لم نشهد على المدى المنظور هذا الضجيج الإعلامي المرافق للانتخابات الأميركية عام 2020 الذي اختلطت فيه السياسة والإعلام والمال في واحدة من أهم الانتخابات التي يتنافس فيها الجمهوري دونالد ترمب والديمقراطي جو بايدن، وما سينتج عنها في هذا الماراثون الانتخابي الذي اقترب من نهايته.
وشهدت الولايات المتحدة الأميركية على مدى الشهور الماضية منافسة وصفت بالشرسة بين “بايدن وترامب” على الظفر بالبيت الأبيض، حيث توصف الانتخابات الأميركية بالمعقدة؛ لأنها عملية طويلة تمتد على مدى سنتين تم بموجبها انتخاب المرشحين وتضم سلسلة من الانتخابات الأولية عبر الولايات الخمسين، وذلك قبل البدء بالانتخابات العامة، في الثالث من الشهر المقبل.
وتلعب وسائل الإعلام الأميركية دورا محوريا في تشكيل الرأي العام وترجيح كفَّة بعض المرشحين، هذا فضلا عن دور المال في دعم الحملات الانتخابية للمرشحين، حيث تمول أسر ميسورة نصف تكاليف الحملات الانتخابية.
ولا يمكن إنكار دور المال أو التقليل منه في انتخابات 2020، لكن من المهم التذكير بأن أهمية المال تنبع من تمكينه للمرشح بأن يتواصل مع المواطنين الناخبين عبر التلفزيون أو الإذاعة أو إعلانات الطرق أو حتى إعلانات على شبكات التواصل الاجتماعي.
ومن هنا تظهر العلاقة الملتبسة بين الإعلام والمال، إذ يلعب الإعلام دورا طاغيا في التأثير على هوية المرشح الفائز وتسويقه عبر وسائل الإعلام المختلفة. ويتوقع أن تصل كلفة الحملات الانتخابية 2020 بنحو 20 مليار دولار، يذهب منها مليار دولار للإعلان في وسائل التواصل الاجتماعي.
ومن الآن، وحتى موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية سيستمر السباق بين المرشحين بايدن وترامب، غير أن الانتخابات غالبا ما تحمل معها مفاجآت وتطورات، لا سيما في ظل الحركة الدؤوبة لكل من الإعلام والمال وأثرهما في صعود أو هبوط أسهم هذا المرشح أو ذاك.
وعندما نرصد دور الإعلام والمال في مسار الانتخابات الأميركية، فإننا نتوقف عند خواتيمها وارتداداتها على الصعيد العربي والدولي وعلاقتها بالأزمات التي يشهدها العالم، وكيفية تعاطي الإدارة الأميركية الجديدة معها جمهورية كانت أم ديمقراطية.
أما على الصعيد السياسي فالعلاقة مع إيران وبرنامجها النووي، ومستقبل الوجود الأميركي بالعراق، ومسار الأحداث والقضية الفلسطينية واليمن ولبنان وسوريا ستكون على طاولة الرئيس الجديد.
وعلى الرغم من أن وباء كورونا يهيمن على المشهد في أميركا والعالم، وتصاعد الجهود للحد من طغيانه بتصنيع لقاح مضاد، غير أن مستقبل العلاقة الأميركية الصينية، وأيضا مع أوروبا سيكونان في صدارة اهتمام الرئيس الجديد؛ لأن الإدارة الجديدة ستضعهما في صدارة انشغالها لعلاقتهما بمسار الأحداث في العالم وأزماته التي بدأت تتصدع من فرط اختلاف الرؤى في حلها، وتغليب الحوار على سواه في حل الأزمات والمشاكل بعيدا عن قعقعة السلاح وما يترب عليه من كوارث على الإنسانية.
والسؤال: هل نحن على أعتاب مرحلة جديدة قد ترسم ملامحها الإدارة الأميركية الجديدة تأخذ بنظر الاعتبار تنامي ظهور لاعبين على المسرح العالمي يتقاطعون في موقفهم مع الإدارة الجديدة؟ أم أن تنامي دور التنين الصيني وأوروبا سيبقيان هاجس الرئيس الأميركي الجديد؟

775