في مؤشر إلى احتمالية عودة الاحتجاجات الشعبية واتساع دائرتها الجغرافية بسبب تأزم الأوضاع المعيشية والاحتقان السياسي في إيران، وعلى أثر تحذيرات عدد من المسؤلين الإيرانيين السابقين ؛وفي مقدمتهم الرئيس نجاد ومحمد خاتمي ، هدد قائد قاعدة الامام علي العميد “غلام حسين غيب برور ” تيار الفتنه استغلال الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تمخضت عن كورنا ومشكلة المياه لزعزعة الاستقرار السياسي والأمني في إيران متوعداً برد ساحق ، حيث تعتبر قاعدة الامام علي أهم وحدة أمنية في الحرس الثوري الإيراني وتتبع لقواته البرية إدارياً ، وتم تكليفها بمهمة مواجهة الاحتجاجات الكبيرة في إيران بعد فشل قوات الأمن كالانتفاضة الخضراء 2009 ، واحتجاجات 2018، والتي تتألف من وحدات راكبي الدراجات النارية ، حيث تتكون الوحدة من 50 عنصرا؛ وتمتاز بسرعتها وفعاليتها وقدرتها على الحركة أكثر من سيارات الشرطة ، وقد تم الكشف في العام 2017 عن تعزيز قوتها وقدراتها لتصل إلى 35 ألف عنصر، وتزويدها بأسلحة فتاكة لمواجهة حرب الشوارع وحركات العصيان والاحتجاج .
هذه التصريحات تتزامن مع احتجاجات واسعة النطاق اندلعت جنوب إيران خاصة في الأحواز وأصفهان ومحافظة جهار محال وبختيارى بسبب ندرة مياه الشرب وتلوثها ، إلى جانب الاعتراض ضد مشاريع مائية تنفذها الحكومة الإيرانية ، حيث وثقت شبكات التواصل الاجتماعي جانباً من هذه الاحتجاجات ، والتي من خلالها أطلق المحتجون شعار ”نموت، ولا نقبل المذلة“، والموت لخامنئي ، والعار لرئيسي وحكومته بسبب سياساتها القمعية في مواجهة المحتجين التي وصلت إلى اطلاق الذخيرة الحية وفقئ عيون المتظاهرات ، تبعها عمليات اعتقال واسعة النطاق .
المحتمل أن تهديدات ” قائد قاعدة الامام علي ” يعكس تخوف النظام وتحسبه من اندلاع احتجاجات شعبية واسعة في إيران بصورة أكثر حدة مما شهدته سابقا ،بسبب تزايد مسببات ومعطيات هذه الاحتجاجات نظراً للظروف الداخلية والخارجية المعقدة التي باتت تعيشها إيران .
من هنا فإن من المرجح أن تتصاعد المظاهر الاحتجاجية في إيران خلال المرحلة المقبلة نظرا لاستمرار تردي الأوضاع الداخلية ، وعجز الحكومة عن معالجتها إلا أنها قد تتحول إلى انتفاضة أو ثورة عامة في الفترة الحالية نظراً لوجود ظروف موضوعية ، هذا عدا عن الممارسات القمعية للأجهزة الأمنية والعسكرية المعنية بالتعامل مع هذه التطورات .
من المؤكد أن مشكلة شح المياه تتفاقم يوميا في عموم إيران ، وهي من أخطر التحديات التي باتت تواجه النظام هناك ، حيث تتحدث تقارير المركز الوطني لإدارة الجفاف على أن الدولة استنفذت 85% من المياه الجوفية ما أدى إلى هبوط متتالي لمستوى سهل طهران 18 سم سنوياً، وبات معه شح المياه يُهدد أكثر من 70% من سكان إيران ،حيث ستواجه 97% من مساحة البلاد درجات متفاوتة من الجفاف ، واستهلاك الزراعة من المياه مرشح للانخفاض بنسبة 28% هذا العام .
من غير المحتمل أن تنجح إيران في حل الأزمة بسبب التدهور البيئي جراء التغيير المناخي ، وندرة موارد المياه ، وعدم فعالية تخزين مياه السدود التي قام الحرس الثوري بانشائها ، وأن تشكل هذه القضية بؤرة ربما لقيام ثورة عارمة في عموم المحافظات الإيرانية ؛ لاسيما الجنوبية والغربية التي قد تمتد لتأخذ بعداً أوسع على وقع المشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لتي تعيشها إيران حالياَ.

1٬373