قد لايختلف اثنان على انه لا توجد قوة في الدنيا تظاهي الأمل، باعتباره نافذة للنور تحفز الانسان لاطلاق مكنوناته وطاقاته وتوظيفها لتخطى العقبات وتجاوز المحن، وهى طاقة فاعلة وإيجابية تمنح الانسان مزيدا من الثقة بالنفس والمطاولة والصبر على مواجهة التحديات
لقد ولد الأمل مع الانسان منذ أن أبصر النور وبدأ يتحسس الأشياء ويعيش تفاصيلها في كل مرحلة من حياته
فالتفاؤل أول طريق النجاح، والأمل أهم دوافع العمل لتخطي عاديات الزمن والأمل بالغد هوعمل وعلم وفن تشترك فيه كل عناصر المجتمع الأسرة والمدرسة والبيئة وحتى الإعلام ، لابراز النظرة التفاؤلية والإيجابية للحياة، وغرز هذا الشعور بالنفس
والأمل بالمفهوم المتداول هو إيمان راسخ لا يهتز، ليس مجرد عاطفة، تجعل الانسان يؤمن بأن المستقبل أفضل من الحاضر ومن دون ترسيخ الامل في النفوس وبغيابه يسيطر الحزن والانكسار والتشاؤم والقلق والوحدة، وتتراجع الهمة، وضعف الروح المعنوية
وحتى نقرب الصورة اكثر ونبرز مفاعيل الأمل وديمومته ورسوخه عند العرب في تعاطيهم مع قضاياهم وحقوقهم المشروعة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني في ارضه ورفضه مصادرتها فمذ النكبة عام 1948 وحتى يومنا هذا مرورا بالحروب العربية الأسرائيلية خلال العقود السبع الماضية بقي الأمل راسخا بالنفوس على امل العودة الى الديار مهما طال الزمن في مشهد يبرز تمسك الفلسطينيين بحقوقهم الثابته وتحول مفتاح الدار الذي يحتفظ به الفلسطينيون الذين ارغموا على التهجير ومصادرة منازلهم بالقوة عنوان للأمل المنشود والتمسك بخيار العودة رغم حال الضعف والهوان الذي صاحب قضيتهم لكنهم حولوا الأمل الى خيار يقربهم للعودة الى الديار
فالأمل الذي يشع بالنفوس ويعطي نافذة للخلاص من الإحباط والخوف كان الدافع لثوار ثورة تشرين لاطلاق شرارة الثورة المباركة رغم آلة القمع الحرب والعدوان لوأد مشروعهم الا انهم تمسكوا بثوابت الوطن واشتراطات فك اسره من مغتصبيه الذين رهنوا ارادته بقوى البغي والعدوان
ونحن على في الذكرى الاولى لثورة تشرين فقد حول الثوار العراق الى ميدان وساحة لانتفاضة مستعرة لم تهدأ رغم ازيز الرصاص والقتل والخطف والاعتقال في ملحمة تاريخية اعادت الى الاذهان ثورة العشرين التي وحدت العراقيين في مواجهة الاستعمار البريطاني
فلأمل في الحالة العراقية تحول الى سلاح ماض في مواجهة الإحباط والاستسلام ومحاولات تعطيل استنهاض طاقات الثوار في ميادين الشرف والعزة في مقاربة تاريخية مع ثورة العشرين أن لم نقل ان ثورة تشرين هي امتداد لها
اذا نحن أمام مشهدين الأول يسعى لغرس الامل بالمستقبل وتكريسه في النفوس عبر ثورة تقتلع أسس الطائفية ومشروع الاحتلال وعمليته السياسية فيما يسعى الخيار الثاني متمثلا باحزاب السلطة الحاكمة الى إشاعة الإحباط والقنوط في النفوس من خلال اضعاف إرادة التغيير بقوانين استغلالية تحول الانسان الى مجرد رقم في العملية الإنسانية وتصادر حقه في حياة هانئة تستند الى امل يحاول الخيار الثاني مصادرته ونزع مفاعيله الإيجابية والإنسانية
من هذا الإحساس بالقيمة الحقيقية لخيار الأمل ومدلولاته الإنسانية ينبغي ان نبحث عن طرق واستنباط أساليب جديدة لفتح المزيد من نوافذ الأمل وفتح مغاليقه الذي يحاول الخيار الثاني ابقاءه موصدا بوجه رياح التغيير والأمل المنشود
لقد بات واضحا ان مايشهده العراق لاسيما منذ انطلاق ثورة تشرين المباركة هو إيذانا ببدء مرحلة وحدت العراقيين عنوانها التغيير الحقيقي يقودها شباب الثورة يحدوهم الامل ببزغ فجر جديد وهو آت لاريب فيه