ان التصعيد الأخير لهجمات أذرع ايران في العراق واليمن،والاخبار التي تحدثت عن تحذير أيران(الاعتدال) للعراق بان أيران(الثورة)مستعدة لحرق العراق أذا لم ترفع العقوبات الأميركية تأتي كلها على مايبدو ضمن سياسة التخويف من(الذيب والواوي) التي يأمل الايرانيون أن تجبر أميركا على أبرام أتفاق سريع وبالتالي رفع العقوبات. هذه الأنباء عن التهديدات الأيرانية للعراق تأتي بعد أيام من تصريح سكرتير تشخيص مصلحة النظام(رضائي) لصحيفة الفايننشال تايمز والتي اشار فيها بوضوح الى ان لا مصلحة لايران بأستقرار العراق أمنيا ما لم يضمن مصالحه!! مقابل عقلية التاجر البازاري، نجد مولي يصرح انه ورغم أهمية المفاوضات المباشرة مع ايران فأن الادارة الأميركية تهتم أكثر بمضمون المفاوضات وضمان مصالح الامن القومي الاميركي من شكل المفاوضات، وضع هنا مئة خط تحت عبارة (الأمن القومي الأميركي). فهذه العبارة هي تماما مشابهة لعبارة (الامتثال الايراني الكامل) التي رددها الرئيس بايدن اكثر من مرة. وطبقا لمسؤول اميركي رفيع نقل عنه موقع أكسيوس، فان تفاصيل الامتثال الايراني الكامل، او حتى الامن القومي الاميركي سيصعب الاتفاق عليها عند بدء المفاوضات. هنا لابد من التذكير ان الاميركان حتى في عهد ترامب عرضوا على ايران التفاوض اكثر من مرة،فمشكلتهم ليس في التفاوض وأنما فيما يمكن ان ينتج عنه.
ان من الواضح ان ادارة بايدن لم تستوعب درس الماضي فحسب بل انها غير مستعجلة في الوصول الى اتفاق يرضيها ويرضي حلفاءها. لذلك يقول مولي ان الاميركان والاسرائيليين قرروا ان لا يختلفوا علنا بخصوص المباحثات مع ايران كما حدث خلال عهد اوباما وانهم سيناقشون كل الاختلافات بينهم بخصوص الشأن الايراني داخليا. ليس هذا فقط بل ان بايدن تعهد لنتنياهو ان الميركان لن يفاجؤوا الااسرائيليين باتفاقهم مع ايران كما حصل سابقا. اما المتغير الجديد الاخر الذي تغفله عقلية البازار كما يبدو فهو الوضع الاميركي الداخلي. ومؤخرا احتاج بايدن الى توافق الجمهوريين والديمقراطيين كي يمرر حزمة التعافي الاقتصادي الضخمة. وهو بالتأكيد سيحتاج الى استمرار التوافق مع الجمهوريين وعدم اغضابهم بأي أتفاق أيراني لا يرضيهم، اذا ما أراد المضي في أجندته الداخلية لمعالجة أثار كورونا والتركة الثقيلة لترامب. من هنا، وبعكس أيران، لا تبدو أدارة بايدن مستعجلة في الوصول الى اتفاق ولذلك ستأخذ كامل وقتها. هكذا نفهم تصريح مولي بأن بايدن غير مستعد لأتخاذ خطوات أحادية الجانب وأن اي خطوة لتخفيف العقوبات يجب ان تكون جزء من عملية شاملة تكون فيها الخطوات متبادلة. وفي الوقت الذي يحرص فيه تاجر البازار على اقناع الاخر بأنه ليس متلهفا للوصول الى صفقة، فأن مولي يركز على الحقائق لا الاوهام. لذلك تبدو الادارة الاميركية مقتنعة بأن اميركا لا يمكنها ترجيح فوز(المعتدلين) في الأنتخابات الأيرانية المقبلة أذا رفعت جزء من العقوبات وهو ما يعزف عليه فريق روحاني-ظريف أمام الأميركان. أن الأميركان يعرفون أن ظريف وروحاني لن يترشحا في الانتخابات المقبلة وأن هذه الانتخابات ستأتي غالبا بفريق يشكك بالاميركان ولا يثق بهم. لذلك يقول مولي ان الانتخابات الايرانية المقبلة لن تكون عاملا في قرارات ادارة بايدن بخصوص كيفية المضي في المحادثات النووية، وان المصلحة الاميركية هي من تحدد ذلك. ويبدو ان الايرانيين كان لهم سقف توقعات مرتفع فيما يخص ما يمكن لادارة بايدن ان تفعله(كما يقول احد المسؤولين الاميركان الرفيعين)، لذلك فهم ليسوا متفاجئين فقط بل ومحبطين ايضا. والمعروف ان المحبط قد يندفع بخطوات متهورة وغير محسوبة تعود وبالا عليه. لذلك فأن توقعاتي السابقة بتصعيد ايراني خطير في المنطقة لا تزال قائمة وهذا ما يهدد بقوة(بدلا من ان يعزز كما يعتقد البازاريون) أحتمالات نجاح المباحثات النووية المتوقعة. وأذا كان الايرانيون متفاجئين من موقف بايدن فان فريق بايدن كما يبدو كان مستعدا بشكل افضل لذلك لم يرفع سقف توقعاته بهذا الخصوص كثيرا.
4٬152