عيّن المرشد الإيراني “آية الله خامنئي” العميد “حسين سلامي” في القيادة العامة للحرس الثوري بعد رفع رتبته إلى لواء، وقد حل محل اللواء “محمد علي جعفري” قائد الحرس الثوري. بعد أن أمضى جعفري 12 عاماً قائداً عاماً للحرس الثوري .
لكن هناك نقطة أخرى لا ينبغي نسيانها وهي أنه لم يتم الاستغناء عن خدمات اللواء جعفري، فقد أصبح رئيس مؤسسة ” بقية الله “والمسئولة عن الحرب الناعمة ، بمعنى تم تنصيبه مسئولاً عن حرب الانترنت والجريمة الإلكترونية ، وربما يكون أكثر نجاحاً في هذا لأنه ضابط تنفيذي، وليس مصممًا أو مفكراً بل كان منفذاً ، والآن هناك ميل عام إلى تعيين ضابط يمكنه تشكيل العقيدة الدفاعية الجديدة لإيران وفق أسس جديدة ، حيث يعتبر ” الجنرال سلامي”، الذي خلف القائد الأعلى للحرس الثوري أحد المصممين والخبراء الاستراتيجيين لخطط الحرس الثوري العسكرية في الخارج.. و مؤسس جامعة الحرب العليا بجامعة الإمام الحسين ، وهذا أعطاه هنا ميزة خاصة، وخلال هذا الوقت، فإن معظم أولئك الذين ظلوا مسئولين عن تلك الجامعة لفترة طويلة، ومعظم الذين تخرجوا من تلك الجامعة يعرفونه بشكل خاص ، و نتيجة لذلك، امتلك علاقات شبكة كبيرة مع ضباط الحرس ، وزادته معرفة بهم .
، أما النقطة المهمة أن هذا التغيير يرتبط بشكل أساسي بتحدي الخلافة بعد المرشد آية الله “خامنئي”، وهذا يتطلب أيضًا مزيدًا من التماسك داخل الحرس الثوري، وقائد أقرب إلى مؤسسة القيادة أكثر من ذي قبل ، ومنسجم بشكل أكبر مع المرشد الجديد الذي تم التوافق حوله كما تشير إلى ذلك التسريبات الواردة من طهران .
المهمة المهمة فهو الجانب الخاص بشخصية الجنرال “سلامي” كخبير استراتيجي لخطط الحرس الثوري الإيراني خارج إيران، وهذا يعني المزيد من الدعم للعمليات والخطط الخاصة للحرس الثوري خارج إيران ، خاصة من خلال مداخل الأزمات الإقليمية ، حيث ينتمي “سلامي” إلى تلك المنظومة التي تعتقد أنه يتعين علينا أن يتعامل بحزم و براديكالية أكبر مع الأعداء في الداخل والخارج ، مع الترويج لفكرة الانتقال إلى الخطة ” ب” وعنوانه تصعيد وتيرة حروب الوكالة والعمليات في الخارج لإشغال الخصوم ، ودعم موقف إيران التفاوضي ، بعد أن طرح سابقاً شعار ” إبعاد الحروب عن الحدود الإيرانية ” وإشعالها في الخارج .
تنصيب ” الجنرال سلامي ” والتغيير الجيلي في قيادة الحرس الثوري الإيراني :
يمكن القول أن أولئك الذين ينتمون إلى الحرس الثوري نصفهم باتوا بسن التقاعد ، أي أنهم لم يعودوا يعملون حقًا، لذلك، هناك جيل جديد من الجنرالات بات متاحاً للمرشد “خامنئي “لترفيعهم تمهيداً لتسليمهم المواقع القيادية العليا ، وفي رأيي ، بالنظر إلى كبر سن قادة إيران على المستوين السياسي و العسكري، ومن هنا بات التغيير الجيلي ضروري تعزز احكام المرشد قبضته على الحرس ،و تسهل الانتقال السلس لمنصب الارشاد .
يعتبر “حسين سلامي أحد شخصيات الحرس الثوري التي سيوكل لها القيام باقتراح سلسلة من المهام ، ويتم توجيه “قاسم سليماني” من أجل تنفيذها، والذي كان له دور مهم أيضاً في تزكية اسمه للمرشد ،لاحداث المزيد من الانسجام في العمل ، خاصة أن “خامنئي”، بات أكثر ثقة بضرورة إجراء تغييرات على هذه المؤسسة. ، ومع وصول “سلامي” إلى أعلى مستوى عسكري في إيران، أصبح لدينا ثلاثة عشر جنرالً الآن، حيث هناك خمسة منهم من الجيش، والبقية من الحرس الثوري.
