زيارة روحاني إلى العراق في الإعلام الإيراني:إيران تنتقل من نهب العراق إلى ضمه

حفلت زيارة الرئيس الايراني حسن روحاني بتغطية واسعة وشاملة في الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي الإيرانية ، التي استعرضت أهمية الزيارة ، وتوقيتها الحساس ، حيث عبرت بعض وسائل الاعلام عن حالة النشوة التي صاحبت هذه الزيارة ولننقل نفس التعبيرات التي أطلقها الاعلام  الإيراني ،مستعرضاً في البداية   الموكب الذي حمل روحاني والوفد المرافق ، والذي  حوى على خمس وثلاثين مركبة  مصفحة جابت الرئيس الإيراني “حسن روحاني”، شوارع مدينة بغداد إلى أن وصل القصر الجمهوري ولقائه نظيره العراقي، حيث فرشت الطريق بالسجاد الاحمر الفاخر  ليتناسب وهذه الزيارة الاولى التي يقوم بها “روحاني” إلى العراق ، والتي  تهدف إلى تحقيق أهداف كبيرة . حيث رافق الرئيس الإيراني في زيارته هذه وفد تجاري وسياسي وأمني رفيع المستوى ، الملفت حديث وسائل الاعلام الإيراني اشتراك  محافظ البنك المركزي الإيراني ووزير الخارجية الإيراني في  التمهّيد لهذه الزيارة ، وهذا الأمر له مغزاه ودلالاته المهمة خاصة على الصعيد المالي .

ركزت وسائل الاعلام على  المؤتمر الصحفي الذي عقده “روحاني”، ونظيره العراقي حيث ذكر  “روحاني”: أن  أمن العراق والديمقراطية فيه لهما أهمية فائقة ونحن نعلم أن أمن العراق واستقراره سيكون عاملا مهما لإستقرار المنطقة بأسرها” ، كما نوه الرئيس الإيراني في هذا المؤتمر إلى أهمية الاتحاد بين البلدين الجارين من خلال قوله أننا  نريد أن نتقرب أكثر إلى العراق ليقودنا هذا التقرب إلى إيجاد اتحاد بين البلدين، وهذا يعني أن نتحد فيما بيننا  سياسياً واقتصادياً ، لا أن نتحد ضد بعضنا البعض ليتسنى لنا بذلك جذب دول المنطقة إلى هذا الاتحاد.

مقالات ذات صلة

التصريحات الإيرانية هذه  تشير كما علق عليها رواد التواصل الاجتماعي في إيران   إلى أن الهدف الأخير الذي تسعى إليه إيران هو تحويل العراق إلى محافظة من المحافظات الإيرانية، حيث  تأتي هذه الزيارة إلى العراق في الوقت الذي كانت فيه العراق الدولة الثالثة بعد الصين والإمارات العربية المتحدة استيرادا للمنتجات الإيرانية في العام الماضي، فهذان البلدان اللذان تحدهما حدود مع بعضهما يبدوان أنهما يشكلان اتحادا طبيعيا نظرا لهذه الحدود التي وصلت إلى 1336 كيلو متر.

تقول إيران إلى أن حجم المشاريع الإيرانية في العراق قد وصل  إلى ثلاثين مليار دولار، فيما يجري العمل على إيصال حجم التبادلات التجارية من اثني عشر مليار دولار إلى عشرين مليارا، وهذا هو ما يهدف إليه المسئولين في إيران،  وقد أعلنوا عن ذلك غير مرة، حيث تصدر إيران سنويا ما قيمته ملياري دولار من الطاقة والكهرباء إلى العراق، ووفقا لما قال وزير النفط الإيراني فإن العراق مدان لإيران بما قيمته ملياري دولار من جرّاء الكهرباء والطاقة ويعود السبب في ذلك إلى العقوبات الامريكية المفروضة على إيران ، و في هذه الزيارة قال محافظ البنك المركزي الإيراني إنه وجد الحلول المناسبة لدفع هذه الديون المترتبة وغيرها  على العراق.

من المؤكد أن هذه الزيارة التي  قام بها “روحاني” إلى العراق قد حققت نتائج مهمة ومحورية ،  كونها أثمرت عن مجانية التأشيرة بين البلدين ودفع ما ترتب على العراق من مديونية لصالح إيران في مجال الكهرباء وغيرها كما عبر عن ذلك محافظ البنك المركزي الإيراني ، ولا ندري مالمقصود بغيرها ، لكن الاعلام الايراني طالب بالمزيد خاصة ما يتعلق بحل مشكلة تنقية مياه نهر “اروند رود” ” شط العرب ” ، و المزيد من دفع غرامة على ما ترتب على الحرب العراقية الإيرانية.

بعض وسائل الاعلام الايرانية قامت  بمقارنة زيارة “روحاني” للعراق برحلة “ترامب” التي تمت سراً ، والتجول في بغداد ، وهذا يعني القوة والسلطة  والنفوذ التي تمتع بها إيران في العراق  ، وتساءلت بعض الصحف قائلة   هل تعلمون أن إيران والعراق ما زالتا في وضع وقف إطلاق النار ، وأن مكان الكثير من علامات الحدود بين الطرفين ما زالت غير محددة، وأن اتفاقية عام 1975م لتعيين خط القعر من أجل الملاحة في نهر “أروند” ” شط العرب ”  فاقدة للاعتبار وأن قرار 598 غير نافذ؟

بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن إعادة ترميم إيوان كسرى والذي شاع خبر تلاشيه في الآونة الأخيرة، تبدو مهمة للإيرانيين ، حيث طالبوا  “روحاني” أن يحث نظيره العراقي على الاهتمام بموضوع صيانة إيوان كسرى.

أما الموضوع الأخر الذي حاز على اهتمام الاعلام الإيراني  فهو موضوع  الاختلاف  في قيمة الدينار العراقي عن الريال  الإيراني وضرورة  تشجع العراقيين للقدوم إلى إيران  والحج إلى العتبات المقدسة ،  وحث  المستثمرين العراقيين على الاستثمار في إيران .

هذا إلى جانب  ايلاء  على النتائج الإيجابية التي تمخضت عن  زيارة “روحاني” للعراق ومنها بدء الأعمال الإجرائية لبناء سكة حديد شلمجة – البصرة،لما لها من أهمية إستراتيجية في ربط العراق بإيران .

بموازاة ذلك قسمت وسائل الاعلام الإيرانية الفئات التي قام  الرئيس روحاني بلقائها اللقاء مع المرجع علي السيستاني ، أو مع البدو في إشارة إلى شيوخ العشائر العربية ، معتبرة ذلك بأنه أمر  مثير للاهتمام بحد ذاته، وتساءلت عن أسباب عدم لقاءه  مع السياسيين السنة والاكراد.

ومن اللذين  التقى بهم  روحاني واعتبرته وسائل الاعلام الإيرانية نصراً سياسياً عدد من رجال الدين والساسة الشيعة ،  ومن ضمنهم عدد من  الشخصيات التي كانت معروفة في هذه السنوات والتي حاولت أن تنأى بنفسها عن إيران، مثل رئيس الوزراء السابق “حيدر العبادي”، و “عمار الحكيم” ، و يبدو أن أهمية مقابلة “الحكيم” ،  وتحدث الاعلام الإيراني عن واقع هذه العلاقة  ، حيث كان هناك  انقسام واضح في المناخ السياسي الشيعي، وحاول عدد من السياسيين الشيعة الحفاظ على مسافة مع إيران. وفي نفس الوقت لم  يتعين عليهم بالضرورة إظهار أنفسهم كأعداء لإيران أو يعملون ضد ايران لكن أرادوا التأكيد على أنهم عراقيون ولديهم استقلالهم الخاص. في هذا الصدد، اعتبر الاعلام الإيراني أن لقاء  روحاني  مع “الحكيم”، أحد الذين خرجوا من المجلس الاسلامي الأعلى لجمهورية العراق، له أهميته الخاصة ، وبموازاة ذلك تساءل الاعلام الإيراني عن عدم  مقابلة روحاني للزعيم مقتدى  الصدر ، حيث تسربت الكثير من المعلومات أن الصدر قد تعمد مغادرة العراق قبل وصول روحاني  .

 النتيجة التي يخلص إليها الاعلام الإيراني أن  الكل يعلم أن وراء هذه الزيارة سلسلة من الإجراءات لمساعدة  إيران للالتفاف على العقوبات، وتخفيف وطأة تلك العقوبات على إيران بمساعدة العراق، وأن لقاء روحاني مع  “آية الله السيستاني” في منزله هو أمر غير مسبوق ، وأنها على  ما  يبدو رسالة واضحة من قبل “السيستاني”، حول أهمية العلاقة بين إيران والعراق، ومنح شرعية لقرارات خطيرة من أبرزها دعم المطالب الإيرانية في السطو على المال العراقي .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى