عندما تخضع الحيوانات لحكم الخنازير

تعد قصة مزرعة الحيوان لجورج أورويل والتي كتبها عام 1944، أحدى أهم النتاج القصصي في العالم حتى تم تصنيفها ضمن اهم 20 رواية في تاريخ البشرية. وقد أبدع أورويل في تصوير كيفية انقلاب الثوار الى مستبدين بعد ان يملئوا عقول الناس بأحلام الثورة والمجتمع السعيد الذي سيعيشون فيه إذا ساعدوهم في الثورة. ولان أورويل عاش زمن الاستبداد فقد استعاض بالحيوانات كأبطال لقصته كما فعل من قبله الفيلسوف بيدبا ليتجنب غضب المستبد دبشَليم في كليلة ودمنة لابن المقفع. وبعد ان يُقنع حكيم الخنازير(ميجر)،جماهير الحيوان في المزرعة بظلم السيد (جونز )مالك المزرعة واستغلاله لهم ،تثور الحيوانات،بقيادة طبقة الخنازير،على جونز وتطرده شر طردة فيستتب لها حكم المزرعة بكل ما فيها من ثروات. وشيئاً فشيئاً تبدأ الخنازير التي صارت هي الطبقة القائدة بممارسة الاستبداد على بقية الحيوانات مستثمِرةً قربها ممن دعا للثورة وبشر بها(الخنزير ميجر)! فكانت الحيوانات تعمل وتشقى في الانتاج والحصاد وتكتفي الخنازير بالتوجيه والقيادة.ليس ذاك فحسب وإنما اكتشفت الحيوانات ان الخنازير باتت تستأثر لنفسها بالطعام الجيد(الحليب والتفاح)اللذان اختفيا من موائد الحيوانات. والغريب انه على الرغم من ان الحيوانات كانت تلاحظ خلال الاجتماعات العامة خلافاً جدياً يصل لحد العراك بين الخنازير في مختلف المسائل ،الا انها كانت متفقة فيما بينها تماماً على الاستئثار بالتفاح والحليب لنفسها دون سائر الحيوانات.
فلما ادركت تلك الحيوانات ان الخنازير كانت تسرق جهدها وخيرات المزرعة وتستأثر بها لنفسها،وانها صارت تمارس طبائع الاستبداد عليها،بدأت بالتململ والشكوى فتداعت لاجتماع عام مطالبةً الخنازير بالمساواة. وصاحت الحيوانات بصوت واحد،كلا للظلم،نعم للمساواة.هنا أنبرى الخنزير المفوه سكويلر مخاطباً الحيوانات: أيها الرفاق..لا تظنوا اننا نحن الخنازير نتصرف بأنانية،فنحن نكره الحليب والتفاح،لكننا نريد المحافظة على صحتنا لان في الحليب والتفاح مواد ضرورية لصحة الخنازير!ولاننا نعمل بعقولنا لقيادة وتنظيم المزرعة لذا يجب ان نحافظ على صحتنا لأجلكم لا لأجلنا. أيها الرفاق..عليكم ان تدركوا اننا اذا تقاعسنا عن واجبنا فسيعود جونز ليحكمكم فهل تريدون ذلك؟ثم صرخ قائلاً..أجيبوني ..هل تريدون ذلك؟ هنا أطرقت الحيوانات برؤوسها دون ان تجد شيئاً لتقوله. فهي تكره ان يعود السيد جونز ليحكمهم.لذلك فلم يعد التفاح والحليب من الاولويات ووافقوا ان يكون من حصة الخنازير التي تحميهم من عودة جونز.
رسالتي الى الشعب التعبان..ليس بالتفاح والحليب يعيش الانسان..المهم تشبع التيجان..كي لا يعود لحكمنا جونز السلطان.

مقالات ذات صلة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى