على أي سيادة تتكلمون ؟

ا. د. محمد طاقة

أستدعت وزارة الخارجية السفير التركي في العراق وسلمته مذكرة احتجاج شديدة اللهجة ، كما وصفها بيان وزارة الخارجية ، بسبب تجاوز تركيا على السيادة العراقية شمالي العراق.
وسبق ذلك تصريح لرئيس الوزراء أنه لن يسمح أبدا بالمساس بسيادة العراق.
وتبين لي ، بنحو لا يقبل الشك ، أن السادة في حكومات الاحتلال ومنذ سنة ٢٠٠٣ والى يومنا هذا ، لا يفقهون معنى السيادة.
ان السيادة وصف ، للدولة ، التي لها سيطرة مطلقة على أراضيها وما فيها وما فوقها ، فهي تشمل الارض والإنسان ، وهي التي تنظم علاقاتها الخارجية بما تمليه عليها مصالحها الوطنية والسيادية ، كما تتمثل في بسطها لانظمتها وسلطاتها على إقليمها ومحافظاتها ، وتشمل رعاياها الذي يعيشون في كنفها ، وعرفها القانون الدولي بأنها ( اي كيان سياسي تعبر عنه حكومة مركزية لها سيادة على منطقة وحدود جغرافية معروفة ، وحكومة واحدة الخ. )
فعلى أي سيادة يتكلم مستوطنو المنطقة الخضراء ؟ ثمة دول سيادتها كاملة وهي الدول التي تمتلك إستقلالية أدارتها لشؤونها الداخلية والخارجية ، وهي مسؤولة عن حماية حدودها وصحة شعبها وتعليمه وتوفير الأمن والامان له ، وهي التي تحدد
أنماط علاقاتها مع الدول الاخرى
آخذة بنظر الاعتبار مصلحة البلد.
وثمة دول منقوصة السيادة ، نظرا لخضوعها لدولة اخرى ، بسبب فقرها ، وضعفها ، وتخلفها ، فترتهن لغيرها.أما نحن ( في العراق ومنذ سنة ٢٠٠٣ ) فلدينا دولة عديمة السيادة، لا تنطبق عليها شروط دولة ذات سيادة ولا دولة منقوصة السيادة ، بل هي دولة محتلة ، غزتها امريكا وبريطانيا بالتعاون مع ايران وبعض الدول العربية.
ونصبوا مجموعة من اللصوص وقطاع الطرق ، والعملاء والأميين ، على رأس السلطة.
وتم تشكيل حكومات احتلال تعاقبت على الحكم ، وبعد خروج القوات الامريكية ، تسلمت أيران زمام الأمور في البلد وحتى يومنا هذا ، بالاتفاق بينهما.
والعراق ، اليوم ، أرضه واقتصاده وأمنه وشعبه تستبيحها ايران ومليشياتها السائبة.
كيف يفهم مستوطنو الخضراء السيادة ؟ هل تعني السيادة أن تسيطر المليشيات التابعة لإيران على المنافذ الحدودية وتسرق مواردها ، هل تعني لهم السيادة التجاوز على حقوق الانسان ، وأضطهاد الشعب ، وقتل الأبرياء من المتظاهرين ، الذين يمارسون حقهم بالتظاهر. وقتل الاعلاميين الوطنيين وتكميم أفواههم كما فعلوا مع المغدور هشام الهاشمي ؟ هل السيادة أن تتحكم ايران بقرارات العراق السياسية والاقتصادية ، وتفرض عليه اسم رئيس الوزراء وأسماء الوزراء ؟ أين السيادة ودول تسرق نفطنا وتأخذ من أراضينا وتتحكم بمنفذنا الوحيد على الخليج ؟
وحدودنا مع ايران مفتوحة من دون رقابة وهي تدخل وتخرج
كما تشاء ومتى تشاء ، وتتحكم بها ميليشياتها وتهرب اليها نفطنا ، وتنعش تجارة المخدرات ، وتنشر الفساد في البلاد ؟
اين السيادة والرئيس الامريكي ووزراؤه وقياداته العسكرية يصولون ويجولون في العراق من دون علم أحد ؟
يتحدثون عن السيادة وهم يعقدون آلاف الصفقات الوهمية
ويسرقون قوت الشعب العراقي من خلالها ، وحكام الصدفة يتفرجون على ذلك كله؟
اين السيادة ومستوطنوا الخضراء يزرعون الطائفية والعنصرية ويدمرون البنى التحتية للمجتمع العراقي ، وبالأخص البنى الاجتماعية ( الصحة والتعليم والخدمات الاخرى ) ؟ ، أين مستوطنواالخضراء، وهم أخطر عملاء العصر ،من ملايين المهجرين والأرامل والأيتام وساكني الخيام ، ومعدلات الفقر والجوع ، تزداد حتى وصلت نسبة من يعانون الجوع والفقر من أبناء الشعب نحو ٤٠ بالمئة.
لقد بدد وكلاء امريكا وإيران خلال هذه السنوات العجاف اكثر من ترليون دولار ذهبت أكثرها الى ايران وحزب الله ، وتمويل المليشيات الإيرانية التي تتحكم بالعراق. ووصل الامر بهم الى التسول من الدول لدفع رواتب الموظفين والمتقاعدين ، وتحت أيديهم وطن من أغنى بلدان العالم ، وأوصلوا مديونية العراق الى أكثر من ١٥٠ مليار دولار. كما بات البلد من أسوأ بلدان العالم في الفساد المالي والاداري ، وأسوأ بلد في كل شيء.
فالعراق اليوم ، فاقد لسيادته تماما بسبب العملية السياسية الفاسدة التي صممتها أمريكا وأيران بهدف تدمير العراق. هذه هي الطبقة السياسية فاقدة الأخلاق والوطنية ومعاني الانسانية وكل شيء يمت للانسانية والمباديء والاخلاق.
فعن أي سيادة يتحدثون والعراق بلد بلا سيادة ؟

مقالات ذات صلة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى