فيما يرجح أن يكون مؤشرا على عدم أولوية إبرام اتفاق التعاون الشامل طويل الأمد المقترح بين طهران وبكين على أجندة السياسة الصينية في المرحلة الحالية على الأقل، أعلن نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون الدبلوماسية والاقتصادية، تأجيل المباحثات الإيرانية – الصينية بشأن الاتفاق نظرًا لظروف أزمة كورونا.
يأتي ذلك في ظل إمكانية عقد هذه الاجتماعات عبر تقنيات التواصل عن بعد، يبدو التحجج بتفشي فيروس كورونا مجرد محاولة لإخفاء عوامل أخرى أفضت إلى هذا القرار يحتمل أن تتمثل في وجود خلافات بين الجانبين بشأن التزاماتهما بموجب الاتفاق، أو عدم قدرة إيران على تنفيذ بعض الاشتراطات المبدئية لإبرام الاتفاق خاصة ما يتعلق بتعزيز نفوذ اقتصادي هادئ ومستقر على المحور الممتد من أفغانستان حتى البحر المتوسط.
كذلك فأن وجود تأثير للضغوط الخارجية على الصين، خاصة من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل ودول الخليج العربية. وتهديد وزارة الخارجية الأمريكي، بفرض عقوبات اقتصادية على الصين إذا عززت علاقاتها الاقتصادية مع إيران. وتبدو الصين شديدة الحرص رغم دعمها السياسي لإيران على التقيد بالعقوبات الأمريكية عليها ما أفضى لانخفاض التجارة البينية بين الصين وإيران بنسبة ٦٢% خلال الأشهر الستة الأولى من عام ٢٠٢٠ مقارنة بالفترة نفسها من عام ٢٠١٩.
بقدر ما يعكس هذا الإرجاء المكاسب التي يمكن أن تحققها الصين من هذا الاتفاق، لا تبدو استراتيجية بالنسبة لمصالحها مقارنة بحجم الخسائر المتوقعة في علاقاتها بكل من الولايات المتحدة ودول الخليج العربية، يرجح ألا تقدم الصين على توقيع هذا الاتفاق طالما استمرت إدارة الرئيس بايدن في عدم ابرام اتفاق نووي مع ايران ، وطالما لم تصل العلاقات معها لمرحلة القطيعة أو الحرب الاقتصادية الشاملة.
بينما يحاول النظام الإيراني الترويج إعلاميا بشكل كثيف لهذا الاتفاق لاستخدامه كأداة ضغط دبلوماسي في مواجهة الولايات المتحدة والهند، فإن إرجاء المفاوضات بشأنه لأجل غير مسمى يهدد بإضعاف موقف إيران التساومي في مواجهة واشنطن بدرجة كبيرة، الى جانب ما سيحدثه ذلك من تأثير محتمل على علاقات طهران بموسكو وهو كا سيتم بحثه في زيارة الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي اليوم الى روسيا .
يرجح أن تحاول إيران تعزيز مسار التفاوص بشأن اتفاق تعاون استراتيجي مع روسيا، وتهدئة مخاوف الهند تجاه تقليص نفوذها في محور تشابهار-أفغانستان، واتخاذ إجراءات تقشفية أكثر حدة في الداخل لتقليص حجم الضغوط الاقتصادية بانتظار صفقة قد يتم الاعداد لها حاليا في جولة فيينا الثامنة .
كذلك من المحتمل انه وعلى الرغم من أي خلافات ستحرص إيران على الحفاظ إعلاميا بصورة علاقات ودية مع الصين، وعدم توجيه أي انتقادات لها، حيث لا تمتلك إيران أي بديل للمكاسب الاقتصادية والسياسية التي تجنيها من استقرار علاقاتها مع الصين في هذا التوقيت بالذات .