تسطيح المعرفة

أي متتبع لما يجري على كوكب الارض من تسطيح واسع النطاق للفكر والمعرفة ، والابتعاد بشكل متعمد ومدروس عن قوانين العقل والمنطق ،والاعتماد على أدوات تم استخدامها في عملية تشويه الفكر والمعرفة . يرى المتتبع ان مثقفوا آخر الزمان هم الذين يمارسون ابشع الطرق لتسويف الحقائق ، وتسطيح العقول ، وغسل ادمغة الناس من اجل السيطرة عليها. مستخدمين لأساليب مختلفة ، كأسلوب الخطابة ، والمبالغة في عرض الأفكار المتطرفة ، والشعوذة ، واستخدام الدين والمذهب من أجل الهيمنة على عقول البسطاء والفقراء والذين يمثلون الأكثرية في دول شعوب العالم المتخلف، حيث يلعب الدين والمذهب دورا كبيرا جدا في حياة الأكثرية من شعوب هذه الدول.
ومن أخطر الأدوات التي استخدمت من قبل القوى الخفية ( التي تحاول إشاعة التخلف والمرض والفقر والعوز في بلداننا
وذلك من خلال تدمير الصحة والتعليم وخلق حالة من الفوضى السياسية والأمنية ) هي المؤسسات والأحزاب الدينية المتطرفة والمتخلفة والتكفيرية


والتي تتاجر بأسم الدين من أجل تحقيق مكتسبات مادية وسياسية ، مستغلة حالة التخلف القائمة في بلداننا ، بل هي تُمارس دورا خطيرا في إشاعة وتعميق التخلف والأمية بين الناس. وهذا مايحدث اليوم في العراق وبقية الأقطار العربية الاخرى. بحيث أصبحت الأحزاب الاسلامية التي تتحكم بمصير شعوب المنطقة ، لا تمتلك الحد الأدنى من الاخلاق الفكرية، بل هي تُمارس يوميا خروقات خطيرة جدا للأخلاق الفكرية ، من خلال إشاعة الفساد المالي والاداري
والفساد الاخلاقي وممارسة الخديعة والكذب والدجل والتضليل واشاعة الفوضى في كل زاوية من زوايا المجتمع ..
واليوم ، ومع الاسف الشديد ، يصطف جيش من أنصاف المثقفين ، وعلماء دين ، ومحللين سياسيين واستراتيجيين ( وهم ما شاء الله كثر ) ، من أجل غسل عقول الناس وتشويه الحقائق ، يصطفون جميعهم مع هذا التوجه الخطير الذي يسود العالم ، وبلداننا العربية على وجه الخصوص ، لتدمير الاخلاق عموما ، والاخلاق الفكرية خصوصا.
فالخمينية أستندت في منهجها على الكذب والتضليل والخداع والمراوغة والدجل ، من أجل تحقيق اهدافها في اعادة أمجاد دولة فارس ، على حساب الامة العربية وطمس هويتها وتمزيقها الى كيانات ضعيفة ليسهل السيطرة عليها ، وانسجمت هذه الاهداف مع أهداف وأحلام الصهيونية العالمية ، في أضعاف الامة العربية واضعاف الاسلام الحقيقي المعتدل …
ومع الاسف الشديد نرى هؤلاء الذين يدعون الثقافة والعلم والمعرفة ، وكذلك المحللون السياسيون ووسائل الاعلام المأجورة والموالية لهذا المنهج الخطير ، هؤلاء جميعهم خدم لهذا المنهج المشبوه والمعادي للانسانية ، والمعادي للعلم والمنطق والعقل .
هؤلاء يمارسون الرذيلة بكل اشكالها ، المعرفية والفكرية والأخلاقية ، ولا يستطعون العيش الا في الظلام والمياه الآسنة ، وهم مصابين بامراض كثيرة ، كالغباء والحماقة وعدم ادراك الواقع والحقيقة .. وهم يشعرون بالتأكيد في نقص بالكفاءة ومضطربون عقليا، وهذا ما نلاحظه عند الكثير من الإعلاميين ، ورجال الدين المتعصبين وانصاف المثقفين اصحاب العقول المسطحة ..
لقد ابتلت امتنا العربية والعالم اجمع بمثل هذه العقول المسطحة ، التي لاتؤمن أن الارض كروية وغيرمسطحة ، وهذه العقول التي تُمارس التعتيم عن الحقائق وإبداء قشورها فقط ، وتمارس تهميش الأمور وعدم التعمق فيها ، وهذه العقول التي تتسم افكارها بالتسطيحية الشديدة وأفكارها تافه لا قيمة لها ، هذه العقول التي دمرت طموحات اجيال بكاملها وحلت محل العقول المكورة النيرة والذكية والصافية في إدارة دفة البلاد والعباد ، وطمست حقوق الكثير من العلماء والمثقفين الحقيقيين الذين لو اتيحت لهم الفرصة للقيام بدورهم ، لما كان حالنا اليوم هكذا .. نعيش في بؤس وفقر وجوع وحرمان.
إن دور هؤلاء المتخلفون والأغبياء الذين لا يملكون حتى الحد الأدنى من الفكر والثقافة والمعرفة ، هو نفس الدور الذي يلعبه العملاء والخونة ( ومع الفارق ) لان كلاهما يؤديان الى اعاقة التنمية والتطور
وكلاهما يؤديان الى تخريب البلدان وتدميرها وتحطيم مستقبلها …


وجميعنا يتساءل ، هل ان التقدم التكنلوجي هو السبب في ضعف المعرفة لدينا وتسطيح معرفتنا وفكرنا وتشويه اخلاقنا العامة والفكرية منها ..؟ هل ان اجهزة التواصل الاجتماعي المعروفة هي السبب في ذلك .؟ كون الحصول على المعلومات اصبح سهلا جدا من خلال اجهزة الكومبيوترات والتلفونات النقالة ، ولا نستطيع معرفة مدى دقة هذه المعلومات والاهم مصدرها !!!
والجواب على ذلك ، يذكرني بالعمال الذين شنوا حملة كبيرة ضد دخول المكننة في العملية الإنتاجية أبان الثورة الصناعية الاولى ، مما أدت الى تسريح عديد من العمال ، ووقفوا ضد التطور التقني الذي حرمهم من وظائفهم ومن ثم دخولهم ، فكان رد علماء الاقتصاد الاشتراكيون على ذلك ، ان التقنية جاءت من أجل مصلحتكم ، لانها تزيد من إنتاجيتكم وتزيد من دخولكم ، ولكن عليكم ان تحاربوا الاستخدام المنحرف للتكنولوجيا من قبل ارباب العمل …
والشيء نفسه ينطبق للإجابة على سؤالنا
المطروح .. علينا أن نحارب الاستخدام المنحرف للمعرفة والفكر ، علينا ان نحارب ذوي العقول المسطحة المتخلفة التي تقف عائقا امام تقدمنا وتطورنا ، وان نحارب من يقف وراء كل الذي يحدث في عالمنا ، من تشويه وتزييف وتضليل وطمس للحقائق ، ستسعى هذه القوى المعادية للانسانية وبالاخص الامة العربية لمحاربة اي مسعى ومن أية جهة كانت تعمل على تنوير الشعب العربي وبلورة وعيه كي يتمكن من التحرر والانعتاق وكذلك تنوير شعوب العالم ..!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى