روحاني يرفض استقالة ظريف ماذا بعد ؟

قال الرئيس الإيراني  “حسن روحاني” في اللقاء السنوي العام للبنك المركزي الإيراني: “إذا اضطلعت وزارة الخارجية بالمسؤولية الملقاة على عاتقها، فهي تمثل الشعب، في الوقت الحاضر يعتبر كل من البنك المركزي ووزارة النفط خط المواجهة الأمامي. وطبعاً بقية الوزارات وخاصة وزارة الاقتصاد تقع في الخط الثاني، لكن الخط الأول يتعلق بثلاثة أشخاص ، وزير الخارجية والنفط ، ومحافظ البنك المركزي ، فقد كانوا بمثابة القوة المرابطة في الخط الأمامي وما زالت ” . وفي هذه الأثناء قال عضو لجنة الوصاية التابعة لمجلس النواب في بيان له إن استقالة السيد “ظريف” جاءت للهروب من المساءلة والاستجواب . بدوره أعرب  وزير الخارجية الإيراني “جواد ظريف” بعد  الاستقالة من خلال رسالة أرسلها بواسطة الإنستغرام. على أن  تكون استقالته هذه وخزه تعيد وزارة الخارجية إلى مكانها القانوني. ونقل الموقع الإلكتروني المسمى “انتخاب” وهو من المواقع المقربة من الرئيس ” روحاني ” عن “ظريف” قوله: بعد صور مقابلة الرئيس السوري مع روحاني وخامنئي ، وزارة  الخارجية لم يعد لها قيمة في العالم.

بموازاة ذلك قال وزير الخارجية الأمريكي “مايك بومبيو” في تغريدة له كردة فعل على استقالة “ظريف”: إن “ظريف” والسيد “روحاني” هما جزء من مافيا مذهبية فاسدة وأضاف، نحن نعلم أن القرارات النهائية هي بيد آية الله “خامنئي”. لذلك لن تتغير سياستنا إزاء إيران. واستطرد “بومبيو” يقول: يجب على الحكومة الإيرانية أن تحترم شعبها،  في حين قال  الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية: إن واشنطن تراقب.

مقالات ذات صلة

لكن ماذا عن استقالة “ظريف”، لا شك بأن  اللغط والتكهنات  حول هذا الموضوع قد بدأ من خلال وسائل الإعلام  والمواقع الالكترونية كالنار في الهشيم  ، لكن السؤال ما هي الأسباب التي دفعت  “ظريف” إلى الاستقالة؟  سوف نرصد عدة  أسباب دفعته لاتخاذ هذه الخطوة ، حيث يقول بعض المراقبين إن الاستقالة صورية والهدف منها الحصول على تفويض أكبر على صعيد السياسة الخارجية التي تتبع فعلاً للمرشد والحرس الثوري ، التي بنت مؤسسة موازية عرابها وزير الخارجية الأسبق ” علي أكبر ولايتي ” المستشار القوي للمرشد في العلاقات الدولية ، الذي كان ولازال  يمسك بالملفات المحورية التي يكلفه بها المرشد والحرس الثوري الإيراني  على صعيد السياسة الخارجية الإيرانية تجاه الأزمات الإقليمية والعلاقات مع الغرب .

 السبب الآخر يتمحور حول دور المؤسسات الأمنية الإيرانية التي أحرجت روحاني وظريف ، ففي الوقت الذي حاولت فيه التقارب مع الدول الأوروبية كطرف ضامن للاتفاق النووي وحثه على تقديم المزيد من الحوافز للتخفيف من حدة ووقع العقوبات الأميركية ، كانت المخابرات الإيرانية مشغولة بتنفيذ سلسلة من الاغتيالات في أوروبا ، والتحضير لتفجير مقر المقاومة الإيرانية ” مجاهدي خلق ” ، ما أحرج الدبلوماسية الإيرانية  ، وجعل ” الدبلوماسي الضاحك ظريف إلى الجلوس في بيته وغلق هاتفه لأكثر من أسبوعين ، احتجاجاً على ما يجري ، ودفع الدول الأوروبية لتوجيه تحذير شديد اللهجة إلى طهران ، أعقبه فرض عقوبات على جهاز المخابرات الإيراني ، والطلب من طهران تفكيك محطاته الأمنية في أوروبا على الفور .

لا شك  أن ” ظريف”  غاضب على  “روحاني” لضعفه وعدم قدرته على حماية وزرائه أمام حملة الاستهداف الممنهج من جانب الجناح المتشدد الذي كال أشد الاتهامات وأكثرها شراسة “لظريف”  ، واتهامه بالتأمر مع الغرب ، والتجسس على إيران ولصق تهمة عميل جهاز المخابرات البريطاني إم أي 6، ومحاولات تدمير الدولة الإيرانية  من خلال توقيع الاتفاق النووي الذي يعتبر “ظريف “عراب ابرامه .

 ولم يقف  الأمر عند هذا الحد فقد تم  تهميشه عن  الاجتماع الذي تم مع “بشار الأسد” سواء مع خامنئي أو روحاني ، وتم الاستعاضة عنه بقاسم سليماني ،   وهذا يعني أن المرشد الأعلى قد أمر بتحديد صلاحياته.

اللافت أن ” ظريف ”   قد اختصر كل ما قيل في  استقالته  بجملة واحدة أنه استقال مكرها،  تجدر الإشارة  أن التسريبات الواردة من طهران تشي إلى أنه ليس هناك من شيء لتقوم به وزارة الخارجية الإيرانية،  وفي الأشهر الأخيرة، كانت الوزارة مقفلة، ولم يكن لها نشاط يذكر، لا في دائرة الشؤون الأوروبية ولا في دائرة الشرق الأوسط ولا في دائرة الشؤون الأمريكية ولا في دائرة شؤون الشرق الأدنى . وفي الواقع كانت سياسة السيد “ظريف” بخصوص الشرق غير نابعة من قناعاته؛ بل كان منفذا لسياسات تملى عليه من مكتب المرشد بشكل . لكل هذا لم يكن أمامه خيار، سوى الاستقالة.

القوى المتشددة  ، والمقربة من خامنئي”، كانت ردود فعلهم المعلنة  تتلخص في أن “ظريف” أو غيره من المسئولين، يجب أن لا يتجاوزوا حدودهم ، وعليهم أن ينفذوا كل ما يأمر به المرشد الأعلى  خامنئي  فقط ، دون أن يتحمل سماحته أي مسؤولية.  في نهاية المطاف ما يجري اليوم في إيران بمثابة معركة كسر عظم ، و مؤشر السياسات العامة الإيرانية ، لا سيما الخارجية ، فإن الحرس الثوري هو المعني بضبط إيقاعها  ، وسنشهد  على الأرجح زيادة في اجتهاد إيران لخلق المزيد من  التوتر مع المجتمع الدولي، ومع المحيط الإقليمي لإيران .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى