من يريد أن يتعرف على البرنامج التسليحي الإيراني بفرعيه النووي والتقليدي عليه أن يعرف إلى أين وصل البرنامج التسليحي العراقي لغاية سنة 2003، وذلك لأن إيران بدأت برنامجاً تسليحياً ونووياً من حيث انتهى البرنامج العسكري والنووي العراقي، وأضافته إلى برنامجها الفعلي، وقد قامت بعمليات نهب لكل التصنيع العسكري العراقي والطاقة الذرية العراقية ومخزون الجيش العراقي من كافة الأسلحة، وشملت عمليات النهب المصانع والتكنلوجيا والأسلحة المصنعة والأسلحة التي تحت التصنيع ورخصة تصنيع كل سلاح مع المستندات التكنلوجية لذلك السلاح، وتلك المستندات توضح كل عملية من عمليات صناعة أي سلاح بتفاصيلها ونوع المعدن المستعمل ومكوناته وخرائط لذلك الجزء، وكيفية صناعة قالب لكل جزء والصيانة الدورية لذلك السلاح، إضافة إلى كميات هائلة من المواد الأولية التي لا تقدر بثمن. وقد قامت بإلقاء القبض على البعض من العلماء العراقيين من مختلف الاختصاصات من الطاقة الذرية والتصنيع العسكري، وجلبتهم إلى إيران وأخذت منهم المعلومات الناقصة لديها في تلك الصناعات، وقامت بتصفيتهم جسدياً أو إبقاء البقية منهم لغاية الانتهاء من الاستفادة منهم وتصفيتهم على مراحل.
لقد حان الوقت للوقوف عند ما حصل خلال وبعد الاحتلال الأميركي للعراق وإجراء تقييم متكامل لعملية استثمار النصر الأمريكي من قبل إيران، ومصطلح استثمار النصر في المفهوم العسكري يعني: عندما تنتصر قوة عسكرية على قوة عسكرية أخرى، وتأتي قوة ثالثة من خارج أرض المعركة تحتل أرض القوة التي خسرت، وتحصل على غنائمها، وتقوم بأسر جيشها أو شعبها، تُسمى تلك العملية استثمار النصر، وهذا ما حصل فعليا في العراق.
أين وصل العراق في الصناعات العسكرية لغاية سنة 2003؟
أولا: نظام الصواريخ – أهم مشروع تصنيع عراقي نجح نجاحاً كاملاً هو صاروخ العابد الفضائي، وهو صاروخ استعملت فيه محركات عالية التقنية على هيكل اسطواني يحمل في داخله أجهزة رصد وتحسس وكاميرات مع مجموعة تلسكوبات متنوعة الأغراض، تم تصنيعه من قبل علماء هيئة التصنيع العسكري، وهو صاروخ استراتيجي لأغراض الاتصالات، ويمكن أن يحمل قمراً اصطناعياً، ويصل مداه إلى 2000 كيلومتر، وإذا تم تقليل حمولته غير الضرورية أو جعله متخصص في غرض واحد إلى الحد الطبيعي فإنه يتمكن من الوصول إلى 4000 كيلومتر، ليصبح بذلك بمستوى المركبات الفضائية، وتم تصنيعه وإطلاقه في مدينة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار، وقد وصل إلى الفضاء الخارجي للأرض، وقامت إيران بسرقة تكنلوجيا الصاروخ وأجزاء كثيرة متنوعة من أجزاءه الدقيقة وأدواته الاحتياطية. إن صاروخ العابد يمكن له أن يحمل رؤوس نووية أو مواد متفجرة، وهو بطبيعة الحال صاروخ عابر للقارات فهل سالت دول الاتحاد الأوروبي إيران عن تلك التكنلوجيا المسروقة؟
نظام الصواريخ الثاني هو صواريخ أبابيل (راجمة الصواريخ 45)، وهي صواريخ أنبوبية محمولة على شاحنة متنقلة، وتحمل الشاحنة 45 صاروخاً، وهي ثمانية صواريخ على كل خط من خطوط الراجمة الخمسة، لتكون على شكل حزمة، وقد قام العراق بتصنيع أجزاءه الرئيسية بشكل كامل من قبل منشاة صدام العامة في عامرية الفلوجة وتم صهر وتصنيع أجزاء كثيرة منه في المسبك المجاور في منشاة الشهيد العامة ، لما تتمتع به منشاة صدام من تقنية وتكنلوجيا عالية وخبراء، وتم تجميعها في منشاة ثانية مجاورة، وقد استعمل محركات عالية الجودة، وقامت إيران بسرقة كل تلك الصناعة، وكذلك قامت بسرقة تكنلوجيا أربعة أنواع أخرى مختلفة من الصواريخ وهي الحسين والعباس والحجارة والصمود والمهم في هذا كله ليست الصواريخ بل المستندات التكنلوجية أي الخرائط الكاملة للتصنيع وتحتوي على شرح تفاصيل مكونات معادن كل جزء وهذه المستندات تبيعه الدول المصنعة للأسلحة بمليارات الدولارات وتفرض اتفاقيات ضمان عدم تداول او بيع او سرقة تلك المستندات وهذه كله قامت ايران بسرقته .
ثانيا: المدفعية – قامت إيران بسرقة تكنلوجيا أنواع مختلفة من المدفعية، لكن أهم وأخطر مدفع تمت سرقته هو تكنلوجيا المدفع العملاق الشهير والمحظور دولياً، والذي قامت الأمم المتحدة بإرسال لجنة خاصة إلى بغداد لتدميره وتدمير أجزاء المدفع والمكائن المصنعة له، وبمناسبة الحديث عن المدفعية فإن إيران سرقت التكنلوجيا لكافة المدافع التي دفع العراق المليارات من العملات الصعبة للحصول على رخص الصنع ابتداء من مدفع الميدان دي 30 لغاية المدفع 155 بعيد المدى إلى كافة أنواع الهاونات مختلفة الأحجام والأنواع، وحتى ميدان الرمي الخاص بالمدفعية في منطقة جرف الصخر الواقعة في محافظة كربلاء، والذي كانت تتم فيه تجربة كل المدافع والهاونات التي يتم إنتاجها لم يسلم من السرقة، فلم يبقى منه الآن سوى الأرض التي أقيمت عليه، فقد تمت سرقة كافة معدات التجارب ومختبرات الأبحاث فيه وقد تم اكتشاف مناطق كبيرة من جرف الصخر قامت ايران بتحويلها الى مقابر جماعية لسكان المنطقة.
ثالثا: الدروع – أهم ما يملكه العراق من صناعة الدروع، يملك رخصة صنع الدبابة الروسية تي 72، وقد قام بشرائها من بولندا، ودفع فيها مبالغ كبيرة بالمليارات بناء على تعليمات من الاتحاد السوفييتي لورود فقرة في الاتفاقية الدولية لحظر الأسلحة بمنع الاتحاد السوفييتي من بيع رخص تصنيع الأسلحة مباشرة، لذلك تم البيع عن طريق بولندا، وقد قامت إيران بسرقة جميع تلك التكنلوجيا، ويمكن من خلال تلك التكنلوجيا صناعة أنواع مختلفة من الدروع ذات السرفة أو العجلات. وقد كانت تلك المستندات مخبأة تحت الأرض في منشاة صدام العامة التابعة للتصنيع العسكري في منطقة عامرية الفلوجة.
رابعا: صناعات الطاقة الذرية – لقد قامت إيران بسرقة أهم منشأة تصنيع تابعة للتصنيع العسكري، كانت تقوم بتصنيع الأجزاء الدقيقة للطاقة الذرية العراقية، وهي منشأة عقبة بن ناقع التي تقع في منطقة اليوسفية، وتلك المنشأة تحتوي على مكائن ومعدات يابانية وألمانية وأميركية، لا تملك منها أي دولة خارج حلف الناتو سوى العراق، وقد قامت إيران بسرقة كافة محتويات تلك المنشاة.
خامسا: مختبرات الطاقة الذرية – مركز الأبحاث والمختبرات الواقعة في منطقة عين التمر في محافظة كربلاء، والتي تحتوي على كمية هائلة من التجارب والأبحاث العلمية في مختلف الموضوعات الخاصة بالطاقة الذرية، وكل ما توصل إليه العلماء العراقيين، وكافة المخططات المستقبلة لصناعة الطاقة الذرية ابتداء من تاريخ إنشاء الطاقة الذرية في السبعينات لغاية سنة 2003، قامت إيران بسرقتها ونقلها بالطائرات إلى إيران.
سادسا: الحاسب الإلكتروني – لغاية سنة 2003 كان التصنيع العسكري العراقي يملك أكبر حاسب إلكتروني في الشرق الأوسط، والمعروف بوحدة المنصور، والذي كان في السابق يقع في منطقة الطارمية، التي تقع في الطريق الزراعي المؤدي إلى مدينة الكاظمية من منطقة الطارمية، وقد قامت إيران بالاستيلاء عليه وعلى كافة المعلومات الموجودة فيه، وهي خلاصة الناتج الصناعي العسكري للعراق والخطط المستقبلية.
سابعا: مصنع إنتاج المكائن – وهذا المصنع ياباني الصنع يقوم بتصنيع أي ماكينة بعد أن يتم إدخال خرائط تلك الماكنة في الحاسب الإلكتروني الخاص بذلك المصنع، وقد قامت إيران بسرقة المصنع كاملاً.
ثامنا: مصنع القوالب – وهذا المصنع يقوم بتصنيع أي قالب لأي شيء، وهذا المصنع أساس الصناعة، فلو وضعت أجزاء مسدس 9 ملم على سبيل المثال في الروبوت الخاص بتصنيع القوالب، يقوم الروبوت بتصوير كل جزء من تلك الأجزاء ويقوم في نفس الوقت بتصنيع قالب لكل جزء، بحيث يمكنك أن تصنع أي شيء، أي يمكنك ببساطة أن تقوم بالصناعة العكسية، وهنا تكمن خطورة ذلك المصنع. والصناعة العكسية لا تملكها إلا الدول العظمى، وهي صناعة ممنوعة دولياً لأنها سرقة حق الملكية، والصين تستعمل الصناعة العكسية بشكل كبير، حيث يتم تصنيع نسخ من مختلف أنواع السلع والبضائع بشكل غير قانوني (تقليد)، ويتم إجراء بعض التغييرات البسيطة عليها لإضفاء الجانب القانوني على تلك السلع لكنها واقعياً تبقى سلع مسروقة.
تاسعا: الطائرات – قام العراق سنة 1991 وقبل عاصفة الصحراء بإرسال مجموعة من الطائرات المدنية والحربية إلى إيران لغرض الحفاظ عليها من قصف قوات الحلفاء، وقد رفضت إيران إعادة تلك الطائرات إلى العراق بعد انتهاء الحرب بحجة أنهاء جزء من تعويضات حرب السنوات الثمانية، وعدد تلك الطائرات هي 151 طائرة بقيمة إجمالية تصل إلى 2 مليار دولار، وهي كما يلي: طائرات الركاب البوينك مختلفة الأنواع 4 طائرات – طائرات النقل 22 طائرة منها 15 طائرة اليوشن العملاقة – الطائرات العسكرية الميراج اف1 العدد 24 طائرة – سوخوي مختلفة الأنواع العدد 75 طائرة – طائرات الميك مختلفة الأنواع العدد 11 طائرة – طائرة عدنان (أواكس) مختلفة الأنواع 14 طائرة، وهذه الطائرة تم تصميمها من قبل هيئة التصنيع العسكري، وهي نسخة من طائرة أواكس المتخصصة بالإنذار المبكر للطائرات والسفن والمركبات. السؤال هنا: ألا نتمكن من تسليح دولة كاملة بهذا العدد من الطائرات المسروقة؟ وكم أضافت تلك الطائرات من قوة إلى القوة الجوية الإيرانية؟ وما هو دور طائرة عدنان في تطوير صناعة الطائرات في إيران؟
عاشرا: الصواريخ المحمولة – قامت إيران ايضا بسرقة مجموعات مختلفة من صواريخ الترسانة الحربية العراقية الخاصة، وهي صواريخ أرض جو روسية الصنع، وصواريخ جو بحر فرنسية الصنع، وصواريخ استراتيجية أرض – أرض، وصواريخ طوربيد بحر – بحر، وكمية هائلة من الصواريخ الفرنسية المضادة للسفن نوع اكزوزيت الفائقة الدقة، والتي استعملت في حرب الفوكلاند والحرب العراقية الإيرانية، وكمية هائلة من الذخيرة المتنوعة. وقامت إيران أيضا بسرقة كميات هائلة لا تقدر بثمن من المصانع المختلفة والمواد الأولية المختلفة، والتي كانت موجودة وتعمل بطاقتها او مخزونة في مخازن 21 منشاة من منشآت التصنيع العسكري والطاقة الذرية العراقية كالحديد والفولاذ والألمنيوم والبارود بمختلف أنواعه، وكذلك الأسلحة التي كانت مصنعه أو نصف مصنعة، والمختبرات والأبحاث والدراسات التي لا تقدر بثمن.
وبناء على ما تقدم فإن خلاصة القول ونتيجة لاستثمار النصر الأميركي من قبل إيران ولكل تلك السرقات التي قامت بها إيران وغيرها الكثير الذي لا مجال لذكره هنا، فإن لدى إيران الآن تكنلوجيا ومعدات وخبرات تمكنها من صنع صاروخ فضائي مشابه لصاروخ العابد وجيل متطور من الدبابات، وأنواع من المدفعية وعلى رأسها المدفع المحظور دولياً وهو المدفع العملاق، ويمكنها من تصنيع كافة الأجزاء الدقيقة للطاقة الذرية، ويمكنها بواسطة مصنع القوالب من تصنيع أي سلاح، ولديها معلومات وأبحاث الطاقة الذرية لكافة الأغراض، ويمكنها من تصنيع الكيمياوي المزدوج، الذي أرعب العالم عندما أعلن عنه الرئيس الراحل صدام حسين في نهاية الحرب العراقية الإيرانية، فما جدوى العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على إيران خلال الأعوام الماضية، والتي سيتم رفعها بعد إعادة العمل بالاتفاق النووي مع إيران؟ وهل أن حصول إيران على كل تلك الأسلحة هو غير مهم بالنسبة إلى العالم بشكل عام ودول الخليج بشكل خاص؟ وإذا رجعنا إلى العقوبات الدولية على إيران فإننا سنجدها مهزلة ومسرحية مكشوفة، فكيف للعقوبات أن تكون فعالة وإيران محتلة للعراق بشكل فعلي، وتسرق موارده المختلفة من بترول إلى مياه إلى غير ذلك، وتبيع صناعاتها إليه؟
لقد قامت إيران بواسطة الأشخاص الذين نصبتهم حكاماً على العراق من سرقة العملة الأجنبية في البنوك العراقية بشكل منظم، وخلال سنوات عديدة فكلما تجمعت كمية من العملات الأجنبية في البنك المركز العراقي، قام عملاء إيران بشرائها بالمزادات العلنية وبأسعار رخيصة جداً، وقد قامت إيران بنفس الشيء مع أطنان الذهب التي سرقتها، ولقد كانت ومازالت سوريا ولبنان ساحة مفتوحة إلى إيران لمزاولة كافة النشاطات التجارية والعسكرية، فهل قامت الأمم المتحدة بتطبيق نفس المعايير في العقوبات التي طبقتها على العراق أبان احتلاله لدولة الكويت؟
اين وصل الآن مستوى التصنيع والتطور في الصناعة الحربية الإيرانية؟
المفروض ان تقوم الأمم المتحدة او الاتحاد الأوروبي الذي يتفاوض مع ايران حول الملف النووي والصواريخ ان يقوم بتشكيل لجنة من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي بمشاركة الدول المجاورة لإيران للتحقيق في كل ما حصل من سرقات خلال الفترة من 2003 لغاية الآن، لأن تلك الدول صاحبة المصلحة الحقيقية في إعادة الأمور إلى نصابها وهي دول المنطقة، التي إذا لم تتحرك وتحقق في الموضوع فإن إيران ستتغلب عليها عسكرياً ومادياً وتكنلوجيا، وتقوم بتخريبها واحتلالها مثلما حصل في العراق، فدول الخليج العربي وباكستان وأفغانستان وأذربيجان وتركمانستان وتركيا لها الحق في إعادة توازن القوى مع إيران، ولكل دولة من تلك الدول الكثير من التجارب المريرة مع إيران في مجال التدخل المستمر في شؤون تلك الدول أو التآمر عليها أو سرقة مواردها. وإذا كانت تلك الدول عاجزة فإن من واجب الأمم المتحدة القيام بذلك. ان ما ذكرته من سرقات ايران كان على سبيل المثال لا الحصر ومازالت ايران مستمرة في سرقة ما تبقى وهذه مسؤولية تقع على عاتق المجتمع الدولي في ارجاع المسروقات ومحاسبة ايران ودفع تعويضات عن كل ما قامت به من سرقات في مجال الأسلحة والثروات الطبيعية وفي مقدمتها البترول واليورانيوم والكبريت .