفدرالي في تلك الولايات او المحكمة العليا (و التي يعتقد ان كسب اصواتهم بسبب تعيين عدد منهم كمحافظين)
و استمراره بالتقريع بخصمه بايدن و امتد ذلك حكام الولايات و سكرتارياتها من الحزب الجمهوري و اقالة الوزراء و المسؤولين من حلفاءه في البيت الابيض كوزير الدفاع و العدل و رئيس الجهاز السيبراني (وفق مبدأ من ليس معي فهو ضدي) متماثلا بزعماء دول العالم الثالث في شراء الولاء والتشبث بالسلطة
طبيعة ادارة ترامب
اذا كان الرئيس الاميركي هو الرئيس الفعلي للسلطة التنفيذية و بموجب الدستور فانه لا وجود ثنائية في الجهاز التنفيذي بخلاف الحكم البرلماني فانه لا بد من وجود جهاز تنفيذي يساعده على انجاز عمله يتألف من الوزراء و الديوان التنفيذي للرئيس متمثلا هذا بمجلس المستشارين الاقتصاديين و مجلس الامن القومي و ديوان البيت الابيض…الخ.
الا اننا نرى ان البيت الابيض اصبح مرعى للعائلة و الاصهارو على رأسهم صهره كوشنير رئيس المستشارين و ابنته ايفانكا (كما جعل اولاده نواب رئيس في منظمة ترامب).
بل ان المهام التي اوكلت الى ابنته ايفانكا و حضورها مؤتمرات مفصلية كمجموعة العشرين العام الفائت و عندما جلست في مقعد والدها في ذلك المؤتمر سنة 2017 و هذا يؤشر انها تريد تحمل علامة والدها السياسية و هناك تكهنات بترشحها الى مجلس الشيوخ في الانتخابات الفصلية 2023 وربما استثمار رصيد والدها للترشح للرئاسة الاميركية ان عزف والدها عن الترشح في انتخابات 2024.
اميركا كانت مظلة العالم الغربي و الحلفاء
ان الويلات التي المت بمنطقتنا و بالذات العراق من خلال احتلاله في سنة 2003 وما سبقه من استخدام اقصى حصار في العصر الحديث مدته 13 سنة و الجروح الغائرة في الجسد العراقي ومضت بدون مسآلة او حساب و بتجاوز للمؤسسات الدولية و قرارتها.
يضاف الى ذلك تجاوز الولايات المتحدة كل الخطوط الحمراء في تسليم اسرائيل حتى اسنانها وحماية تجاوزاتها و الاعتراف الاحادي الجانب بسيطرتها على الجولان واعتبارالقدس عاصمة لاسرائيل و شرعنة المستوطنات التي استولت عليها اسرائيل بالقوة خلافا للقرارات الدولية.
فان هذا لا يغمض اعيننا عن مضلة الحماية التي وفرتها امريكا للحلفاء الغربيين قبل انهيار المعسكر الاشتراكي و حلفاءها في اسيا (اليابان- كوريا الجنوبية – الفلبين….الخ)
بل ان الاموال الاميركية و اجندتها العسكرية و الاقتصادية و شركاتها متعددة الجنسيات ساهمت في حماية انظمة الحكم الديمقراطية في اوربا امام نمو الحركات اليسارية و بالذات في فرنسا و ايطاليا
التاريخ ذاكرة الاجيال
على الرغم من قدرات الولايات المتحدة متعددة الاوجه في قنوات الاقتصاد العالمي و سيادة الدولار في المعاملات التجارية و النقدية و القوة العسكرية الكاسحة و المرجحة في البر و البحر و الجو و تفوقها في تقنيات الاتصال و الذكاء الصناعي و توافر قدرات تكنلوجية و اعلامية لا تتوافر للاخرين.
فان الماضي القريب يذكرنا بقدرات الاتحاد السوفيتي السابق في مجال التسليح والفضاء و تصدي غروباتشوف لقيادة تلك الدولة و تغافله عن الازمات التي تحل بالبلاد و طروحاته حول الغلاسونست (الانفتاح) في ظل ظروف دولية تتفوق فيها اميركا و تتصيد الفرص لتفكيك منافسه الرئيس في بلاد تأن – اقتصاديا – كل ذلك ادى الى النهاية المفجعة للاتحاد السوفييتي و تفكيك المعسكر الاشتراكي.
و كذلك تجربة الماضي البعيد عند بروز زعماء شعبويين كأدولف هتلر في المانيا و موسوليني في ايطاليا و الويلات التي المت ببلادهم و العالم و تجارب العالم الثالث مع الزعماء الشعبويين.
ان الاحداث الدامية التي شهدتها الولايات المتحدة باوجهها المختلفة و بروز قوى عنصرية فاشية بتشجيع من الرئيس ترامب و الاعتداء على حرمة الكونغرس جلب الفزع لدى الحلفاء الغربيين الذين كانو يجدون في تجربة المؤسساتية الاميركية نقطة مضيئة و مصدر الهام لهم بدأت تتهاوى تحت اقدام الغوغائيين و ارتفعت اصوات الزعماء الغربيين بالاستنكار و تحذير شعوبهم من عدوى الفوضى و الاعتداء على المؤسسات الديمقراطية و بداية العد العكسي لتآكل دور الولايات المتحدة و تاثيرها في السياسة الدولية بعد ان تراكمت عوامل التأكل نتيجة السياسات و التصرفات الخاطئة لادارة ترامب و من سبقوه من الادارات السابقة على الساحة الدولية و الكلف الباهظة و مغامراتهم الفاشلة في العراق و افغانستان و قبلها في فيتنام و كوريا تترافق مع بيئة داخلية انهكتها الصراعات العنصرية و اثار كورونا الذي انتشر كالهشيم بين الاميركيين.