ولد تشاوشيسكو عام 1918م في إحدى القرى الريفية في شمال رومانيا، وكان والده يمتلك قطعة أرض زراعية صغيرة، لم يستطع (تشاوشيسكو) إكمال دراسته سوى الابتدائي في مدرسة قريته ثم سافر إلى (بوخارست) وإشتغل عامل لدى صانع أحذية يدعى (اليكساندرو ساندولسكي) كان عضو في الحزب الشيوعي، و إنضم (تشاوشيسكو) إلى الحزب الشيوعي الروماني حركة شباب روما الشيوعية عام 1934م ومارس نشاط سياسي لصالح الحزب و ألقي القبض عليه عام 1936م وصدر بحقه حكما بالسجن لمدة سنتين وستة أشهر، ثم فرض الإقامة الجبرية عليه لمدة سنتين أخرى لإهانته القضاء أثناء إجراء محاكمته وأتهامه بترويج المبادئ الشيوعية المعادية للنازية والفاشية، وبعد إطلاق سراحه إعتقل مجدداً بتهمة التآمر ضد النظام الاجتماعي وتنقل في عدة سجون آخرها سجن (تارجوجو) وتعرف فيه على الشيوعي القيادي (جورجي جو جيوديج) وعملآ سوية على عقد إجتماعات حزبية و مناقشة شوؤن الحزب بين أعضائه السجناء، وكان (تشاوشيسكو) يتميز بالنشاط والحركة، وفي آثناء الحرب العالمية الثانية عام 1944م هربا من السجن عند دخول القوات الروسية إلى رومانيا وعين (جورجي جو) امينآ عام للحزب الشيوعي الروماني وشكلت حكومة جديدة ذات أغلبية شيوعية صار فيها (تشاوشيسكو) وزيرا للزراعة ثم نائبآ لوزير الدفاع ومنح رتبة فريق في الجيش ثم تدرج في القيادات والمناصب الحزبية حتى أصبح الرجل الثاني بعد (جورجي جو) و لم يتجاوز عمره (36) سنة، وبعد وفاة رئيس الحزب أصبح (تشاوشيسكو) الامين العام للحزب الشيوعي عام 1950م ورئيس الجمهورية الاشتراكية الرومانية. وإتسمت سنوات حكمه الأولى بالانفتاح على دول أوربا الشرقية والولايات المتحدة الأمريكية وعمل على توفير سبل راحة الشعب والإهتمام به وتوزيع المساكن للعوائل وحقق إنجازات في مجال التنمية الاجتماعية والثقافية والعلمية وحصل الشعب الروماني على إنتعاش في السياسة التي إتبعتها الدولة التي كانت تدار من قبل المؤسسات وشريحة التكنوقراط وتخطيط إقتصادي ناجح ومرحلة تحرر نسبي عن إرتباطه بالحزب الشيوعي السوفيتي والاستغناء عن مناهجه، إلا أن سياسته لم تستمر عندما زار جمهورية الصين الشعبية و كوريا الشمالية وفيتنام عام 1971م إذ تأثر بشخصية وأفكار (ماوتسي تونخ، وكيم أيل سونغ، وهوشي منه)، وعند عودته إلى بلده بدأ بتغير منهجه الفكري والسياسي وأعلن عن بداية ثورة شعبية وأصبحت كل نشاطات الدولة ومؤسساتها تحت سيطرة وإدارة الحزب الشيوعي وأعضائه، وإعلانه العمل بسياسة التقشف والابتعاد عن دعم المواد الغذائية كالزيت والخبز والسكر ومواد أخرى والتي كانت توزع على الشعب حيث إتسمت السياسة الاقتصادية بالعشوائية وإدخال البلاد في حالة الفقر والجوع الشديد والاحتياج للمواد الغذائية صاحب ذالك إنقطاع التيار الكهربائي بصورة متكررة مما إنعكس على مصالح المواطنين، إضافة إلى قرارات إقتصادية كارثية في رفع أسعار المواد الغذائية وتحديد كميتها للمواطن فزادت من معانات الشعب، حتى بلغ الأمر بالشعب توجيه أنتقادات للحزب الشيوعي وسياسته الاقتصادية، وفي عام ((( 1988م بدأت الاحتجاجات والإنفجار الشعبي ليتحول إلى مظاهرات كبيرة واجهها البوليس بالغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه واساليب أخرى)))، مما دفع (تشاوشيسكو) إلى إلقاء خطاب يتهم المتظاهرين والمحتجين بأنهم قوى متآمرة مع قوى خارجية ضد أمن وسلامة البلد…… إلا أن خطابه لم يعمل على تهدأت جموع المعارضين لسياسته.
وفي عام 1989م ديسمبر تكررت المظاهرات وكانت أشد من ذي قبل أذ إجتاحت أكثر من مدينة، وفي مدينة (تيمشوارا) غرب رومانيا إستمرت عدة ايام، فأصدر (تشاوشيسكو) أمرا للقوات المسلحة بإطلاق النار على المتظاهرين فسقط (100) مآئة قتيل وأكثر من هذا العدد معتقلين، كما خرجت مظاهرات كثيرة أخرى طالبت بألإصلاح السياسي والاقتصادي والحرية وتحسين أحوال الشعب، إلا أنها جوبهت بإطلاق الرصاص الحي وإعتقال الشرطة العسكرية أكثر من ( 1000) ألف متظاهر في الوقت الذي كان (تشاوشيسكو) لا يحس بأحوال الشعب المتردية وإنشغال إعلامه بتمجيده بألقاب وصفات كالقائد العبقري والقائد العظيم ودانوب الفكر وغيرها من الألقاب حتى أصيب بداء العظمة وسلطات كرئيس للدولة وأمين عام الحزب الشيوعي فحكم البلاد بقبضة من حديد، ومع ذلك إستمرت المظاهرات الشعبية بالرغم من إجراءات السلطة القمعية ((( ورفعت شعار إسقاط السلطة حتى وصولها إلى مقر اللجنة المركزية للحزب الشيوعي وإستطاع المتظاهرون محاصرة المبنى وإحتلاله))) وهروب من فيه، رغم عدد القتلى في صفوف الثوار الذي تجاوز (((162))) مآئة وإثنان وستون قتيل (((واستمرت المظاهرات بحماس عالي وإندفاع كبير نحو قصر (شاوشيسكو) الرئاسي ومحاصرته بالرغم من إرتفاع عدد القتلى إلى (1104) الف ومائة وأربعة قتيل ولم تثني المتظاهرين إندفاعهم بالرغم من قسوة الأجهزة الأمنية التي دافعت عن (شاوشيسكو) ومحاصرته وأصواتهم تهدر بسقوطه ونظامه))) مما أصابه الرعب والخوف من الجماهير الثائرة فإضطر الهرب وزوجته عن طريق ممرات سرية بمساعدة وزير دفاعه (فيكتور ستانكو لسكو) بواسطة طائرة هليكوبتر وهبوطها في أرض زراعية خارج العاصمة، حاول (شاوشيسكو) الهروب بسيارة مسروقة إلا ان الفلاحين إستطاعوا القبض عليه وتسليمه لسلطة الثوار وصدر الحكم عليه وزوجته بالإعدام رميآ بالرصاص.
أسباب وعوامل نجاح ثورة الشعب الروماني :_
1_ تخلي نظام تشاوشيسكو والحزب الشيوعي الروماني عن إعتماد سياسة إقتصادية وتخطيط يعتمد التكنوقراط والكفاءات العلمية والإدارية، و الإعتماد على كوادر وأعضاء الحزب الشيوعي، مما سبب سياسية إقتصادية عشوائية أضرت بالمواطنين ومعيشتهم في الحياة.
2_ إجراءات التاميم للمصالح العامة والخاصة، وفرض سياسة التقشف على السىلع والمواد الغذائية الاساسية ورفع أسعارها وتحديد كميتها أثرت بشكل كبير على حياة المواطن.
3_ الاحتجاجات والمظاهرات الشعبية المستمرة جراء سياسة السلطة لاقتصادية وكبح الحريات والمطالبة بتحسين ظروف البلد وإستئثار رئيس الدولة والحزب الشيوعي بصلاحيات واسعة إتسمت بالدكتاتورية.
4_ الانفجار الشعبي وتحول المظاهرات إلى ثورة شعبية كبيرة طالبت بإسقاط النظام وقد جوبهت بإجراءات قمعية بوليسية وإطلاق الرصاص الحي سقط على أثرها أكثر من ( 1266) ألف ومائتين وستة و ستين ثائر (قتيل) وأكثر من هذا العدد من السجناء والمعتقلين.
5_ تصميم الشعب على إسقاط النظام وتوجه الثوار إلى البرلمان وتطويقه وإحتىلاله، ثم الاندفاع بحماس عالي نحو القصر الرئاسي لشاوشيسكو وهتافات أرعبته على إنهاء سلطته والحزب الشيوعي حتى اضطر الهرب وزوجته خارج العاصمة وتمكن الفلاحون من القبض عليه وعلى زوجته وحكما عليهما الإعدام بالرصاص للجرائم التي إرتكبها بحق الشعب الروماني.