مهمة ” الجنرال سلامي” أولاً اعادة هيكلة الحرس الثوري الإيراني “
نستطيع القول أنه لا يوجد شيء واحد باسم الحرس الثوري الإيراني ، بل يوجد مجموعة في هيكل الحرس الثوري يعني يتم تقسيم الـ 180 ألف جندي أو العسكري الذي يعتبرون جزء من الحرس الثوري على مناطق واختصاصات مختلفة، يوجد 5 قادة مختلفين لفيالق الحرس الثوري ، ولا يحق لهؤلاء القادة الاتصال المباشر ببعضهم البعض للتنسيق ،بمعنى يجب أن يتصلوا ببعضهم البعض عن طريق بيت القيادة فقط ، ويوجد إلى جانبهم مجموعات أخرى مسلحة ، على سبيل المثال كتيبة كربلاء ومحمد رسول الله وقوات القدس “قاسم سليماني” التابعة للحرس الثوري وقوات الباسيج ، و هناك فرع من خمس فروع التي تسميها قوات “بسيج المقاومة وكل هذه القوات لم تكن تحت سيطرة “جعفري” وقيادته ، ولن تكون تحت سيطرة الجنرال “سلامي”، و لأسباب الخشية من الانقلاب والثورة يتم تشكيل جماعات مختلفة تتعلق بالحرس الثوري، حيث تفتقر تلك القوات إلى القيادة الموحدة ، وتلك الروح الجماعية التي لدى جميع الجيوش ، لأن الحرس الثوري الإيراني هو مجموعة فيالق ثورية ، هدفها الحفاظ على الثورة ، وهو أعلى امتيازات مع الجيش وغير منسجم معه ، ولايمتلك نفس الجذور الطبقية الواحدة، ولا يشتركون معه في نفس الامتيازات ،ولم يتم منحهم الفرصة بسبب الشك الذي كان ينتاب “الخميني” سابقاً ، وبعده “خامنئي” تجاه العسكريون، ولم يُسمح لهم بالتكيف معًا ولا خلق ثقافة مشتركة بينهم، و عندما تقرأ خطابات القادة تدرك مدى الفرق والفجوة الموجودة فيما بينهم.
إستراتيجية “خامنئي ” : المزيد من تفكيك الاتصال بين فيالق الحرس الثوري والجيش ، وجعل الاتصال بين قياداته كالجزر المعزولة .
ينبغي التذكير أولاً أن هناك عمليات انتقال جماعي لبعض ضباط الحرس الثوري طوعاً إلى الجيش، حيث تم نقل ثلاثة عشر من ضباطهم البارزين إلى الجيش، وهذا يعني أن هناك بعض التطورات التي قد تنشأ للحد من أثر العقوبات ، وهي تأتي انسجاماً مع الخطة التي قدمها “تيمسار باقري” لتنظيم العام للقوات الإيرانية ، ليعكس ذلك ما يتعرض له النظام من ضغوط شديدة .
لا شك أن هناك العديد من الخطط المختلفة التي تم طرحها خلال سنوات عديدة ، والتي عززت من فكرة شيء اسمه الحرس الثوري كوحدة واحدة؛ فهو مزيج من المؤسسات المختلفة، حيث تم تفكيك هذه المؤسسات على سبيل المثال من ناحية تقسيمها العسكري الداخلي ، وعزل الجيش تماماً عنه ، على عكس الاهتمام الذي يولى الآن للجيش الإيراني ، والذي برز من خلال توجيه “خامنئي” نفسه يتحديد يوم كيوم للجيش.
” الجنرال سلامي ” ومهمة نقل الكيانات الاقتصادية من الحرس الثوري إلى المؤسسات هروباً من العقوبات الأميركية :
السؤال المهم والمحوري هو كيف سيسهم إدراج الحرس الثوري الإيراني على لائحة الإرهاب في عزل القطاعات الاقتصادية عن الحرس الثوري ونقله إلى مؤسسات أخرى موجودة ؟ فعلياً هذا الإجراء سيوكل إلى ” الجنرال سلامي ” لمواجهة مسألة العقوبات الاقتصادية الأمريكية ، في حال تم نقل هذه الكيانات الاقتصادية من الحرس الثوري إلى مؤسسات الدولة المختلفة التي تقبع تحت سيطرة السيد “خامنئي” وأصدقائه؛ وفي هذا الصدد قد يكون هذا الإجراء غير ذي فائدة على الإطلاق ، حيث تدرك إيران بأنها باتت تواجه الآن مخاطر جدية، ولا يمكنها مواجهة هذه التحديات في ظل الشعارات والإجراءات عديمة الفائدة .
