رواد فـي فضاء الصحافة العراقية

من المناسب ونحن نستذكر تاريخ الصحافة العراقية التي يحتفل الصحفيون العراقيون في الخامس عشر من حزيران ـ يونيو من كل عام تاريخ صدور أول صحيفة عراقية في عهد الوالي العثماني مدحت باشا باسم (الزوراء) أن نتوقف عند دور ومسيرة الرعيل الأول من صحفيي العراق الذين قدموا لمهنة الصحافة الكثير لتبقى صامدة مستندة لأخلاقيات المهنة واشتراطات ديمومتها.
وعلى الرغم من أن قائمة رواد الصحافة العراقية تضم وتحفل بمئات الأسماء اللامعة التي قدمت للمهنة عصارة جهدها وخبرتها للأجيال لتستمر هذه المهنة مصانة ومعبرة عن ضمير الشعب ومشاغله وحقوقه، إلا أنني سأتوقف عند خمسة منهم عملت معهم على مدى سنوات، وتعلمت منهم الكثير فيما يتعلق بالمهنة أو بالعمل النقابي في إطار نقابة الصحفيين العراقيين واتحاد الصحفيين العرب.
لقد اقتربت وعملت مع ثلاثة نقباء خلال العقود الثلاثة التي سبقت الاحتلال وهم: المرحومان سعد قاسم حمودي وطه البصري والدكتور صباح ياسين، فضلا عن أمين عام اتحاد الصحفيين العرب سجاد الغازي والمرحوم ضياء عبد الرزاق حسن/ابوهدى/، فقد عاصرت هؤلاء الرواد ووجدت في مسيرتهم ما يدعو للفخر بهم، وتميزهم بمواقف مشهودة في خدمة الأسرة الصحفية، وإعلاء شأن الصحافة. تعرفت إلى المرحوم سعد قاسم حمودي نقيبا للصحفيين العراقيين ورئيسا لاتحاد الصحفيين العرب، وكان مخلصا في أداء مهمته، وقبل ذلك صحفيا متميزا من بيت صحفي كان والده المرحوم قاسم حمودي صاحب أشهر جريدة في العراق هي (الحرية).
وعاصرت الراحل في أكثر من موقع، إضافة إلى النقابة واتحاد الصحفيين العرب ومؤتمر القوى الشعبية العربية، ويتمتع بذاكرة جيدة، ويتدخل بأدق التفاصيل في الاجتماعات والتحضير للفعاليات النقابية والسياسية، إضافة إلى امتلاكه للحس الصحفي الذي لم تنل منه مهامه السياسية، فكان حريصا على إنجازها بشكل يدعو للفخر.
كما أن تجربة الراحل في رئاسته لاتحاد الصحفيين العرب كانت غنية، وأعطى لهذه المؤسسة القومية ثقلا ودورا عربيا وعالميا بعد أن أصبحت بغداد مقرا للاتحاد، وكان ساعده الأيمن عميد الصحافة العراقية سجاد الغازي، أطال الله في عمره.
وثاني الرواد الخمسة هو المرحوم طه البصري عاصرته على مدى سنوات، وعندما تسلم البصري الراية من سعد قاسم مشى على ذات الدرب التي سلكها سلفه، وخلال فترته نقيبا أشرف على أكبر معرض للصور العالمية برعاية النقابة، وشارك في المسابقة نحو ألف مصور صحفي من عموم العالم برعاية منظمة الصحفيين العالمية.
والرائد طه البصري عاصرته واقتربت منه فوجدته زاهدا ومخلصا وساعيا للخير، ونزيها وكفؤا وحريصا على إنجاز ما يكلف به ما نال حبَّ وتقدير العاملين معه في النقابة أو (واع) أو عندما أصبح سفيرا.
والرائد الثالث طيب الذكر صباح ياسين تدرج في العمل الصحفي والنقابي حتى أصبح نقيبا للصحفيين، عملت معه ويتميز بالحيوية والنشاط، وينحو للتجديد في العمل النقابي خلال عمله أمينا للسر وحتى انتخابه نقيبا للصحفيين.
وشهدت الفترتان نشاطا محليا وعربيا ودوليا، نهضت بها النقابة ومجلسها، ما وضعها في صدارة النقابات العربية في الدفاع عن حرية الصحافة، وتعزيز وحدة الصحفيين العرب في مواجهة التحديات.
والرائد الرابع عميد الصحافة العراقية سجاد الغازي الذي يعد من أبرز الصحفيين العراقيين الذين عاصروا العهود التي شهدها العراق، وكان صوتا عراقيا أعطى للمهنة عصارة جهده لأجيال الشباب، فكان مرجعا للعمل الصحفي، وعنوانا في توثيق مسيرة الصحافة العراقية بمساهمته في إصدار قانون النقابة وتقاعد الصحفيين. كما أن دوره في اتحاد الصحفيين العرب كان مشهودا منذ تأسيسه لتعزيز دور هذه المؤسسة القومية عندما أصبح أمينا عاما للاتحاد خلال انتقاله مقره إلى بغداد. وما يدعو للفخر أن الغازي عمل مع الرواد الثلاثة واضعا تجربته الصحفية والنقابية لخدمة الأسرة الصحفية والحفاظ على ديمومة مسيرة الصحافة العراقية
وعلى ذات الخطى كان للمرحوم ضياء حسن الدور المشهود في مسيرة نقابة الصحفيين فضلا عن كونه صحفيا مرموقا ومهنيا ترك بصمة في مسيرة صاحبة الجلاله على مدى اكثر من نصف قرن
ويتميز الراحل ضياء حسن بالحرص على المهنية وسد الأبواب امام الطارئين للدخول الى ميدان الصحافة في موقف نال تقدير واعجاب الصحفيين
كما انني اقف اجلالا واحتراما لمئات الصحفيين الذي عملت معهم أو تعرفت عليهم خلال مسيرتي الصحفية اطال الله باعمارهم كما انني لاانسى العشرات من رواد الصحافة الذي رحلوا عنا وقدموا للمهنة عصارة جهدهم. رحمهم الله واحسن اليهم.

احمد صبري

a_ahmed213@yahoo.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى