عقوبات أميركية نووية جديدة على إيران : الآثار والتداعيات

تقول الولايات المتحدة الأمريكية أنّها أقدمت على إلغاء الإعفاء الممنوح لبعض دول العالم ضمن إطار الاتفاق النووي والمتعلق بالتعاون النووي بين هذه الدول وطهران بهدف الحيلولة دون وصول إيران إلى السلاح النووي، ووفقا لما أعلنته وزارة الخارجية فإن عقوبات أمريكية ستطال أجزاء من الاتفاق النووي ، حيث تشمل عدم السماح بانتقال الماء الثقيل إلى سلطنة عمان،  وتبادل اليورانيوم المخصب باليورانيوم الطبيعي ، كما ستطال هذه العقوبات المساعدات المقدمة لتطوير محطة “بوشهر”، و تجدر الإشارة هنا إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية قد أوقفت الإعفاءات الممنوحة لبعض الدول والمتعلقة بنقل المياه الثقيلة لإيران وتبادل اليورانيوم معها، وسيبدأ العمل بهذه العقوبات ابتداء من اليوم الرابع من أيار.

 لا شك بأن الجانب الأمريكي وبتنفيذه جرعة من هذه العقوبات على إيران من جانب واحد يمكن له التأثير في قرارات الدول التي ما زالت ضمن هذا الإتفاق النووي، حيث يعتبر القرار الذي أقدمت عليه في الأمس وزارة الخارجية الأمريكية قرار مهم للغاية ، حيث يمكن له وعلى مدى الشهور القادمة التأثير على إيران. فمحطة “بوشهر”، التي تعمل على توفير ما نسبته 1% من الاستهلاك الإيراني للكهرباء، كما أن هذا القرار سيؤثر على مركز الأبحاث والطرد المركزي “اراك”، حيث كانت الولايات المتحدة واحدة من ثلاث دول قد تولت مهمة إعادة النظر في هذا المركز البحثي. اما وبعيد انسحاب حكومة الرئيس الأمريكي “ترامب”، من هذا الاتفاق فقد أوكلت هذه المهمة لبريطانيا.

وبموجب الاتفاق النووي مع إيران فإنه تخصيب اليورانيوم ضمن أطر محدودة، حيث لا يسمح لها تخزين أكثر من ثلاثمائة كيلو غرام من اليورانيوم، وهذا يعني أن أجهزة التخصيب وعندما تعمل يمكنها إنتاج اليوارنيوم من جديد ثم  سيتمّ إخراجه من البلاد بطريقة ما، فهكذا كانت تسير الأمور حتى اللحظة ، ومن ثم  كانت إيران تقوم ببيعه إلى دول مثل روسيا ، والتي  تقوم بدورها  باستبداله باليورانيوم الطبيعي. ما أقدم عليه الأمريكان يشير إلى عدم معارضتهم لما تقوم به إيران من عمليات تخصيب، إنما تكمن معارضتهم في أن إيران يمكن الحصول لها على اليورانيوم الطبيعي في مقابل تصدير اليورانيوم المنخفض التخصيب”.

رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني  قال في معرض ردة فعله على القرار الأميركي إن إيران ستقوم بتخصيب اليورانيوم سواء اشتروا الماء الثقيل أو لم يشتروا ، وأضاف بأن طهران تستطيع فعل أي شيء بقدراتها الأولية . لكن ما إمكانية تقدم البرنامج النووي الإيراني على ضوء هذه التطورات  الخاصة بالعقوبات النووية الأميركية الجديدة ، خاصة في حال لم يتوفر سوق لهذا الماء الثقيل عندها ما الذي ستفعله إيران؟  فعلياً لا يمكنها فعل شيء قط، فإذا لم تتمكن إيران من بيع اليورانيوم المخصب والماء الثقيل، فلا معنى لما تقوم به، وفيما يتعلق بإنتاجها للماء الثقيل فهذا يعني أن أجهزة إيران لإنتاج الماء الثقيل ستتوقف عن العمل في حال لم تتمكن فيه إيران من بيع هذا المنتج، كما يجب عليها العثور على زبائن لشراء ما تخصبه من اليورانيوم ،  تجدر الإشارة هنا إلى أن إيران لم تمنع من بيع ما تخصبه من يورانيوم، إلا أنها منعت من شراء اليورانيوم الطبيعي مقابل بيعها لليورانيوم المخصب، فمن هذا البعد تكمن أهمية ما تقوم به أمريكا من جهود تتعلق بممارسة المزيد من الضغوطات الاقتصادية على إيران حيث تمثلت هذه الجهود بقطع الصادرات النفطية الإيرانية إذ تمكنت بذلك من سلب التأثير على الهيبة الإيرانية، الذي صدعت فيه رؤؤس العالم من خلال الخطب النارية التي توعدت فيه برد قاس ومدمر .

بموازاة ذلك فإن العقوبات النووية الأميركية الجديدة لإيران زادت من عمق المأزق الإيراني بهذا الخصوص   ، حتى وإن كان البرنامج النووي الإيراني لا يمثل للاقتصاد الإيراني أي أهمية قط، إلا أنه يمثل جانب من سمعة إيران وهيبتها  ، ولهذا فقد أقدمت الولايات المتحدة الأمريكية  على إضافة هذا الموضوع للنيل من صورة إيران ومصداقيتها  على أمل تقوم إيران بالتوقف عن التدخل في شوؤن المنطقة و ممارسة مزيد من الضغط . لكن وفق ما يجري من تطورات ، ما هو موقف دول الاتحاد  الأوروبي على كل ما يجري على اعتبار كونه الطرف الضامن للاتفاق النووي مع إيران ؟  من المؤكد أن الطرف الأوروبي لم يعد بوضع يسمح له بمواجهة العقوبات الأميركية ، وما تصريحات ظريف أول من أمس حول أن العواصم ا؟لأوروبية لم تنفذ أكثر من 10% مما التزمت به فعليا ، هذا عدا أن روسيا والصين باتت تمارس دبلوماسية المتفرج ، مع تعهد موسكو بأن تكون المزود الأساسي للنفط للصين في حال قررت وقف استيراد النفط من إيران ، وكل هذه التطورات تشي أن الروس  باتوا منشغلين بتحصيل أكبر قدر من المكاسب من الأزمة المشتعلة بين واشنطن وطهران .

تعليق واحد

  1. بوركت جهودكم دكتور، كل عام وانتم بالف خير أعاده الله عليكم سنين عديدة بالخير والصحة والعطاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى