دعوة حوار لتأسيس مشروع وطني

سعد الراوي - نائب رئيس مجلس مفوضية الانتخابات العراقية سابقا - كاتب ومستشار متخصص في الانتخابات

ما يقارب العقدين من الزمن مضت على ما يسمى بالتحوّل الديمقراطي ولا زلنا نحبو ونتراجع وبعد فشل أكثر الأحزاب الفئوية والمناطقية أو الدينية والقومية.. الخ رغم أن بعض الأحزاب والائتلافات أخذت الاسم الوطني دون التطبيق الحقيقي فلا بد من الرجوع إلى جادة الصواب لإنضاج مشروع وطني جامع شامل لا يستثني أحد ولا يرفض جهة. ولكي يكون مختلف عمن سميت بالمشاريع الوطنية لا بد من تأسيس جديد وفق ضوابط وآليات مفصّلة تقوم عليه شخصيات مشهود لها بالكفاءة والنزاهة ولم تشوبهم شائبة تجمعهم همهم انتشال الوضع القائم بتخطيط علمي ممنهج طويل الأمد. وطالما يختلف هذا البناء عن غيره لا بد من أسس متينة يقوم عليها هذا الصرح الجديد لكي يدوم لعقود من السنين وتأسيساً لما تقدم أضع اللّبنات الأولى وفق رؤية قابلة للنقاش مع كل المعنيين بهذا البناء للوصول إلى مشروع وطني نموذجي.

وأوجز رؤيتي بالآتي: –
❖ يقوم على تأسيسه نخب مثقفة واعية همها الوطن والمواطن وليس المصالح الشخصية أو المناطقية أو الطائفية أو القومية ومن مختلف الاختصاصات ويفضل أن يكون أغلبيته من الشباب المتحمس لهذه الفكرة لتجتمع همة وحماس الشباب مع خبرة ووعي الطبقة النخبوية المتجردة من حب الذات.
❖ لا بد من حسم الموضوع المالي من اليوم الأول للشروع بتأسيسه بحيث يبتدأ بما لا يقل عن مائة شخصية تتبرع كل منها بمليون دينار عراقي أو بألف دولار لمن هم خارج العراق. مع مراعات نسبة لا تزيد عن 5% يستثنون لمن ليس لديه القدرة على الدفع على أن يكون التصويت بثلثي المؤسسين حتى يحصل على الاستثناء. وهذه الفقرة لا بد من التركيز عليها فكل جهة أو دولة تدعم أي مشروع سياسي هي من تسيطر على أي قرار يتخذه هذا التنظيم وخصوصاً في القرارات المصيرية فالتمويل الذاتي يكفي شر ومساوئ التدخل الخارجي سواء من خارج الوطن أو من داخله ومن دول أو أشخاص كلها سيّان في موضوع التمويل ولا بد أن نركز على سيادة القرار.
❖ الشروع بإعداد (المشروع السياسي) الإصلاحي الطويل الأمد وكتابته بشكل أولي ونشر بنوده بموقع الكتروني خاص ويتم دعوة الأكاديميين ومراكز بحوث ومختصين لدراسة ونقاش كل بنوده معهم ويعلن موعد لورشة مخصصة لهذا الغرض وتكون علنية النقاش وتبث بوسائل الإعلام وتنشر في الموقع ويمكن تأجيل بعض البنود التي لم يتم مناقشتها أو الاتفاق عليها لوقت لاحق أو ورشة أخرى. وبهذه الطريقة سينضج هذا المشروع ويكون مدعوم من كل المشاركين والمتابعين والمهتمين وهذه بداية لتعزيز مكانة وقيمة هذا المشروع.
❖ تحديد مواعيد لقاءات واجتماعات متواصلة بين المؤسسين تطرح فيها كل أمور تأسيس هذا المشروع وعقبات محلية وخارجية تعرقل تأسيسه لتذليلها وتجاوزها وجعلها حوافز للتأسيس والتأييد.
❖ إعداد نظام داخلي رصين متكامل يوضح بشكل جليّ كل عمل أو خطوة يخطوها قادة المشروع وطريقة اتخاذ أي قرار ويحدد فيه واجبات وصلاحيات أي عضو مهما علا موقعه ولا أحد خارج المساءلة وكذلك تشكيل لجان لتنظيم العمل ومتابعته وأهم هذه اللجان: –
1- لجنة تشكيل الهيكلية والتوصيف الوظيفي.
2- لجنة إعداد الموازنة.
3- لجنة الضبط الداخلي / بحيث لا يستثنى أي عضو أو مسؤول من المساءلة والمحاسبة)
4- لجنة اختيار المناصب.
5- لجنة اختيار المرشحين والتحالفات.
6- لجنة متابعة تنفيذ الديمقراطية داخل المشروع.
7- (لجنة التخطيط الاستراتيجي).. الخ.
يكتب هذا النظام بشكل أولي ويناقش من قبل جميع المؤسسين بعدها يصوت على فقراته.
❖ لا يفكر قادة هذا المشروع بالسلطة بقدر تفكيرهم بالتغيير والإصلاح وبناء دولة المؤسسات وأن تحقق ذلك من غيرهم فسيكونون داعمين ومؤيدين وفق الآليات التي يحددها النظام الداخلي أي إن المشروع غايته الإصلاح وبناء دولة المواطنة والمؤسسات وليس الحصول على السلطة.

مقالات ذات صلة

❖ من أهم مبادئ وأهداف هذا المشروع: –
1) التداول السلمي للسلطة. سواء في مناصب الدولة أو داخل المشروع.
2) لا أحد فوق القانون مهما علا منصبه أو صلاحياته فالكل تعمل تحت سقف الدستور والقوانين النافذة ولا يستثنى أحد من المساءلة.
3) الفصل بين السلطات وفق الدستور ونؤكد على نزاهة وحيادية القضاء وعدم التدخل في قراراته البتة.
4) عزل كل المؤسسة العسكرية والأمنية عن العمل السياسي وتُنظم بقانون ويكون أي منصب سياسي لا يتدخل في تنظيم وسياقات العمل العسكري والأمني إلا بما تخوله القوانين النافذة.
5) اختيار أفضل الكفاءات لتحقيق الأهداف سواءً في مناصب القيادية للمشروع أو المناصب الحكومية ويُفَصّلْ ذلك بدقة.
6) دراسات مستفيضة لأسباب فشل المشاريع السياسية السابقة وحتى من أخذت من الاسم الوطني شعارا لها. لأخذ العبرة وتصحيح الأخطاء فالسعيد من اتعظ بغيره.
7) العلاقات الدولية تبنى على أساس مصلحة الوطن أولا. ولا فرق بين دولة وأخرى إلا على أساس هذه المصلحة.
8) لا يمكن المشاركة في أي حكومة محلية أو وطنية إلا بالتأكيد على تحقيق الأهداف التي أسس من أجله، لكن المشاركة في الانتخابات ضرورة لإيجاد ركيزة أساسية تُبنى وتُنَمى داخل المجلس النيابي أو المجالس المحلية وليكون ممثلي المشروع في هذه المجالس نموذج للنزاهة والكفاءة وممكن تتضاعف أعدادهم في الانتخابات القادمة وقد تشكل الأغلبية في الحكومة المقبلة.
9) يتبنى فكرة التعايش السلمي والمصالحة المجتمعية والتسامح والقضاء على كل المظالم وهذه الفقرة مهمة لبناء مشروع سياسي وطني شامل. وقد يستوجب ذلك تشريع قانون ومؤسسة تتبنى تنفيذه لإنهاء كل المظالم وأن يكون تعامل العراقيين سواسية أمام السلطات الثلاث وكل مؤسسات الدولة.
10) التعاون مع كل من يتفق بشكل مبدئي على هذه المبادئ ونتحاور مع الآخرين وفق حدود مصلحة الوطن والمواطن ونحترم كل الآراء حتى من يختلف معنا.
11) النفس الطويل لتحقيق أهداف المشروع وقد يدوم لعدة دورات انتخابية أو عدة عقود وهذا يعتمد على تمسك قادة وأعضاء المشروع بمبادئه وأهدافه وإخلاصهم لتحقيق ذلك وقدرتهم على إقناع الآخرين.
12) ساحة عمل وتنظيم وتـأييد هذا المشروع هم الغالبية من الناخبين الذين عزفوا عن الانتخابات وهؤلاء تتجاوز نسبتهم 60% لذا يجب التركيز والتأكيد على كل ما دون أعلاه لكسب هؤلاء أو أكثرهم ليكونوا جنود في مشروع وطني كبير.
13) بعد اتفاق مائة شخصية أو أكثر أو أقل بقليل على تبني هذه الفكرة ومناقشة فقرات هذه الدعوة وإقرار واتفاق ما يتم الاتفاق عليه من هذه النقاط وعلى اسم وشعار هذا المشروع لا بد من الشروع بتأسيس هذا المشروع كحزب سياسي جديد والطلب من دائرة الأحزاب لتسجيله واكمال كل ما يتطلب شروط وضوابط تسجيل الأحزاب والتنظيمات السياسية وفتح مقرات، والعمل على تثقيف المواطنين للشروع بالعمل السياسي الفعلي.

كل ما دون في أعلاه هي أفكار قابلة للحوار وممكن أن أكون مخطأ أو مصيب ولكن بمشاركة النخب والأكاديميين والشباب بالحوار البنّاء الهادف ممكن أن نصل ونؤسس لمشروع وطني رصين متكامل. وهذا ما نصبوا إليه جميعاً والله من وراء القصد.

وفقنا الله جميعاً لما فيه خيري العباد والبلاد.

المرفقات: –
1- مرتكزات أساسية للحوارات الوطنية في المجتمعات المتعددة.
2- كفى نقداً أريد حلاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى