رسالة أحوازية

كامل ناصر الأحوازي

عبر التاريخ وقفوا و يقفون خارج كل قوانين الأرض و كينونتها ، غير مبالين لها و عما دار و يدور حولهم من تجارب تاريخية لم يأخذوا منها درسا الا ذلك القسم السلبي و المضر للبشرية جمعاء و الذي كانت و مازالت ذواتهم الغير سوية تبحث عنه و هو ان نظر المرء الى تاريخهم المكشوف و المتعارف عليه ، لوجده صورة طبق الأصل لطرقهم الملتوية المبطنة و الظاهرة منها ، في تعاملهم مع الآخرين الذي يعتبرونهم ندّا لهم بفعل الفكر و المبادىء الاخلاقية التي يحملونها و يسيرون عليها و شاركوا بها في الحضارة الانسانية و ذلك خلال القرون المنصرمة ، وصولا الى يومنا هذا .
و البحث عن أسباب تشكّل و تكوينة هذا النمط من السلوك و لدراستها المعمّقة و السير في أروقتهم ، بحاجة الى المزيد من الوقت و هذا ما توصل اليه الكثيرون ممن ثابروا و اجتهدوا في هذا المجال فيما مضى .
ما دارت من أحداث دامية قبل أيام قليلة في قطرنا العربي الأحوازي لم تكن بالأمر الغريب و المستبعد و بحكم الوضع الراهن الذي اجتاح أغلبية الدول ، و هذا ما حذرت من عواقبه و آثاره و بالأخص ما يتعلق بالوضع المزري داخل المتعقلات ، عدة جهات أحوازية و حذّرت من مغبة سلوك سلطة الاحتلال و عدم اهتمامها بالتعامل الايجابي مع ملف المعتقلين السياسيين القابعين في سجونها .
هذه جريمة جديدة تضاف الى جرائمهم التي اعتادوا عليها في المنطقة بشكل عام و في الأحواز بشكل خاص .
فالطغمة الحاكمة التي لا تحترم كل القوانين الدولية و الشرائع السماوية و لا ترحم حتى الذين ينحدرون من صفوفها كأفراد في منظومة حكمها ، كانوا أو مواطنين عاديين يحسبون على نفس القومية ، فكيف هو حال القوميات الغير فارسية و حصتهم من هذا الوسط الجائر .
هذا هو الواقع المر الذي تعيشه الانسانية في محيط الجغرافيا التي تحكمه مجموعة لا هم لها سوى البقاء في الحكم و الاستمرار به و الحفاظ عليه بأي ثمن كان ولو على حساب معيشة الناس و ثرواتهم و رقابهم و معاناتهم اليومية التي لا تطاق .
ما تمت الإشارة اليه هنا ، هو جانب صغير جدا من قضايا لا تعد و لا تحصى مقارنة مع ما حدثت من جرائم كبيرة بحق السجناء أصحاب الكلمة الحرة و سجناء الرأي بشكل عام ، في غياهب السجون معروفة العناوين و السرية ، التي جرت خلال العقود الماضية .
و بالرجوع الى ذاكرة الشعوب ، هناك الكثير الكثير من الحالات للممارسات الإجرامية بحق البشرية التي تحتفظ الناس بتفاصيلها و تقص القصص عنها و لكنها للآن هي في طي الكتمان خوفا من الردود التعسفية التي تقوم بها الأجهزة الأمنية و القمعية للنظام الحاكم ازاء ذلك .
ان الشعب العربي الأحوازي يعيش الأمرين ، محتلة أراضيه و مسروقة ثرواته و يصارع الفاقة من جانب و من جانب آخر يعاني من السياسات العنصرية التمييزية اللاانسانية على كل الأصعدة الحياتية و هذا ليس بالأمر الخفي عن كل شعوب الحرة المطلعة على قضيته العادلة و معها كل المنظمات الحقوقية و الانسانية ، و لكن من المؤسف لا نرى أي بوادر تبعث و تزرع الأمل في نفوس المقهورين من أصحاب الأرض و لا وجود لأي محاولة جدّية حثيثة بموجبها تمنع و تردع كل السياسات الإقصائية التي تتخذها المجموعة الحاكمة في طهران بحق الشعب العربي الأحوازي .
و في ظل هذا التراخي للمجتمع الدولي الغير مبرر و حرصا من الأوساط المعنية بقضية الشعب في داخل الوطن المسلوب و خارجه و حفاظا على أرواح المواطنين العزل و ممتلكاتهم أثر الاسالیب الوحشیة الأخرى و التهديد اليومي ، و اغتصاب الأراضي و إكمام الأفواه و سلب الحريات و غيرها من المسلمات و البديهيات ، و منعا لتدهور الوضع الذي تشير اليه كل المؤشرات الحالية في جميع نواحي الحياة من فقدان إجراءات السلامة التي هي من أبسط حقوق المواطن و أي انسان يعيش على المعمورة ان يتمتع بها و غيرها من الشواخص الطبيعية للمجتمعات البشرية ، و نظرا لما سلف فإن كل الخيارات تظل مطروحة و متاحة أمام أبناء الشعب في التصدي للسياسات العدوانية و ردا على مسلسل القتل هذا و ما سبقه ، و في هذه الأجواء و المرحلة الحساسة و الحرجة للغاية ، نتوقع ان تحدث المزيد من ردود الأفعال و تصعيد محتمل من قبل أبناء الشعب و هذا حق كفلته و تكفله جميع المصوبات و الأعراف للقانون الدولي و القوانين السماوية ، ان لم يضع المجتمع الدولي حدا لتلك الجرائم و مرتكبيها .
اذ ننوه هنا ان المرحلة و الظروف المتحكمة بحياة الناس ، قد تجاوزت كل الحدود المنطقية و لا تتقبل و لا تعالج بأي نوع من مواقف التنديد و الشجب و الإدانة كيفما كان نوعها و حجمها و مصدرها .
و أخيرا و ليس آخرا يبقى هذا تذكيرا مكررا لكل من يهمه حقوق الانسان في كل مكان و على المجتمع الدولي ان يأخذ الوضع الراهن في الأراضي الأحوازية المحتلة بعين الاعتبار و ما هذه الا بمثابة رسالة تعبّر عن مآسي و معاناة شعب ليس الا *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى