منذ بداية الاحتجاجات الداخلية في ايران، لاحظنا تطورات خطيرة في مواقف دول وشعوب العالم تجاه إيران، فالاثر كان ولا يزال واضحا، حيث قامت العديد من الدول بفرض عقوبات اقتصادية على كيانات واشخاص في ايران، ونددت الكثير من حكومات ومؤسسات العالم بتعامل النظام الايراني القمعي مع الاحتجاجات الشعبية، وذلك باتزامن مع تعليق المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي كعقوبة اخرى لطهران.
ومما زاد الطين بلة، تورط إيران في حرب أوكرانيا عبر تزويد روسيا طائرات دون طيار في الحرب على اوكرانيا، ما جعل الغضب العالمي من ايران اكثر جدية وصرامة، ويمكن ملاحظة ذلك بسهولة عبر عدة مؤشرات :
اولا: تغيرت نبرة المسؤولين الأمريكيين بشكل كبير تجاه الاتفاقية النووية، وتحدثت وزارة الخارجية الأمريكية بصراحة عن تغيير أولوية بلادها فيما يتعلق بإيران، واكد المتحدث باسم الوزارة ان التوصل إلى اتفاق غير ممكن، وفي الوقت الحالي لا ينصب تركيز أمريكا على إعادة إحياء الاتفاق النووي ،وتركيزنا على “دعم الاحتجاجات” في إيران.
ثانيا: دخول ايران المباشر او غير المباشر في الحرب الاوكرانية الى جانب روسيا جعلها في موقف عدائي مع اكبر واقوى تحالف عسكري في العالم وهو الناتو، ويعتبر إدراج بيع طائرات بدون طيار واستخدامها من قبل أطراف النزاع بموجب القرار 2231 تطورا مقلقا للغاية ضد إيران على الساحة الدولية قد يقود الى تفعيل آلية الزناد ضدها.
ثالثا: الفضاء الدولي يتحول بسرعة لدعم الاحتجاجات الشعبية ومطالب المحتجين في ايران، وقد ظهر ذلك بشكل مؤثر وسريع في المراكز المزدحمة بالعواصم والمدن الأوروبية، ما سيثير بالتأكيد الأجواء الدولية والرأي العام في العالم ضد إيران.
رابعا: ان عهد إغلاق حدود البلاد وتجاهل الرأي العام قد انتهى، وللمؤسسات والمنظمات الاعلامية والدولية سلطة عابرة للحدود، وتقاريرهم هي أساس القرارات الدولية في بعض الحالات، والأهم من ذلك، أن الانطباع السيء لصورة الدول يمهد الطريق أمام الدول لاتخاذ قرارات صعبة يكون لها عواقب وخيمة على البلاد.
هذه التطورات الحتمية ناجمة عن نهج غير صحيح في السياسة الخارجية والداخلية للنظام الايراني. فعدم مراعاة الأولويات بما يتماشى مع المصالح الوطنية في العلاقات الخارجية، وجعل الدولة تعتمد على الشرق (روسيا والصين)، وتنحية الدبلوماسية جانبا في حل النزاعات والاعتماد على القوة الصلبة والمشاركة العسكرية في السياسة هي من اكبر اخطاء النظام الايراني، والتي ادت في النتيجة الى محاصرة البلاد.
كذلك ثمة العديد من الأزمات مع دول الجوار ودول العالم، وستكون النتيجة الحتمية لمثل هذه العملية يأس الدول القوية والمؤثرة في العالم من “إمكانية التفاعل مع إيران” واتخاذ قرار مشترك بشأن كيفية التعامل معها، هذا ربما سيقود الى احتمالية اتخاذ “قرار دولي” مهم للغاية ضد إيران في قادم الأيام.