” الجنرال سلامي ” وإعادة الاعتبار للحرس الثوري بعد فشله الذريع في حراسة الحدود الإيرانية الخارجية
نقطة أخرى أردنا أن نوضحها هنا أن أحد الأسباب التي أسهمت في الإطاحة بقائد الحرس الثوري وتعيين سلامي ، هي أن أداء الحرس الثوري على الأقل في الأيام الأخيرة، تحت قيادة الجنرال “جعفري” لم يكن أداءً جيدًا؛ وقبل عدة أشهر اضطر الحرس الثوري إلى أن ينقل حراسة حدود إيران مع أفغانستان وباكستان إلى الجيش؛بعد الفشل في رصد عمليات التسلل ، التي قامت خلالها بعض التنظيمات المعارضة باستهداف
الأمن الإيراني من خلال تنفيذ عمليات مسلحة في العمق الإيراني ، والاستمرار في اختطاف الجنود الإيرانيين ، ثم أعلن الحرس الثوري رسميًا أنه لن يستطيع أن نحرس حدودنا مع باكستان لوحدنا ، و قال قائد الحرس آنذاك “الجنرال جعفري” أننا نحتاج إلى 4000 جندي إضافي، وكان رد فعل “روحاني” على إثرها بأنه ليس لدينا الميزانية اللازمة لهذا، وهذا الموضوع ظل معلقًا، ولتلافي أية عمليات مستقبلاً فقد هدد “جعفري” بأنه لو لم يفعل الباكستانيون شيئًا في منع عمليات تسلل الخلايا ، ، ومنع اختطاف حرس الحدود الإيراني ، فسنذهب نحن بأنفسنا ونحرر جنود حرس الحدود المختطفين وهكذا، أي أنها كانت مجرد شعارات فقط أحرجتهم داخلياً وخارجياً ؛ وهزت صورة الحرس الثوري وقياداته مما عجل الاطاحة بالجنرال ” جعفري” .
السيول والفيضانات أفقدت الحرس الثوري جزءاً كبيراً من شعبيته ، وأسهمت في عملية الإطاحة بالجنرال جعفري :
لقد رأينا أنه خلال الأسابيع القليلة الماضية مع حدوث السيول والفيضانات تضاءل دور الحكومة الظاهري، أي رئيس الجمهورية والوزراء وأصبح دور القوات المرتبطة “بخامنئي” في الصدارة وهو ما يمثله مثال ظهور “قاسم سليماني”، حيث لم يظهر كفاءته أثناء السيول، إلى جانب فشل حكومة “روحاني”، التي أنشأت ما يسمى بمنظمة إدارة الأزمات،والتي فشلت حتى في عقد أي اجتماع .
الحشد الشعبي ومليشيا حزب الله واحراج الحرس الثوري أمام الإيرانيين
لا شك بأن جلب مليشيا الحشد الشعبي وحزب الله ومليشيا فاطميون وزينبون أثارت الكثير من اللغط والشكوك صاحبه حملة انتقادات واسعة ، والتساؤل حول الضرورة التي جعلت الحرس الثوري يستدعي قوات الحشد الشعبي على وجه التحديد إلى تلك المنطقة التي يقطنها العرب؟ ، وفي هذا الصدد يقول محافظ الأحواز نحن بحاجة إلى مساعدة عاجلة ، وقد قالت هذه المجموعة يمكننا مساعدتكم ، وتم التساؤل ما هي فائدة الجيش والحرس الثوري الإيراني ؟ ومن هنا فإن استدعاء هذه القوات من جانب الحرس الثوري بدلاً من أن يكون الهدف هو الدعاية للحرس فقد تحولت إلى دعاية واسعة ضده. هذا الاستعراض من جانب الحرس الثوري أراد أن يوصل رسالة إلى الشعب الإيراني ” لو لم تدافعوا عن النظام، فلدينا أفراد من الخارج يدافعون عن النظام، هذا بالاضافة إلى جلب إلى سكان الاقليم العربي الأحوازي ، وقد وصف القائد البحري للحرس الثوري منتقدي وجود القوات شبه العسكرية، الحشد الشعبي العراقي في مناطق الفيضان بالجهلة والمرتبطين بالأجانب. قال “علي رضا تنكسري”: تم إرسال ثماني عوامات من قبل الحشد الشعبي لمساعدة ضحايا الفيضانات، وووفقًا لقائد البحرية في الحرس الثوري، فإن قادة مجموعة الحشد الشعبي لعبوا دورًا مهمًا خلال الحرب الإيرانية العراقية التي استمرت ثماني سنوات إلى جانب إيران، واليوم لديهم دور مهم في مساعدة ضحايا الفيضان.
“الجنرال سلامي” وتعزيز الدور الإيراني : التدخلات الإقليمية وتفجير المنطقة
لعب “حسين سلامي ، دورًا في التعبير عن الشعارات والتهديدات المتطرفة للغاية، لا سيما فيما يتعلق بالسياسات الإقليمية والدولية .
يأتي التعيين في وقت يجري فيه نقاشاً حاداً للغاية حول الحرس الثوري مع قرار إدراج هذه المجموعة أو المؤسسة العسكرية بطبيعة الحال في قائمة المنظمات الإرهابية الأمريكية رسمياً. لكن هل هناك ترابط مع هذا التعيين وما يجري خارجياً ؟ لا يمكن أن يكون تعيين ” الجنرال سلامي ” غير ذي صلة، لأن التوترات بين إيران والدول المجاورة وبالنظر إلى السياسات التي تميل الحكومة الأمريكية إلى تبنيها ، وتعميق الشعور بأنه قد يحدث مواجهة عسكرية ، لكن هناك عوامل أخرى، كما نعلم أن “جعفري” كان مصمماً لإستراتيجية وعقيدة إيران لكن هذه العقيدة كانت محل سؤال من قبل ” العميد حسين باقري” رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإيراني خلال العامين الماضيين لأن الظروف قد تغيرت ، وعلى ما يبدو، “سلامي” هو أحد المثقفين والملمين بالاستراتيجيات الجديدة من ناحية أخرى.
هناك أيضاً نقطة حول أسباب تعيين “سلامي” تمثلت في البيان المربك الذي أعلنه الحرس الثوري كرد على إدراجه على لائحة الإرهاب ، حيث لم يبرز فيها نبرة التهديد أو الوعيد لمواجهة الولايات المتحدة الأميركية، مما خلق حالة من الاستياء العام لسياسة اللواء جعفري وسرع في عملية تغييره .
لكن هل سنرى أداءً آخر فيما يتعلق بزيادة وتعزيز النفوذ الإقليمي، على سبيل المثال، في سوريا والعراق ، من قبل الحرس الثوري عند مجيء الجنرال “حسين سلامي”؟ من المؤكد أن إيران سوف تواصل نفس السياسات وستقوم بتسريع وتيرتها ، ، وأعتقد أن هناك لعبة تجري في ايران ، سيضطلع بها بنفس الشخصيات الذين استبعدهم “خامنئي”على سبيل المثال، أعتقد أن نقل السيد جعفري معه، على سبيل المثال ، سوف يبعث برسالة أكثر جدية إلى جيرانه وإلى بلدان المنطقة والولايات المتحدة والباقي، بأننا جادون للغاية فيما يتعلق بمقاومتنا،و فيما يتعلق بتوظيف القدرات التي نمتلكها ونستمر فيها، و المضي قدماً في متابعة تلك السياسات الدموية والإرهابية التي كانت موجودة بالفعل.
المؤكد أن القائد الجديد للحرس الثوري قد شخص خصوصياته لثلاثة تحديات باتت تواجه إيران ومؤسسات السلطة، أحد تلك التحديات هو توظيف “دبلوماسية حافة الهاوية “للمواجهة مع أمريكا، بمعنى أنه وبعد تصنيف الحرس الثوري ووضعه على لائحة الإرهاب ما يعني أن طهران قد خلصت إلى أن زيادة احتمالية المواجهة العسكرية على المستوى المحلي أو الإقليمي. لذلك يجب اختيار قيادة تتناسب مع تلك المرحلة
يعتبر ” سلامي ” من الشخصيات القريبة من بيت المرشد ، ويُعرف عنه أنه يحاول تنفيذ الأوامر بشكل دقيق، وهو شخص يمتلك من المجازفة مما يمكنه من تنفيذ اللعبة بدرجة عالية من المجازفة ، والأشخاص اللذين يعرفونه عن قرب يقولون عنه أنه يستطيع أداء مهام وتنفيذ استراتيجيات عالية الخطورة ، وربما أن هذا الجانب تعتبر من الميزات الخاصة التي جعلت خامنئي يختاره في هذا التوقيت بالذات ، وهذا ما برز من خلال نوع العبارات التي بدأ باستخدامها خلال اليومين الماضيين والتي حملت نبرة تصعيدية غير مسبوقة ، من حيث توظيف الكلمات الأكثر تطرفًا والأكثر راديكالية، وعلى عكس قائد الحرس الثوري الإيراني السابق ،فإن ” سلامي ” يوجه كلام أكثر صرامة ضد إسرائيل والولايات المتحدة ودول المنطقة لاسيما السعودية .