ثنائية السلاح والفساد في العراق

يكاد يكون العراق واحدا من أبرز الدول التي تعاني من تحديات تغول السلاح في المجتمع واستشراء الفساد في مفاصله، الأمر الذي أبقى العراق في هذا المأزق من دون أمل بتجاوز مخاطر هذه التحديات رغم الوعود الحكومية بإيجاد الحلول اللازمة لها.
وتحديات السلاح والفساد وإصلاح القضاء والمحاصصة الطائفية لم تستطع الحكومات التي أعقبت الاحتلال التصدي لها فهي ترحل من حكومة إلى أخرى.
والحكومات الست التي أعقبت غزو العراق واحتلاله تناوب على رئاستها إياد علاوي وإبراهيم الجعفري ونوري المالكي لدورتين وحيدر العبادي وأخيرا عادل عبدالمهدي جميعها أخفقت وفشلت بالتصدي لهذه المعضلات التي دفع أثمانها المواطن العراقي وحده.
وما يعزز هذا الانطباع أنه قبل تشكيل أي من هذه الحكومات فإن المكلف بتشكيلها يؤكد أن حكومته ستحارب الفساد وتضع حدا لتغوله وعبور خندق المحاصصة الطائفية، في حين أن هذه الآفات بقيت معششة في “الكابينات” الوزارية، وعطلت أي مسعى حقيقي لعبور الحاجز الطائفي إلى الفضاء الوطني، الأمر الذي أبقى العراق أسير محددات نظام المحاصصة الطائفي الذي كان سمة مرحلة ما بعد الاحتلال وهي خطيرة ومعقدة وتحتاج إلى جهد وإجراءات استثنائية لمعالجتها وتقليل آثارها في شتى الميادين.
ورئيس الوزراء عادل عبدالمهدي هو الآخر لا يختلف من سابقيه في إطلاق الوعود بالتغيير والإصلاح ومحاربة الفساد وحصر السلاح بيد الدولة وتطبيق العدالة وسيادة القانون.
ومهما حاول عبد المهدي إيهام الجمهور بقدرته على التصدي للسلاح المنفلت والفساد والاستغلال والظلم والمحاصصة فانه سيصطدم بجدرانها التي أغلقت الأبواب بوجه من يسعى لولوجها الأمر الذي يستدعي جلب المسؤولين عن هذه الإخفاقات إلى القضاء والكشف عن أدوارهم فيما آلت إليه أوضاع العراق، لا سيما هدر وسرقة مليارات الدولارات وفشلهم في الحفاظ على أمن العراقيين واستقرارهم، وأي مجاملة أو محاباة في تنفيذ إجراءات ملاحقة المسؤولين عن تركة الماضي الخطيرة ستلحق وتضيف أضرارا كبيرة بالعراقيين وتغلق الطريق المؤدي إلى معرفة حقيقة ما جرى ويجري في العراق.
والسؤال: ثقل التركات التي ترحل من حكومة إلى أخرى هل بمقدور رئيس الحكومة السادسة المضي في طريق الإصلاح وعبور الحاجز الطائفي واستهداف بؤر الفساد وحيتانه وتغول المليشيات المسلحة في الحياة السياسية بظل الانقسام المجتمعي ونزع الأنياب السامة من القوانين الاجتثاثية وهي أزمات باتت مستعصية على الحل منذ خمسة عشر عاما؟
وعلى الرغم من ارتفاع منسوب تصريحات عادل عبدالمهدي حول عبور الحاجز الطائفي ومحاربة الفساد والتصدي لحيتانه المستحكمة في بنية النظام، ووضع حد لانتشار السلاح غير أن المشككين بصدقية نهجه الجديد يتوقعون فشله في هذه المهمة كما فشل سابقوه لانه اسير قوى وأحزاب تمتلك سلطة القرار وترفض وتفشل أي محاولة تهدد مصالحها.
وما يعزز من سلطة وقرار اللاعبين الكبار في المشهد السياسي امتدادهم الخارجي والاستقواء باشتراطاته في مواجهة أية محاولة للنيل منهم الامر الذي أبقى عبدالمهدي أسيرا لهذه الاشتراطات.
ومايعزز ماذهبنا اليه تمرد ورفض الكثير من اذرع المليسشيات المسلحة الامتثال لاوامره بغلق مقراتها وحصر سلاحها بيد الدولة بعد دمجها بالقوات المسلحة وهو الامر الذي سينتهي مفعوله من دون أمل بالاستجابة اليه.
وما يعقد مهمة عبد المهدي ويضيف اليها أعباء جديدة هو مخاطر الصراع الأمريكي الإيراني وانعكاسه على الساحة العراقية من خلال تهديد المليشيات المسلحة بالوقوف الى جانب ايران في استهداف امريكي مرتقب الامر الذي سيضع حكومة عبد المهدي في خانق لايمكن الفكاك منه بتأكيدات النأي بالنفس في تطورات الصراع بين واشنطن وطهران

مقالات ذات صلة

احمد صبري

a_ahmed213@yahoo.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى